جريدة المجالس

عالمك الالكترونى لكل ما هو جديد معانا هتقدر تعرف كل الاخبار المحلية و الدولية من رياضية و سياسية و اقتصادية.

غير مصنف

الخطة شامل لتصفية الثغرة من أسرار حرب أكتوبر

بقلم هيام محى الدين

الخطة شامل لتصفية الثغرة
من أسرار حرب أكتوبر:
بعد المفاجأة الاستراتيجية التي لحقت بالجيش الإسرائيلي على جبهتي سيناء والجولان ونجاح القوات العربية على الجبهتين في مفاجأة العدو مما أدى إلى عجزه عن تنفيذ ضربة الإجهاض التي كان يعتمد عليها لسحق أي استعدادات عربية للهجوم عليه قبل وقوعه ، وبعد فشل هجومه المضاد الرئيسي الذي علق عليه آماله لرد الهجوم المصري على جبهة قناة السويس وإعادة الموقف إلى ما كان عليه قبل ظهر يوم 6 أكتوبر 1973 كان موقف القيادة الإسرائيلية

يتركز على ضرورة تغيير الوضع الاستراتيجي على الجبهة المصرية تغييرا جذرياً قبل أن يصدر القرار المنتظر من مجلس الأمن بوقف إطلاق النار في ظل هزيمة منكرة لإسرائيل وانتصار ساحق لمصر وهو الأمر الذي لا يمكن أن تقبله إسرائيل وأصدقائها في البيت الأبيض وعلى رأسهم هنري كيسنجر اليهودي الديانة مستشار الرئيس نيكسون للأمن القومي في ذلك الوقت ، وكانت الطريقة

الوحيدة لتحقيق ذلك هي عبور القوات الإسرائيلية إلى غرب القناة بعملية سريعة ومفاجئة والعمل على مؤخرة الجيش الثاني والثالث لتحقيق الإخلال بالتوازن الاستراتيجي للقوات المصرية على ضفتي القناة ومحاولة تدمير رءوس الكباري شرق القناة مع إحراز مكاسب سياسية وإعلامية عالمياً وفرض حصار على الجيشين الثاني والثالث أو أحدهما بقطع مواصلاتهما مع غرب القناة وبذلك يتحقق نصر عسكري ضخم بالاستيلاء على مدينتي السويس

والإسماعيلية أو إحداهما ؛ خاصة أن الدعم العسكري الأمريكي اعتباراً من يوم 7 أكتوبر عوض إسرائيل عن خسائرها وزودها بالكثير من الأسلحة المتطورة التي لم يحصل عليها الأمريكي نفسه ، وكانت فكرة عبور القوات الإسرائيلية إلى غرب القناة عنصرا أساسياً في التخطيط العسكري الإسرائيلي الذي تم وضعه منذ عام 1968 للدفاع عن سيناء في مواجهة أي هجوم مصري واسع النطاق عبر قناة السويس ، وترددت القيادة الإسرائيلية يوم 12 أكتوبر في تنفيذ خطة العبور إلى الغرب نظرا لوجود قوة مدرعة وميكانيكية ضخمة في الاحتياطي التعبوي المصري غرب القناة تزيد على 400 دبابة ومئات المدرعات مما يعرضهم لمخاطر قاتلة ، ولكن عبور هذه القوات في مساء نفس اليوم إلى شرق القناة لتطوير الهجوم لتخفيف الضغط على الجبهة السورية والذي تم يوم 14 أكتوبر أعطى للإسرائيليين الضوء الأخضر لتنفيذ خطتهم فور صد الهجوم المصري ففي مساء يوم 15 أكتوبر عبرت بضع دبابات إسرائيلية إلى الغرب وظهرت يوم 16 أكتوبر

لتضرب وتختفي بين الأشجار تمهيداً لعبور كبير قامت به ثلاث فرق مدرعة إسرائيلية احتشدت في منطقة الدفر سوار غرب القناة بعد أن وسعت ثغرة الدخول شمال البحيرة المرة الكبرى ، بقيادة أريل شارون وأبراهام أدان وكلمان ماجن تضم سبعة ألوية مدرعة ولواء مظلات ولواء ميكانيكي ، ولم تلتفت القوات الإسرائيلية إلى صدور قرار وقف إطلاق النار في 22 أكتوبر وإنما استغلته لتوسيع نطاق عملياتها شمالاً في اتجاه الإسماعيلية حيث ووجهت بمقاومة ضارية كبدتها خسائر فادحة فتحولت إلى الجنوب في اتجاه السويس مخالفة قرار وقف إطلاق النار وتمكنت من ضرب نطاق حول المدينة حتى ميناء الأدبية ولكنها فشلت في دخول السويس ولقيت هزيمة منكرة داخل شوارع المدينة يوم 24 أكتوبر ، وقامت القوات المصرية بشن حرب استنزاف ضد القوات الإسرائيلية

بدءا من يوم 24 ونفذت 439 عملية عسكرية ضدهم مما كان له تأثير سيء على الروح المعنوية للجنود الإسرائيليين واضطراهم إلى حفر خنادق مضادة للدبابات بعرض 7 أمتار وعمق 5 أمتار كما قاموا بزرع 750 ألف لغم مضاد للأفراد وللدبابات ، في الوقت الذي ارتفعت فيه الروح المعنوية للقوات المصرية واستهانتهم بتلك التحصينات التي لا تقارن بتحصينات خط بارليف التي اقتحمها المصريون يوم 6 أكتوبر ، كما بقيت رءوس جسور الجيش الثالث شرق القناة صامدة قوية ولم تفكر مطلقاً في الانسحاب إلى غرب القناة رغم انقطاع خطوط مواصلاتها مع احتياطياتها في الغرب نظراً لكفاية حجم المخزون المكدس فيها من احتياجاتها الإدارية ، فبدا للعيان فشل القوات الإسرائيلية

في القضاء على الاحتياطات التعبوية للجيشين الثاني والثالث أو الاحتياطي الاستراتيجي للقيادة العامة بل تمكنت هذه القوات من حصار الفرق الإسرائيلية الثلاث ومنع انتشارها غرباً واضطرتها إلى اتخاذ أوضاع دفاعية فوجد الإسرائيليون أنفسهم في مأزق عسكري خطير واختل توازنهم الاستراتيجي شرق القناة وغربها وأصبحت القوات الإسرائيلية داخل الجيب غرب رهينة لدى القوات المصرية التي تحاصرها ؛ كما اضطروا للاحتفاظ بدرجة تعبئة عالية لمدة طويلة مما يخالف عقيدتهم العسكرية ويهدد اقتصادهم بالشلل ؛ وتأكدوا أن عبورهم غرب القناة لا يمكن أن يغير مجرى الحرب وإنما هو عملية

دعائية عديمة القيمة من الناحية العسكرية ، وابتداء من 29 أكتوبر وحتى 24 ديسمبر حين تم اكتمال وضع الخطة شامل لتصفية الثغرة تم تعيين اللواء سعد مأمون قائدا لقوات تصفية الثغرة غرب القناة حيث حدد أهدافه التي تمثلت في التأكد من مقدرة قواتنا في مناطق رءوس الكباري شرق القناة على صد أي هجمات رئيسية توجد ضدها ثم قام بحشد كل ما أمكن حشده من القوات المسلحة المصرية وما أمكن تدعيمها به من قوة بشرية وأسلحة ومعدات من الدول العربية والصديقة ( الاتحاد السوفيتي – الجزائر – ليبيا – منظمة التحرير )

وقد بلغ هذا الحشد عند وضع الخطة شامل ضعف القوات الإسرائيلية غرب القناة من المدرعات والدبابات وقوات الصاعقة والمشاة وقواعد الصواريخ المضادة للدبابات والطائرات وكانت الخطة المصرية تتمثل في خمسة محاور:
1- هجوم مزدوج من الشرق ( الفرقة 16 من الجيش الثاني ) والغرب ( الحشد المحاصر للجيب الإسرائيلي ) على الفتحة التي تربطه بقواته في سيناء وغلقها لمنع الإمداد عن قوات الثغرة.
2- هجوم بالمدرعات البرمائية وقوات الصاعقة عبر البحيرة المرة الكبرى لتأمين شاطئها الشرقي ومنع استخدامه لنجدة القوات الإسرائيلية في الغرب.
3- هجوم مدرع بالدبابات والمشاة الميكانيكية على طريق جنيفة لتصفية القوات الإسرائيلية حتى شاطئ القناة شمال السويس.
4- هجوم مدرع بالدبابات والصاعقة من منطقة قيادة الجيش الثالث غرب القناة في اتجاه مدينة السويس لفك الحصار عنها وإعادة الاتصال بالفرقتين 7 ، 19 شرق القناة.
5- هجوم بري وبحري من جنوب ميناء الأدبية على خليج السويس في اتجاه الشمال لتدمير القوات الإسرائيلية المحاصرة لميناء الأدبية ينتهي أيضاً في مدينة السويس ( أنظر الخريطة )
وقد صدق الرئيس السادات على الخطة وقرر البدء في تنفيذها عند صدور الأمر بذلك اعتبارا من يوم 24 ديسمبر 1973 ، ومن خلال صور الأقمار الصناعية الأمريكية أدركت الولايات المتحدة أن 37 ألف جندي إسرائيلي غرب القناة سوف يدمرون تماماً إذا نفذت القوات المصرية هجوماً عليهم فأسرع هنري كيسنجر إلى مصر وقام برحلاته المكوكية الشهيرة التي انتهت إلى إبرام اتفاق الفصل بين القوات وانسحاب القوات الإسرائيلية من غرب القناة وامتداد انسحابها في الشرق إلى ما وراء الممرات ، ولم يكتب للخطة شامل أن تنفذ