جريدة المجالس

عالمك الالكترونى لكل ما هو جديد معانا هتقدر تعرف كل الاخبار المحلية و الدولية من رياضية و سياسية و اقتصادية.

تقارير

ثورة الملالي في إيران

كتب / كريم الرفاعي

تقرير الاعلامي / سامي دياب

تقرير صادر عن حركة عرب بلا حدود ” التحالف الشعبي العربي لمناهضة المخطط الصفوي الفارسي ” 

وصل الشاه محمد رضا بهلوى إلى السلطة سنة 1941 بعد عزل والده رضا بهلوي، من قبل غزو تحالف القوات البريطانية والسوفياتية سنة 1941. رضا شاه رجل عسكري، معروف بتصميمه على تحديث إيران وعداؤه لطبقة المتدينين. أمسك محمد رضا بهلوي بالسلطة حتى ثورة 1979 مع انقطاع قصير في سنة 1953؛ حين تعرض لمحاولة ثورة. في تلك السنة فر من البلاد لفترة وجيزة بعد صراع على السلطة نشأ بينه وبين رئيس وزرائه محمد مصدق الذي قاد حملة لتأميم حقول النفط في البلد وسيطر على القوات المسلحة. وتم عبر انقلاب العسكري رعته وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والاستخبارات السرية في عملية سرية أطلق عليها اسم عملية آجاكس، الإطاحة بحكومة محمد مصدق واعتقاله وإعادة الشاه إلى العرش.مثل والده الشاه البهلوي رغب في تحديث وتغريب البلاد، فاحتفظ بعلاقات وثيقة مع الولايات المتحدة ومعظم الدول الغربية، وكثيرا ما أشاد الزعماء الأميركيون به وبسياسته وصموده المعارض لشيوعية. المعارضة لحكومته جاءت من اليساريين والقوميين والجماعات الدينية التي انتقدته لانتهاك الدستور الإيراني، والفساد السياسي، ووحشية القمع السياسي بالبوليس السري سافاك. وكانت لرجال الدين أهمية كبيرة بالنسبة للمعارضة، وهم الذين أثبتوا أهميتهم فيما سبق إبان مظاهرات التبغ التي تحركت ضد عقد احتكاري منحه الشاه ناصر الدين سنة 1891 لشركة بريطانية، والآن أيضاً بدا للفقهاء ورجال الدين أثر كبير على الإيرانيين، خاصة الفئات الفقيرة منهم، الذين عادة مايكونون الأشد تديناً، وتقليدية، وإقصاءً عن أي عملية تغريب. وقد لمعت  شخصية زعيم الثورة الإيرانية أول مرة أوائل عام 1963 لقيادة المعارضة التي تحركت ضد برنامج الإصلاحات الذي أعلنه الشاه والمعروف باسم “الثورة البيضاء”، التي شملت إعطاء حق التصويت والاقتراع للنساء، وتغيير قوانين الانتخابات التي أتاحت انتخاب ممثلين للأقليات الدينية للبرلمان وإجراء تعديلات على قانون الأحوال الشخصية، الذي يمنح المرأة المساواة القانونية في الزواج، وتوزيع ممتلكات بعض رجال الدين الشيعة. في العام التالي نشبت أعمال شغب بعد أن اعتقل الخميني ثلاثة أيام على أثر تصريحه بأن الشاه “رجل بائس سيء”، وقد واجهت الشرطة أعمال الشغب تلك مستخدمة القوة المفرطة، أعلنت تقارير الحكومة سقوط 86 قتيلا، فيما ادعت المعارضة أن الرقم يصل إلى الآلاف. التقارير التي أعدت بعد قيام الثورة أشارت إلى أن أكثر من 380 لقوا مصرعهم على يد الشرطة. وضع الخميني تحت الإقامة الجبرية لمدة 8 شهور ثم أفرج عنه، وتابع التحرك ضد الشاه بخصوص علاقته مع إسرائيل، وخصوصا “تنازلات” الشاه لتمديد الحصانة الدبلوماسية لعسكريين أميركيين. أعيد اعتقال الخميني في نوفمبر 1964 وأرسل إلى المنفى وبقي فيه لمدة 14 عاما حتى قيام الثورة. وتبعت ذلك فترة من “الهدوء الساخط”، قام فيها البوليس السرى سافاك بقمع المعارضة، ولكن بوادر الصحوة الخمينية بدأت بتقويض فكرة التغريب التي ينتهجها نظام الشاه فظهر جلال آل أحمد الذي وصف نهج التغريب بـغرب زدجي أي طاعون الحضارة الغربية وعلي شريعتي، وكذلك تفسير مرتضى مطهري التبسيطي للتشيع، كل ذلك حاز على أتباع ومريدين وقراء والمؤيدين. ويبرز بين هذه القيادات الخميني الذي طور ونمى وروج لنظرية مفادها “أن الإسلام يتطلب حكومة إسلامية يتزعمها ولي فقيه”، أي كبار فقهاء القانون الإسلامي. في سلسلة محاضرات في أوائل سنة 1970، صدرت فيما بعد في كتاب، بين الخميني المذهب الشيعي يتطلب الانصياع لقوانين الشريعة وحدها، وفي سبيل ذلك، لايكفي أن يقود الفقهاء جماعة المسلمين، بل عليهم أن يقودوا الحكومة أيضاً. لم يتحدث الخميني عن هذه المفاهيم في اللقاءات والمحادثات مع الغرباء، لكن الكتاب انتشر على نطاق واسع في الأوساط الدينية، خاصة بين طلاب الخميني والملالي، وصغار رجال الأعمال، وراح هذا الفريق يطور ماسيصبح شبكة قوية وفعالة من المعارضة داخل إيران، مستخدمة خطب المساجد، وتهريب شرائط تسجيلات صوتية للخميني وطرق أخرى، أضافت إلى قوة المعارضة الدينية، في حين ظنت بقية المعتدلين واليساريين والميليشيات المسلحة الأخرى أن الستار سيسدل بعد الثورة وسقوط الشاه على الخميني وأعوانه وأن هذا التيار اليساري سيسطر على الساحة، ولكن الخميني لم يعطهم الفرصة وسيطر على الحكم.في أكتوبر عام 1971 أقام الشاه احتفالاً ضخماً لذكرى مرور 2500 عام على إنشاء الإمبراطورية الفارسية، و الذي دعيت إليه شخصيات أجنبية وعربيه للحفل الذي استغرق ثلاثة أيام مليئة بالتبذير المفرط، قدم فيها أكثر من طن من الكافيار، وجلب 200 طاه من فرنسا لإعداد الولائم. بلغت التكاليف الرسمية للحفل 40 مليون دولار، لكن تقديرات أخرى تشير إلى أن المبلغ تراوح ما بين 100 – 120 مليون دولار، في وقت رزح فيه أبناء الشعب تحت وطأة الجفاف و القحط و الفقر.وفي أواخر سنة 1974 وبدل أن تعمل الطفرة النفطية على إنتاج “حضارة عظيمة” كما وعد الشاه، فقد دقت جرس التضخم والهدر و”الفجوة المتسارعة” بين الأغنياء والفقراء، والريف والمدينة.بات القوميون الفارسيون الإيرانيون غاضبين من عشرات آلاف العمال الأجانب المهرة الذين جاؤوا إلى إيران لتشغيل المعدات العسكرية الأمريكية باهظة التكاليف، والتي لم تحظ بدعم أو قبول شعبي، والتي أنفق الشاه مئات الملايين من الدولارات.في العام التالي أسس الشاه حزباً جديداً سماه “رستاخيز” (أي البعث أو النهضة)، لم يكن “رستاخيز” الحزب الوحيد الذي يمكن للإيرانين الانتساب إليه فحسب، بل كان لزاماً على كل إيراني بالغ أن ينتسب إليه، ويدفع رسومه. المحاولات التي بذلها هذا الحزب لاتخاذ موقف شعبي لصالح حملات “مكافحة الاستغلال” لم تكن ذات ضرر اقتصادي فحسب، لكنها أتت بنتائج سياسية عكسية أيضاً، فظهرت السوق السوداء عوض التضخم وتراجع النشاط التجاري، وغضب التجار وفرت رؤوس الأموال.في سنة 1976، أثارت حكومة الشاه غضب “تقاة المسلمين” الإيرانيين بتغيير بداية السنة الإيرانية، من سنة الهجرة النبوية إلى سنة اعتلاء سايروس العرش الفارسي، إيران قفزت بين ليلة وضحاها من سنة 1395 للهجرة إلى سنة 2535 الملكية، وفي السنة نفسها أعلن الشاه التقشف الاقتصادي بهدف كبح التضخم والهدر، البطالة الناجمة عن ذلك أثرت سلباً على آلاف المهاجرين إلى المدن، وهم ضعاف وغير مؤهلين لأي حرفة أو صنعة.في سنة 1977، دخل رئيس أمريكي جديد إلى البيت الأبيض، كانت الأمال تحدو جيمي كارتر لتغيير صورة الولايات المتحدة المرتبط بحرب فيتنام، وتغيير السياسة الخارجية، فأنشأ مكتباً خاصاً لحقوق الإنسان، وجه “مذكرة مؤدبة” إلى الشاه بينت فيها أهمية الحقوق السياسية والحريات. واستجاب الشاه بالعفو عن 357 سجيناً سياسياً في فبراير، وسمح للصليب الأحمر بزياره السجون، في مسعى للبدء بطور من التحرر. ما بين أواخر الربيع مروراً بالصيف وإلى بدايات خريف ذلك العام أسست المعارضة الليبرالية منظمات أصدرت من خلالها رسائل مفتوحة تدين فيها النظام. وفي وقت لاحق من ذلك العام التقت مجموعة معارضة رابطة الكتاب دون أن تقوم الشرطة بتفريقها كما جرت العادة. في تلك السنة توفي المفكر علي شريعتي وتشير بعض المزاعم أنه تعرض للتصفية على يد الشرطة السرية السافاك  مما أزال أي منافس محتمل لثورة الخميني.وفي أكتوبر توفي مصطفى ابن الخميني، وفي حين يعتقد أن الوفاة نجمت عن أزمة قلبية، إلا أن المجموعات المعارضة للشاه ألقت بالمسؤولية على السافاك، وأتهمتهم بتسميم مصطفى واعتبر “شهيداً”، صلاة الجنازة على روحه في طهران عادت بالخميني إلى دائرة الضوء، وبدأت صيرورة تحول عبرها الخميني إلى قائد المعارضة المناوئة للشاه.أتت أولى مظاهر المعارضة من الطبقة الوسطى في المدن، وهم فئة من السكان كانواً من العلمانيين نسبياً وأرادوا بناء ملكية دستورية وليس جمهورية إسلامية، ومن أبرز هؤلاء مهدي بازركان من “حركة حرية إيران”، وهي حركة ليبرالية إسلامية معتدلة كانت وثيقة الصلة بالجبهة الوطنية التابعة لمحمد مصدق، وقت لاقت هذه المجموعة دعماً كبيراً في إيران ومن الغرب.انقسم رجال الدين وتحالف بعضهم مع الليبراليين العلمانيين وآخرون مع الماركسيين والشيوعيين، إلّا إن روح الله الخميني والذي كان منفياً في العراق آنذاك، عمل على أن تتوحد المعارضة الدينية والعلمانية والليبرالية والأصولية تحت قيادته، وذلك عبر تجنب الخوض في التفاصيل، على الأقل علناً، لأن ذلك قد يفرق بين الفصائل.عملت مختلف المجموعات المناهضة من الخارج، في الأغلب من لندن وباريس والعراق وتركيا. وسُجلت خطابات قادة هذه الجماعات على أشرطة تسجيل ليتم تهريبها إلى إيران ليستمع إليها الكثيرون من السكان.كانت الجماعات الإسلامية أول من نجح في حشد المناصرين لها ضد الشاه. في يناير 1978 أوردت الصحافة الرسمية قصة تشهير هاجمت فيها الخميني، فخرجت جموع غاضبة من الطلاب والزعماء الدينيين في مدينة قم احتجاجاً على تلك الإدعاءات ، وأُرسل الجيش لتفريق المتظاهرين مما أدى لمقتل بعضهم، ويزعم البعض أن عدد القتلى تجاوز 70 طالباً.ووفقا للعادات الشيعية يجرى حفل تأبين في ذكرى مرور أربعين يوماً من وفاة شخص ما، وأطلقت المساجد في كل البلاد الدعوى للمشاركة في تكريم الطلاب القتلى، واستجابت عدة مدن للنداء وسارت المظاهرات تكريماً للقتلى واحتجاجاً على حكم الشاه، وهذه المرة وقعت أعمال العنف في تبريز، وقتل المئات من المتظاهرين، وتكررت الحلقة مرة أخرى في 29 مارس، حيث وقعت جولة جديدة من الاحتجاج في سائر البلاد، وهوجمت الفنادق الفارهة ودور السينما والبنوك والمكاتب الحكومية ومدارس البنات وغيرها من رموز نظام الشاه، وتدخلت قوات الأمن مرة أخرى، وقُتل الكثيرون، وتكرر الأمر نفسه في العاشر من مايو.في مايو، اقتحمت فرق الشرطة منزل رجل دين سياسي وقيادي معتدل يدعى كاظم شريعتمداري، وأردت أحد أتباعه قتيلاً، على إثر ذلك تخلى شريعتمداري عن صمته وانضم إلى المعارضة. حاول الشاه إرضاء المتظاهرين عبر تخفيف نسب التضخم، وتوجه بالمبادرات إلى بعض رجال الدين المعتدلين، وعزل رئيس السافاك، ووعد بإجراء انتخابات حرة في شهر يونيو اللاحق، ولكن العمل على خفض التضخم عن طريق تقليل النفقات تسبب في ارتفاع نسبة البطالة، خصوصاً في صفوف الشباب غير المؤهلين للعمل كما يجب والذين يعيشون في أحياء فقيره في المدن.في صيف سنة 1978، خرج هؤلاء العمال الذين ينحدرون في الغالب من أصول ريفية تقليدية إلى الشوارع في أعداد حاشدة، في حين أعلن عمال آخرون الإضراب. هكذا ومع حلول نوفمبركان الاقتصاد قد أصيب باللشلل جراء الإضرابات. وخلال عام 1977 التقى شاه إيران مع كل من ألفريد أثيرتون، ووليم سوليفان، وسايروس فانس، والرئيس كارتر، وزبغنيو بريجينسكي، ففي مواجهة هذه الثورة سعى الشاه وراء مساعدة من الولايات المتحدة. فقد احتلت إيران موقعاً استراتيجياً في السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، فهي موالية لأمريكا وتتقاسم حدوداً طويلة مع عدوها في الحرب الباردة الإتحاد السوفياتي، وهي أكبر دولة نفطية قوية في الخليج العربي، لكن الدولة البهلوية حظي بدعاية سلبية لسجله السيء في مجال حقوق الإنسان.السفير الأمريكي في إيران، ويليام سوليفان يقول بأن مستشار الأمن القومي الأمريكي السيد زبغنيو بريجينسكي “أكد للشاه مراراً وتكراراً أن الولايات المتحدة تدعمه بالكامل”. لكن الرئيس كارتر فشل في الالتزام بتلك الوعود والتأكيدات. في 4 نوفمبر 1978، اتصل بريجينسكي بالشاه ليبلغه بأن الولايات المتحدة “ستدعمه حتى النهاية”، وفي الوقت نفسه، قرر بعض المسؤولين رفيعي المستوى في وزارة الخارجية أن الشاه يجب أن يذهب بغض النظر عمن سيحل مكانه.واستمر بريجينسكي والوزير جيمس شليزنغر في التعهد للشاه بأن الولايات المتحدة ستسانده عسكرياً. حتى في آخر أيام الثورة، عندما كان الشاه يعتبر هالكاً لامحالة مهما كانت نتائج الثورة، استمر بريجينسكي في الدفاع عن خطة التدخل العسكري الأمريكي لإعادة الاستقرار الإيراني. الرئيس كارتر لم يحسم كيفية استعمال القوة بشكل مناسب، وعارض قيام الولايات المتحدة بانقلاب وأمر حاملة الطائرات يو أس أس كونستوليشن بالتوجه إلى المحيط الهندي لكنه سرعان ما ألغى أمره، تم التخطيط لصفقة مع جنرالات إيران لتحويل الدعم لصالح حكومة معتدلة، لكن هذه الخطة انهارت مع اجتياح الخميني وأتباعه البلاد، وتوليهم السلطة في 12 شباط/فبراير 1979.استمر العنف ليحصد أكثر من 400 شخص قضوا في حريق سينما ريكس، وهو حريق متعمد وقع في أغسطس في عبدان الأحوازية، ورغم أن دور العرض السينمائي كانت هدفاً مستمراً للمتظاهرين الإسلاميين فقد بلغ انعدام ثقة الجماهير بالنظام، وبلغت فعالية المعارضة في العمل والتواصل حداً جعل الجماهير ترى أن السافاك كان وراء الحادث في محاولة منه لتطويق المعارضة. في اليوم التالي تجمع 10.000 من أقارب القتلى والمتعاطفين لتشييع جماعي حاشد ومظاهرة تنادي ليحترق الشاه والشاه هو المذنب.مع حلول سبتمبر، كانت البلاد مزعزعة على نحو شديد، وتحولت المظاهرات الحاشدة إلى أحداث منتظمة، فرض الشاه الأحكام العرفية، وحظرت كل التظاهرات. وفي يوم الجمعة 8 سبتمبر 1978، خرجت مظاهرة حاشدة للغاية في طهران، إنها المظاهرة التي حولت ذلك اليوم إلى ما بات يعرف اليوم باسم الجمعة الأسود.نشر قادة الثورة شائعات مفادها أن “الجنود الصهاينة يقتلون الآلاف”، بينما كانت القوات التي أطلقت النار في الواقع تابعة لميليشيات الأكراد، وقد بينت التحقيقات بعد الثورة أن عدد القتلى كان صغير نسبياً 89، ولكن في ذلك الوقت ظهرت الحكومة بصورة الحكومة الوحشية أبعدت عنها الكثيرين من الإيرانيين والحلفاء في الخارج. أدى إضراب عام في تشرين أكتوبر إلى شل الاقتصاد والصناعات الحيوية التي أغلقت أبوابها و”حسمت مصير الشاه”.بلغت الاحتجاجات ذروتها في ديسمبر 1978، خلال شهر محرم أحد أهم الشهور لدى المسلمين الشيعة. وفي 12 ديسمبر خرج إلى شوارع طهران نحو مليوني شخص ملئوا ساحة أزادي شاهياد مطالبين بإزالة الشاه وعودة الخميني.في 16 كانون الثاني/يناير 1979 غادر الشاه والملكة إيران نزولاً عند طلب رئيس الوزراء الدكتور شابور بختيار، الذي كان لفترة طويلة زعيم المعارضة، وظهرت مشاهد الابتهاج العفوي، ودمرت خلال ساعات “كل رموز الدولة البهلوية”، وأعلن بختيار حل البوليس السرى السافاك، وأفرج عن السجناء السياسيين، ووعد بانتخابات حرة وأمر الجيش بالسماح للمظاهرات الشعبية. وبعد عدة أيام من التوقف سمح بعودة الخميني إلى إيران وطلب إليه تأسيس دولة مثل الفاتيكان في قم، ودعا المعارضة للمساعدة على الحفاظ على الدستور.في 1 فبراير 1979، عاد الخميني إلى طهران محاطاً بحماس وتحية عدة ملايين من الإيرانيين، إنه بدون جدال قائد الثورة، وأصبح بالنسبة للبعض شخصاً “شبه مقدس”. استقبلته لدى ترجله من الطائرة الجموع الحاشدة بتحية: “السلام عليكم أيها الإمام الخميني”. أوضح الخميني في كلمة ألقاها في اليوم نفسه شدة رفضه لنظام رئيس الوزراء بختيار، ووعد “سوف أركل أسنانهم لقلعها”، وعين منافسه مهدي بازركان مؤقتاً رئيساً للوزراء، وقال: “بما أنني قد عينته، فيجب أن يطاع”، واعتبر أنها “حكومة الله” وحذر من عصيانها، فأي عصيان لها “عصيان لله”، وفيما راحت حركة الخميني تكتسب مزيداً من الزخم، بدأ الجنود بالانضواء في جانبه، اندلع القتال بين الجنود الموالين والمعارضين للخميني بإعلانه الجهاد على الجنود الذين لم يسلموا أنفسهم، الانهيار النهائي للحكومة غير الخمينية حصل في في 11 فبراير عندما أعلن المجلس العسكري الأعلى نفسه “محايداً في النزاعات السياسية الراهنة، لمنع المزيد من الفوضى وإراقة الدماء”.كانت المرحلة الثانية من الثورة مرحلة إسلامية الطابع، وبعد انتصارها الآن هناك ابتهاج كبير في إيران جراء سقوط الشاه، لكن الصمغ الذي أبقى مختلف التيارات الثورية الدينية والليبرالية والعلمانية والماركسية والشيوعية التي عارضت الشاه فقد مفعوله.وكانت مجموعات كثيرة تتنافس كلها على السلطة ولدى كل منها تفسيرات مختلفة لأهداف الثورة هي إنهاء الاستبداد. و مزيد من الإسلام.والحد من التأثير الغربي الأمريكي ومزيد من العدالة الاجتماعية. والحد من اللامساواة.ولكن البقاء كان للأقوى، الخميني وأنصاره. كان الخميني آنذاك في نهاية العقد الثامن من عمره، السابعة والسبعين تقريباً، ولم يتسلم أي منصب رسمي قط، وكان منفياً خارج إيران لقرابة 14 عاماً، وسبق له أن قال لبعض من سألوه عبارات من قبيل: “المرشدون الدينيون لايرغبون بالحكم”. كل هذا ولد انطباعا لدى الكثيرين مفاده أنه يرغب بأن يكون المرشد الروحي صاحب سلطة، لكنه بمهارة اختار التوقيت المناسب لإزالة كل أعداءه وحلفائه الذين باتوا عقبة أمامه وأن يطبق نظام ولاية الفقيه في جمهورية إسلامية يقودها بنفسه.وفي السنة الأولى للثورة كان هناك مركزان للسلطة: الحكومة الرسمية والمنظمات الثورية، رئيس الوزراء مهدي بازركان الذي عينه الخميني، عمل على إنشاء حكومة إصلاحية ديمقراطية، في حين عملت بشكل مستقل كل من المجلس الثوري المكون من الخميني وأتباعه من رجال الدين، والحرس الثوري، والمحكمة الثورية، والخلايا الثورية المحلية التي تحولت إلى لجان محلية. وفي حين راح رئيس الحكومة المؤقتة باذرخان يطمئن الطبقة الوسطى، بات من الواضح أن سلطة اتخاذ القرارات النهائية هو في الهيئات الثورية وفي المجلس الثوري على وجه الخصوص، وفيما بعد الحزب الثوري الإسلامي. ازداد التوتر بين السلطتين بدون شك، رغم أن كلتيهما وضعت وأقرت من قبل الخميني.وفي يونيو، أعلنت حركة الحرية مشروع الدستور، وأشارت إلى إيران باعتبارها جمهورية خمينية، يتضمن مجلس صيانة يتمتع بحق نقض التشريعات المتعارضة مع الإسلام، لكن دون وصي فقيه حاكم، أرسل الدستور إلى “مجلس الخبراء” المنتخب حديثاُ ليعرض أمام أعضاءه الذين حاز حلفاء الخميني على الغالبية بينهم، رغم أن الخميني كان قد أعلن بأن الدستور “صحيح” إلا أنه هو والمجلس أعلنوا رفضهم له، وصرح الخميني بأن الحكومة الجديدة يجب أن تكون قائمة “بنسبة 100 ٪ على المذهب الشيعي”.وضعه مجلس الخبراء دستورا جديدا أوجد من خلاله منصب القائد الأعلى للخميني، ومنحه السيطرة على الجيش والأجهزه الأمنية، والحق في نقض المرشحين للمناصب، كما أقر الدستور بانتخاب رئيس جديد يتمتع بصلاحية أضيق، لكن المرشحين يجب أن يحوزوا على الموافقة المباشرة من القائد الأعلى عبر مجلس صيانة الدستور، وقد أصبح الخميني نفسه رئيسا للدولة مدى الحياة باعتباره “قائد الثورة”، وعندما تمت الموافقة على الدستور في استفتاء أجري في ديسمبر 1979 أصبح “المرشد الروحي الأعلى”، وتقدم رئيس الوزراء في نوفمر إثر شعوره بالضعف وخلافه مع ما آلت إليه باستقالته.بادرت قيادة الثورة في البداية إلى إعدام كبار الجنرالات، وبعد شهرين أعدم أكثر من 200 من كبار مسؤولي الشاه المدنيين بهدف إزالة خطر أي انقلاب، وأجرى قضاة الثورة من أمثال القاضي الشرعي صادق خلخالي محاكمات موجزة افتقرت إلى وكلاء للدفاع أو محلفين أو إلى الشفافية، ولم تمنح المتهمين الفرصة للدفاع عن أنفسهم، ومن بين الذين أعدموا بدون محاكمة عملياً أمير عباس هوفيدا، رئيس الوزراء السابق لإيران، أما الذين هربوا من إيران فليسوا محصنين، فبعد مرور عقد اغتيل في باريس رئيس الوزراء الأسبق شابور بختيار، وهو واحد من ما لايقل عن 63 إيرانيا قتلوا أو جرحوا منذ الإطاحة بالشاه.من أوائل شهر مارس استشعر الديمقراطيون بخيبات الأمل المنتظرة عندما أعلن الخميني “لاتستخدموا هذا المصطلح الديموقراطية، إنها مفهوم غربي”. في منتصف شهرأغسطس تم إغلاق عشرات الصحف والمجلات المعارضة لفكرة الحكومة الخمينية، استنكر الخميني غاضبا الاحتجاجات ضد إغلاق الصحافة، وقال “كنا نظن أننا نتعامل مع بشر، من الواضح أن الأمر ليس كذلك”. بعد نصف سنة بدأ قمع المعارضة الخمينية المعتدله المتمثلة في حزب الشعب الجمهوري، واضطهد العديد من كبارها، ورموزها منهم الشريعتمداري الذي وضع تحت الاقامة الجبرية. وفي مارس 1980 بدأت “الثورة الثقافية”، أغلقت الجامعات التي اعتبرت معاقل لليسار مدة سنتين لتنقيتها من معارضي النظام الديني. في يوليو فصلت الدولة البيروقراطيه 20.000 من المعلمين و8.000 تقريبا من الضباط باعتبارهم “متغربين” أكثر ممايجب.استخدم الخميني أحيانا أسلوب التكفير للتخلص مع معارضيه، وعندما دعا قادة حزب الجبهة الوطنية إلى التظاهر في منتصف عام 1981 ضد القصاص، هددهم الخميني بالإعدام بتهمة الردة “إذا لم يتوبوا”.منظمة مجاهدي خلق هي واحدة من المنظمات المعارضة للحكم الثيوقراطي الديني في إيران، وخلافا لمعظم أطراف المعارضة في إيران اعتمدت منظمة مجاهدي خلق الكفاح المسلح. في فبراير 1980 هاجم رجال مجموعة حزب الله مراكز اجتماعيه ومكتبات ومنابر مجاهدي خلق وعدد من اليساريين الذين يديرون النشاط اليساري في الخفاء. نفذت منظمة مجاهدي خلق مجموعة من التفجيرات والاغتيالات أدت إلى مقتل نحو 70 شخص في مراكز الحزب الإسلامي الجمهوري في يونيو1981، واغتيل في العام ذاته كل من الرئيس محمد علي رجائي ورئيس الوزراء محمد جواد باهونار.  العلاقات الغربية الأمريكية مع إيران وفي أكتوبر 1979 استقبلت الولايات المتحدة الشاه لعلاج السرطان، كانت هناك ضجه كبرى في إيران من جماعة الخميني والجماعات اليسارية تطالب الشاه بالعودة إلى إيران للمحاكمة والإعدام. شباب من أنصار الإمام الخميني اقتحموا السفارة الأمريكية واحتجزوا عشرات الرهائن داخلها في ما أصبح يعرف باسم أزمة الرهائن في إيران. في أمريكا أنصار الشاه لاحظوا أن كارتر لم يقم بما يكفي لدعم الشاه مما تسبب بتحول إيران من حليف إلى عدو ومن ثم وقوع أزمة الرهائن. اعتبر البعض أن دعم الخميني لعملية احتجاز الرهائن كانت مناورة سياسية ذكية هدفها تقسيم مواقف المعارضة ضد الدستور الجديد الذين كان سيتم الاستفتاء حوله بعد شهر، الليبراليون المعارضون للحكم الديني عبروا عن رفضهم لحكم رجال الدين وكذلك لعملية احتجاز الرهائن، في حين أن المنظمات اليسارية وضعت خلافها مع الدستور الجديد جانباً وانضمت إلى الحماس المناهض للإمبريالية في مسعاها لاحتلال “عش الجواسيس”.فشلت محاولات تسليم الشاه للمحاكمة وتوفي في مصر بعد أن منح حق اللجوء فيها من قبل الرئيس المصري أنور السادات، قبل مرور سنة على احتجاز الرهائن، دون أن تؤدي وفاته إلى قطع فتيل الأزمة وفي يوليو 1980، اجتمع زبيغنيو برزينسكي مستشار الأمن القومي بالحسين بن طلال ملك الأردن في عمّان لمناقشة خطط مفصلة يرعى من خلالها الرئيس العراقي صدام حسين تقديم انقلاب في إيران ضد الخميني. الحسين بن طلال الذي كان أقرب حلفاء صدام في العالم العربي، أدى دور الوسيط أثناء التخطيط، الغزو العراقي لإيران سيكون تلبية لدعوة من الضباط الإيرانيين الموالين الذين يخططون لانقلاب أو انتفاضة في 9 يوليو 1980 في عملية أطلق عليها اسم: “نوجة”، تيمناً باسم قاعدة جوية في همدان.وتم تنظيم الضباط الإيرانين بواسطة شابور بختيار الذي فر إلى فرنسا بعد تسلم الخميني السلطة، لكنه كان يدير العمليات من بغداد والسليمانية في الوقت الذي تم في اللقاء بين زبيغنيو والحسين بن طلال، على أي حال فقد تسربت أنباء الخطة إلى الخميني عن طريق عملاء سوفييت في فرنسا وباكستان وأمريكا اللاتينية، وسرعان ماتمكن الرئيس الإيراني أبو الحسن بني صدر من تطويق قرابة 600 من الضباط وأعدم كثيراً منهم، واضعاً نهاية حاسمة لخطة نوجة للانقلاب. قرر صدام إتمام المخطط بدون معونة الضباط الإيرانيين، فيبدأ بذلك حرباً ضروساً دامت 8 سنوات عجاف حصدت أكثر من مليون قتيل ولم تبق ولم تذر.أزعجت الثورة الإيرانيه كل زعماء العراق والكويت والسعودية ودول الخليج عموماً، فقد كان لظهور الراديكالية الشيعية وسيطرتها على حكومة دينية ودعوتها إلى إسقاط الأنظمة الملكية واستبدالها بجمهوريات إسلامية كل ذلك كان انطباعات سلبية بالنسبة للأنظمة العربية في الجوار الشيعي، فهناك أقليات شيعية في كل تلك البلاد. وضعت الجمهورية الخمينية نفسها على أنها منارة للثورة تحت شعار “لاشرق ولاغرب” أي لانتبع نموذج الاتحاد السوفييتي ولانموذج الغرب الأمريكي الأوروبي. زعماء الثورة في إيران قدموا وطلبوا الدعم لقضايا الشعوب الإسلامية وغير الإسلامية، كمنظمة التحرير الفلسطينية، كوبا، الكفاح ضد العنصرية في جنوب أفريقيا، ودعت إلى الثورة لتغيير الظلم الاجتماعي والملكيات والتأثير الغربي، والفساد في الشرق الأوسط وباقي أنحاء العالم. في هذه الظروف قامت إيران وبناء على نهج الخميني إلى ضرورة تحرر الدول من الظلم الاجتماعي والتأثير الغربي قامت بتصدير الثورة إلى الدول المجاورة مثمثلا ذلك باحداث سلسلة من الانفجارات في الجامعة المستنصرية شبيهة بتلك التي سبقت القيام بالثورة الإيرانية في محاولة لتأجيج الشارع العراقي ومن ثم القيام بالثورة في العراق على غرار الثورة في إيران ، كما قامت أيضا بقصف بعض المناطق الحدودية في محافظتي ديالى والكوت ما اعتبره العراق خرقا لاتفاقية الجزائر ومحاولة من إيران لغزو العراق وهكذا بدأت حرب السنوات الثمان بين العراق وإيران، واحدة من أكثر الحروب دموية وتدميراً في القرن العشرين.وباتت الحرب ذريعة يستخدمها النظام لقمع المجموعات المعارضة اليسارية المدعومة من السوفييت، بما في ذلك التعذيب والسجن غير القانوني.وفي محاولة لانهاء الحرب عرض العراق على إيران الهدنة حيث قام في عام 1982 وكمبادرة لحسن النية من العراق بالانسحاب من الاراضي التي احتلها بعد 1980 الا ان الخميني رفض ذلك ، وأعلن أن الشرط الوحيد للسلام “أن النظام في بغداد لابد أن يسقط ويجب أن تحل محله جمهورية إسلامية”. استمرت الحرب لمدة ست سنوات أخرى مع مئات الآلاف من الأرواح والدمار الكبير من الهجمات الجوية، ورغم أن رجال الثورة فشلوا في تصديرها إلى العراق في نهاية الأمر إلا أن الحرب كانت سبيلهم لتوطيد السيطرة على إيران.نجح تصدير الثورة في مكان واحد، وهو لبنان، حيث أدى السخاء الإيراني في تمويل حزب الله إلى إنشاء فريق سياسي وعسكري كبير، أولا في الحرب الأهلية اللبنانية، ثم ضد الاحتلال الإسرائيلي. ومع ذلك، لايزال اعتماد حزب الله على إيران عسكريا وماليا شغلاً شاغلاً خصوصاً بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، بهدف القضاء على حزب الله في يوليو 2006.عندما نشبت الحرب أول الأمر نوقشت في الإدارة الأمريكية، وأبدى البعض تخوفهم من انتصار إيران، ودعوا إلى ضرورة خسارتها للحرب، جاءه الرد يجب أن يخسر الطرفان، وهذا ماحصل.لايمكن إلحاق اللوم على طرف محدد واحد في هذه المأساة، ورغم الدور الأمريكي في التوطئة للانقلاب والإيحاء لصدام بأنه يخوض حرباً أمريكية، بدعم عربي، فإن إصرار الخميني على سقوط نظام صدام كان مراهنة في غير محلها، تسببت في قبوله آخر الأمر التوقيع على وقف إطلاق النار بقوله “إنني أوافق وكأنني أشرب السم”. التخوف الكبير من قبل الملكيات العربية في الخليج من انتقال فكر الثورة ليهدد كراسيهم ساهم في غياب المنطق وإذكاء نار الحرب واستمرارها.

تأثير ما بعد الثورة

دولياً ينظر إلى الثورة الإيرانية على أنها المسؤولة عن بدء حقبة الأصولية الخمينية، من حزب الله إلى تنظيم القاعدة إلى الجماعات الجهادية المتنوعة.في إيران لقيت بعض أهداف الثورة العامة خصوصاً القضاء على العلمانية والنفوذ الاميركي في الحكومة نجاحات معقولة. في حين أن أهداف أخرى مثل زيادة الحرية السياسية والمساواة الاقتصادية والاكتفاء الذاتي وتثقيف الجماهير، والنزاهة والفعالية والكفاءة في إدارة الحكومة لم تلاق مصيراً مشابهاً.التذمر من الاستبداد والفساد الذي انتشر في عهد الشاه وحاشيته يوجه الآن ضد “الملالي في إيران”، الخوف من البوليس السري السافاك حل محله الخوف من الحرس الثوري، على الرغم من بروز درجة من التمثيل الحكومي والانتخابات الديمقراطية في مرحلة ما بعد الثورة من حيث الهيكل السياسي، لكن البعض يتحدث عن انتهاكات لحقوق الإنسان في النظام الديني تزيد عما كان يحصل في عهد الملكية. التعذيب والسجن للمخالفين، وقتل كبار النقاد أمر شائع، بالإضافة على سوء وضع المرأة، واضطهاد الأقليات، وخاصة أتباع المذهب البهائي، الذي أعلن أنه بدعة. تم إعدام أكثر من 200 من أعضاء الطائفة البهائية وسجن آخرون في حين حرم الآلاف من فرص العمل، والمعاشات التقاعدية، والأعمال، وفرص التعليم.لم يزدهر الاقتصاد الإيراني، الاعتماد على صادرات النفط لايزال طاغيا، دخل الفرد يتقلب مع سعر برميل النفط الذي انخفض إلى ربع ما كان عليه في عهد الشاه، وارتفعت البطالة بين السكان من الشباب.نظام الالتحاق بالغرب أو التأثير الغربي ما زال يصعب إزالته، فهو يرجع من خلال الموسيقى والأفلام والفضائيات، لقد ساهمت الثورة في عزل إيران عن العالم، فنفيت من العالم الرأسمالي والعالم الشيوعي على حد سواء، محاطة بالعقوبات الاقتصادية التجارية من الولايات المتحدة الأمريكية ، تم إلغاء هذه العقوبات عام 2016م.منذ الثورة تطور النظام السياسي الداخلي، منذ سنة 1997، مع مستوى مرتفع نسبياً مقارنة بالمنطقة من استخدام إلى الإنترنت حيث بلغ عدد مستخدمي الإنترنت نحو 7.5 مليون وهو أمر يجعل من الصعب وقف هذا التطور الداخلي المستمر من الفكر السياسي والتنظيمي، ولكن الحكومة تعمل بدأب على حجب المواقع الإلكترونية السياسية والتحاليل الإخبارية الداخلية والخارجية.ومع مرور الوقت كسبت إيران الكثير من النجاحات السياسية والاقتصادية والعلمية واصبحت من الدول القوية في العالم

ضحايا الثورة

ختلف المراقبون في تحديد عدد القتلى الذين سقطوا أثناء الثورة الإيرانية الإسلامية. فيتراوح عدد الضحايا في صفوف المتظاهرين والثوريين الذين سقطوا على يد نظام الشاه أثناء الثورة بين 60000 وقرابة 3000، وذلك وفقًا للتقديرات وما إذا كانت صادرة عن الحكومة الإسلامية أو عن مؤرخي الدول الغربية. بينما تقدر جماعات حقوق الإنسان أعداد المتظاهرين والسجناء السياسيين الذين قضوا نحبهم على يد النظام الإسلامي الجديد بعد سقوط الشاه بعدة آلاف.ذكر آيت الله روح الله الموسوي الخميني، زعيم الثورة أن 60000 من الرجال والنساء والأطفال قد استشهدوا على يد نظام الشاه ويظهر هذا الرقم في دستور الجمهورية الإسلامية. ووفقًا لأحد أعضاء البرلمان الإيراني فإن أكثر من “70000 شهيد و100000 جريح… سقطوا وهم يناضلون من أجل تدمير النظام الملكي الفاسد وقد أظهر إحصاء قام به عماد الدين باغي، وهو باحث في مؤسسة الشهداء بونياد شهيد، أن عدد الضحايا أقل من ذلك بكثير. وقد وجد باغي أنه في الفترة بين 1963 و1979، كان قد سقط 3164 قتيلاً من بين الحركة المناهضة للشاه. وفي إيران، استطاعت مؤسسة الشهداء، التي تأسست بعد الثورة لتعويض الناجين من الثوار، تحديد 744 شهيدًا في طهران، حيث من المفترض أن تكون قد سقطت أغلبية الضحايا. وقدر مكتب الطبيب الشرعي ومقبرة طهران الرئيسية، بهشت الزهراء، عدد الشهداء بنحو 895 و768 شهيدًا، على التوالي.وفقًا لمجموعة واحدة من “شهداء الثورة”،وفاة 35 متظاهرًا في الشهور الثمانية الأولى من عام 1978، و33 في شهريور (أغسطس وسبتمبر 1978و 18 في مهر (سبتمبر وأكتوبر 1978)، عندما تحولت الثورة إلى إضرابات بدلاً من احتجاجات الشوارع.وعندما تم تثبيت النظام العسكري في مهر 1978، قفز عدد الوفيات إلى 45 في آبان (أكتوبر ونوفمبر 1978)، ثم إلى85 في عازار (شهري نوفمبر وديسمبر 1978) 137 في داي (ديسمبر 1978 – يناير 1979179 في بهمن (يناير – فبراير 1979).مظاهرة 19 داي في مدينة قم كانت مظاهرة 9 يناير 1978 (19 داي 1356) في مدينة قم المقدسة ضد قصة التشهير التي نشرت عن آية الله الخميني هي أولى المظاهرات الضخمة للثورة. وكان العدد الرسمي للقتلى الذي أعلنه النظام الملكي تسع وفيات. بينما أبلغ الدبلوماسيون الأمريكيون واشنطن أن عدد القتلى يتراوح بين 20 إلى 30 قتيلاً، ثم وصل العدد إلى أربعة عشر. وعلى الفور، انتشرت الشائعات أن مائة أو أكثر قد قتلوا، و”تراوحت تقديرات المعارضة حتى وصلت إلى 300 قتيل”. أما عن الرأي العام في ذلك الوقت كما هو مبين في “استطلاع صغير في طهران الأسبوع التالي فقد عكس “تصديق الكثير من الناس لأرقام الضحايا التي أعلنتها المعارضة وليست الحكومة بينما أظهرت قائمة جمعت مؤخرًا من قبل مركز وثائق الثورة الإسلامية، وهو “مؤسسة موالية للثورة” أن عدد الوفيات بلغ 5 شهداء سقطوا في المظاهرة.بعد 40 يومًا، في 18 فبراير 1978، خرجت مجموعات في عدد من المدن لتكريم الشهداء والتظاهر ضد حكم الشاه. وقد حرّكت الدولة “القوات والدبابات من القواعد القريبة”. وهذه المرة، اندلعت أعمال عنف في مدينة تبريز شمال غرب البلاد. ووفقًا للمعارضة، قتل خمسمائة متظاهر، ووفقًا للحكومة فقد كانوا عشرة فقط. “ومع ذلك، ذكر استعراض حديث للأحداث يتسم بموالاته للثورة بشكل قاطع أن إجمالي الوفيات بلغ 13 قتيلاً. وقعت الاشتباكات بين الحكومة والمحتجين التي يقال إنها قد زادت من حدة غضب المناهضين للشاه وقضت على “أي أمل للتسوية” في 8 سبتمبر 1978  في طهران. وعلى إثر ذلك، فرض الشاه الأحكام العرفية، وحُظرت المظاهرات، وعلى الرغم من ذلك خرج الآلاف من المتظاهرين الذين تجمعوا في طهران. وقامت قوات الأمن بإطلاق النار على المتظاهرين وقتلهم، فيما أصبح يعرف باسم الجمعة السوداء.وأعلنت القيادة الدينية أن “الآلاف قد قتلوا على يد القوات الصهيونية يتراوح عدد الضحايا في… يوم الجمعة السوداء بين أقل من مائة وحتى عدة آلاف. وتمكنت مؤسسة الشهداء التي تأسست بعد الثورة من حصر 79 قتيلاً، بينما بلغ تعداد مكتب الطبيب الشرعي 82، وسجلت مقبرة طهران الرئيسية بهشت الزهراء 40 قتيلاً فقط ومن التفسيرات التي طرحت لتأويل هذا العدد الصغير من الضحايا تردد الشاه في استخدام القوة. وقد أصر الشاه “كثيرًا” على إخبار “المبعوثين الأجانب” أنه “لا يرغب في قتل رعاياه من أجل إنقاذ عرشه”. “وكانت التعليمات التي أصدرها دائمًا مماثلة: “افعلوا المستحيل لتجنب إراقة الدماء”. وعلى الرغم من أن هذا الادعاء كان مغايرًا “لصورة الجماهير الغفيرة التي وقفت في وجه إطلاق النار من الأسلحة الرشاشة” أثناء الثورة، “أكد” مختلف المسؤولين العسكريين في ذلك الحين هذا الكلام، وذلك وفقًا لما ورد عن المؤلف تشارلز كورزمان. و خلال عام 1978، اقترح قائد قوات فرض الأحكام العرفية قصف مدينة قم. وترددت الأنباء أن جنرالاً في سلاح الجو عرض قتل مئات الآلاف من المحتجين لقمع الاضطرابات. وكان أحد جنرالات السافاك قد زود ضيفًا من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ببعض التفاصيل الوحشية حول كيفية وضع حد للمظاهرات في غضون أسبوع إذا منحه الشاه السلطة لذلك. كما اقترح رئيس بلد مجاور إعدام 700 من الملالي (أئمة المساجد)….. إلا أن الشاه رفض جميع هذه الخطط. ..أما ضحايا نظام الملالي ففي أعقاب الإطاحة بحكومة الشاه في 11 فبراير 1979 ، أعدمت القيادة الثورية أعضاء النظام القديم، بما في ذلك كبار الجنرالات. ولهذا الغرض، شكل النظام الإسلامي لجانًا ثورية في جميع المحافظات. وكان آيت الله محمد رضا مهدوي كاني رئيس اللجان الثورية المركزية المؤقتة للثورة الإسلامية. وكانت اللجان الثورية تفتقر إلى وجود الآلية اللازمة والإجراءات القانونية التي تؤدي إلى إعادة الهيكلة في 8 مارس 1979.في أول شهرين، قتل أكثر من 200 من كبار المسؤولين المدنيين في حكم الشاه عقابًا لهم وللقضاء على خطر الانقلاب.وافقت محكمة طهران على أول أربع أحكام بالإعدام في حق جنرالات الشاه في فبراير 1979. وكان هؤلاء الجنرالات هم مهدي رحيمي، القائد العسكري لطهران، ورضا ناجي، الحاكم العسكري لأصفهان، ونعمت الله نصيري، رئيس السافاك ومنوشهر خسروداد، جنرال في القوات الجوية. وقد تم إعدام الجنرالات الأربعة رميًا بالرصاص على سطح المقرات التي أصبحت فيما بعد تابعة لآية الله الخميني في 15 فبراير.في 7 إبريل 1979، تم إعدام رئيس الوزراء الإيراني السابق أمیر عباس هویدا. وبعدها بيومين، في 9 إبريل تم إعدام عشرة من كبار المسؤولين في نظام الشاه، من بينهم اثنان من الجنرالات وأحد الوزراء في طهران. وكان من بين الذين نُفذ بهم حكم الإعدام القائد العام للقوات الجوية أمير حسين ربيعي.وفي 11 إبريل أيضًا، تم إعدام وزير الخارجية السابق عباس علي خلعتبري وعشرة مسؤولين آخرين شنقًا في طهران. في 8 مايو أعدم ما مجموعه 21 من المسؤولين الإيرانيين السابقين، بما في ذلك ثلاثة سياسيين سابقين على مستوى عالٍ. وتمثل هؤلاء في كل من جواد سعيد المتحدث السابق باسم المجلس، وغلام رضا كيانبور وزير الإعلام السابق، ومحمد رضا عاملي طهراني وزير التعليم السابق. وفي 9 مايو، تعرض ثمانية أشخاص من بينهم مسؤول يهودي بارز، ووزير الإعلام السابق عبد الحسن سعداتمند للإعدام شنقًا ليرتفع عدد القتلى إلى 119 منذ فبراير 1979. وفي 23 يوليو 1979، أعدم خمسة رجال آخرين في محافظة خوزستان. وبذلك، يصبح إجمالي عدد القتلى 363 قتيلاً جراء عمليات الإعدام منذ فبراير 1979. وفي أغسطس 1979، بدأت المحاكم في عقد محاكمات لأفراد الأقليات العرقية في البلاد الذين شاركوا في المظاهرات المناهضة للحكومة، وأسفرت المحاكمات عن إصدار أحكام بالإعدام واسعة النطاق.بحلول نوفمبر 1979، كان إجمالي عدد القتلى قد بلغ 550 وبحلول يناير 1980، كان عددهم قد وصل إلى 582 على الأقل.وكانت المحاكمات موجزة ينقصها محامي دفاع أو محلفون أو الشفافية أو فرصة للمتهمين للدفاع عن أنفسهم، حيث عقدت على يد قضاة ثوريين مثل صادق خلخالي، وهو قاض في الشريعة الإسلامية. أما الذين هربوا من إيران فلم يكونوا محصنين. فبعد عقد من الزمان، اغتيل رئيس وزراء أسبق آخر وهو شابور بختيار في باريس، وهو واحد من 63 إيرانيًا على الأقل قتلوا أو جرحوا في الخارج منذ الإطاحة بالشاه، على الرغم من الاعتقاد بأن هذه الهجمات قد توقفت بعد بداية تسعينيات القرن العشرين.ثم تسارعت وتيرة الإعدامات، مما أسفر عن إعدام ما لا يقل عن 906 بين يناير 1980 ويونيو 1981. وبعد إدانة الرئيس أبو الحسن بني صدر في 20 يونيو 1981 ، بُذلت جهود متضافرة لإيجاد أنصار الرئيس الذين تحولوا للمعارضة وإعدامهم، وخاصة اليساريين منهم. لتصبح إراقة الدماء أكثر سوءًا. ربما لن نعرف أبدًا على وجه التحديد عدد الذين فقدوا حياتهم. وقد وثقت منظمة العفو الدولية 2946 حالة إعدام في 12 شهرًا بعد إقالة بني الصدر. وفي العام التالي، رصدت قائمة جمعتها حركة مجاهدي خلق 7746 شخصًا كانوا قد فقدوا حياتهم إما بالإعدام شنقًا، أو في اشتباكات بالشوارع، أو تحت وطأة التعذيب في فترة قصيرة من يونيو 1981 إلى سبتمبر 1983.كما  قامت المحاكم الثورية بإعدام أكثر من 8000 معارض بين يونيو 1981 ويونيو 1985؛ وقد كانوا بشكل رئيسي أعضاء بحركة مجاهدي خلق شركاء الثورة، وكان من بينهم أيضًا الفدائيون والأكراد وأنصار حزب توده والجبهة الوطنية وأنصار شريعتمداري…. وقد كانت حصيلة الوفيات بين الثوار أكبر بكثير من الموالين للحكم الملكي. فهذه الثورة – مثل غيرها – افترست أبناءه

ثأثير الثورة الخمينية علي دول الجوار

مرت العلاقات التاريخية بين البلدان العربية وبين إيران بمراحل متعددة قبل وبعد الثورة الإسلامية، ولإيران مكانه هامة في الشرق الأوسط إذ أنها أحد أكبر البلدان الإسلامية لاسيما في المشرق الإسلامي فيما يشكل العرب ثقل العالم الإسلامي. لدى إيران عموماً ثلاث حلفاء رئيسيِّين في العالم العربي، هُم العراق وسوريا ولبنان، فيما أن أكثر علاقاتها توتراً في المنطقة هي مع دول الخليج العربي.تمكن ملك فارس قوروش عام 542 ق.م من اخضاع الشام والعراق. ثم قام ابنه بإخضاع مصر وسائر بلاد العالم القديم، إلا الجزيرة العربية. ويذكر المؤرخ اليوناني هيرودتس في صدد الكلام عن داريوس ما نصه: ولقد اعترف بسلطانه جميع أقوام آسية الذين كان قد ذللهم كورش ثم قمبيز إلا العرب، فهؤلاء لم يخضعوا البتة لسلطان فارس، إنما كانوا أحلافها، ولقد مهدوا لقمبيز سبيل التوصل إلى مصر، ولولاهم لما أمكنه القيام بهذه المهمة واستمر حال العرب في الجزيرة مستقلين بأنفسهم إلى أن قام الملك سابور الثاني عام 370م بشن حملة إلى مدينة القطيف الخط آنذاك، ومنها إلى هجر الأحساء. ثم توغل في جزيرة العرب فقتل من تمكن منه من العرب ومثل بهم بقطع أكتافهم. كما قام بتهجير القبائل وفرض عليها الاقامة الجبرية. وعمد إلى طمر المياه وردم الآبار، فقتل كل من وجده من العرب، فكان ينزع أكتافهم ويمثل بهم. وكان لشناعة هذه المثلى اثر سيئ في نفوسهم، فمن ثم لقبوه بذي الأكتاف. وقد خضع العرب في العراق مملكة الحيرة وعلى سواحل الخليج العربي المسماة بالبحرين آنذاك للنفوذ الفارسي حتى مجيء الإسلام. وامتد نفوذ الفرس حتى اليمن.بعد ظهور الإسلام في الجزيرة العربية أرسل محمد بن عبد الله عبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى الثاني يدعوه للإسلام. فغضب كسرى غضباً شديداً، فجذب الرسالة من يد كاتبه وجعل يمزقها دون أن يعلم ما فيها وهو يصيح: أيكتب لي بهذا، وهو عبدي ثم أمر بعبد الله بن حذافة أن يخرج من مجلسه فأخرج. فلما قدم عبد الله على نبي الله (ص) أخبره بما كان من أمر كسرى وتمزيقه الكتاب، فما زاد رسول الله على أن قال: ” مزق الله ملكه”. أما كسرى فقد كتب إلى باذان نائبه على اليمن: أن ابعث إلى هذا الرجل الذي ظهر بالحجاز رجلين جلدين من عندك، ومرهما أن يأتياني به.خرج الرجلان رسالة باذان إلى محمد بن عبد الله فلما قرأ كتاب صاحبهم، قال لهم: «اذهبوا إلى صاحبكم فقولوا: إن ربي قد قتل ربك الليلة»، فانطلقوا فأخبروه. فقال: لئن كان ما قاله محمد حقا فهو نبي، وإن لم يكن كذلك فسنرى فيه رأيا. فلم يلبث أن قدم عليه كتاب شيرويه ابن كسرى يخبره بقتله لأبيه في تلك الليلة. فأعلن باذان إسلامه، وأسلم من كان معه من الفرس في بلاد اليمن. وأسلم كذلك العرب في إقليم البحرين وخرجوا عن طاعة كسرى. وأسلمت بعض قبائل العرب في العراق مثل بني شيبان. وفي التاريخ السياسي المعاصرمع دول الخليج العربية شهدت العلاقات الخليجية الإيرانية توتراً دبلوماسياً بين إيران ودول الخليج بشكل عام لاسيما في قضية الجزر الإماراتية الثلاث أبو موسى-طنب الكبرى-طنب الصغرى التي تعتبرهم الإمارات جزءاً من أرضيها وشدد مجلس التعاون الخليجي على ذلك.في حرب الخليج الأولى دعمت دول الخليج العراق الأمر الذي دفع إيران لمهاجمة ناقلات النفط الخليجية وتهديد المصالح النفطية.وعلى الرغم من هذا فإن علاقات إيران بدول الخليج تحسنت نسبيا وخصوصا بعد حرب الخليج الثانية 1991، وفي الفترة الأخيرة ازداد توتر الأمور بعد بدء إيران بتطوير قدراتها النووية وخشية دول الخليج من أن يكون هذا التطوير تهديدا لأمن وأستقرار الخليج العربي والشرق الأوسط.تتسم علاقات الكويت مع إيران بالودية والإتزانية،  وأثناء وبعد حرب الخليج الثانية ازدادت علاقات البلدين تحسنًّا وازدهارًا. في يوليو 2014، زار أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح إيران وزار الرئيس الايراني حسن خاتمي الكويت أخير في ظل التجاذبات الإيرانية الاخيرة في سوريا والبحرين والعراق واليمن، وذكر خلال زيارته أن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي مرشد لكل المنطقة تربط عمان وإيران علاقات ودية، وعمان هي الدولة الخليجية الوحيدة التي ابتعدت عن المشاركة في الحرب الذي تقودة السعودية في اليمن. كما أدت عمات دورًا محوريًّا في المفاوضات الإيرانية في دول الـP5+1، التي أدت لتوقيع الاتفاقية النووية الإيرانية. زار سلطان عمان قابوس بن سعيد طهران في 2013، وزار الرئيس الإيراني حسن روحاني طهران في 2014 و2017. مع العراق مرت علاقات العراق وإيران بعلاقات سيئة منذ حكم الشاة حتى الثورة الإسلامية التي دخل معها العراق في حرب أستمرت لثمان سنوات بعد سقوط نظام الشاه مباشرة بيد ان العلاقات تحسنت كثيرا بعد سقوط النظام العراقي عام 2003 م رغم وجود بعض النقاط الخلافية والاشكالات التي لم تحل حتى الآن.ومع سوريا تشكل إيران وسوريا حلفا استراتيجيا قويا في المنطقة منذ الثورة الإسلامية في إيران، فلم تقف سوريا ضد إيران أثناء حربها مع العراق. واستمر التعاون السوري الإيراني في مختلف المجالات، وتعززت هذه العلاقات إلى حلف استراتيجي بعد استلام الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والرئيس بشار الأسد الحكم في بلديهما كما يتشارك البلدان مصالح حيوية اقتصادية وعسكرية مشتركة.ومع مصر كانت العلاقات مقطوعة بشكل عام منذ الثورة الإيرانية في 1979 بسبب استضافة مصر لشاه إيران السابق محمد رضا بهلوي. ولا تزال العلاقات سيئة بسبب تسمية شارع في إيران باسم خالد الإسلامبولي الذي قام بقتل الرئيس المصري أنور السادات وزادت العلاقة سوء بعد عرض فيلم اعدام فرعون وهو فيلم وثائقي من إنتاج إيراني يمجد قاتل الرئيس المصري أنور السادات. و تعتبر مصر الدولة العربية الوحيدة التى لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إيران إلا أن أيران الصفوية تحاول منذ فترة كبيرة التغلغل في مصر وزرع لوبي شيعي ينفذ لها مصالحها من خلال منظمات مدينة إيرانية تنظم بعض الزيارات لمصريين لإيران ومع الأردن علاقات مستقرة نوعا ما بالرغم من تحذير ملك الأردن عبد الله الثاني عام 2004 م من خطر إيران في المنطقة عبر تحذيره من خطر ما وصفه ب”الهلال الشيعي” بيد ان العلاقات تحسنت بشكل أكبر بعد عام 2006 مما سمح لإيران برعاية وتمويل بعض المشاريع في الأردن.ومع لبنان توجد علاقه ودية بين إيران ولبنان على المستوى الرسمي رغم المناوشات الحاصله على الساحة اللبنانية والتي لم ترتق إلى موقف رسمي سيادي, بيد ان الدعم الإيراني يكاد ينحصر في دعمها الكبير لحزب الله على المستويين العسكري والاقتصادي ومع المغرب زيارة وزير الخارجية الإيراني لتونس بعد الثورة إلا أن النشاط الايراني ذات الشكل المدني وذو الخلفية المخابراتية يحاول تأسيس العشرات من منظمات المجتمع المدني لتكون قاعدة إنطلاق وهيمنة للفرس الصفوين في قلب دول المغرب العربي. شكل التأثير الديني الإيراني مصدر قلق للمغرب منذ انتصار الخميني، كما شكل فرار الشاه محمد رضا بهلوي إلى المغرب تدهور العلاقات المغربية الإيرانية، مع أن الحسن الثاني اضطر إلى طرد صديقه الشاه خارج المغرب. واتهم الحسن الثاني إيران رسميا بوقوفها وراء الانتفاضة الشعبية التي سبقت انعقاد مؤتمر القمة الإسلامية في المغرب سنة 1984. استصدر الحسن الثاني فتوى تكفير الإمام الخميني، ووقف إلى جانب العراق، رغم كره الحسن الثاني للبعثيين وللنظام البعثي؛ وهو ما لم ينسه له الإيرانيون.ظلت العلاقات بين البلدين مقطوعة منذ قيام الثورة إلى بداية التسعينات، عندما أعادت إيران فتح سفارة لها في الرباط عام 1991، عقب مصالحة بين مسؤولي البلدين على هامش إحدى القمم الإسلامية التي عقدت بالدار البيضاء. وطيلة المرحلة التي سبقت عودة أجواء التفاهم المشوب بالحذر بين الطرفين،بعد تصريحات رئيس البرلمان الإيراني السابق ناطق نوري حول البحرين، ورغم أن كل من البحرين وإيران قد أعلنا فيما بعد عن الحفاظ عن علاقات جوار طيبة، اصدر المغرب بيان يتضامن فيه مع البحرين، استدعت بعدها إيران القائم بالأعمال المغربي في طهران. وفي 6 مارس 2009 قطع المغرب علاقاته الدبلوماسية مع إيران.عبرت إيران عن استغرابها لتوقيت الإعلان المغربي الذي تزامن مع عقد مؤتمر دعم الشعب الفلسطيني، دعيت إليه شخصيات مغربية أيضا. ولم ينظر المغرب بعين الرضا إلى المساعي الإيرانية في استقطاب وحشد المواقف لصالح حركة حماس، في الوقت الذي لم يخف دعمه للسلطة الفلسطينية في رام الله. وبصفته رئيسا للجنة القدس، عارض المغرب استخدام ورقة “حماس” لخدمة أجندة سياسية ودينية خارجية. كما ترجع أسباب التوتر كذلك إلى ما يسميه المغاربة “خطر التشيع”في أعقاب ثورات الربيع العربي، جذب الدعم الإيراني للميليشيات الأجنبية مزيداً من الانتباه، فلماذا ترتكز السياسة الخارجية الإيرانية على هذا الدعم خلال العرض العسكري الذي أُقيم بمناسبة الذكرى الـ36 للحرب العراقية الإيرانية، تحدث اللواء محمد باقري، رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الإيرانية، بصراحة ووضوح، إذ قال إن طهران تمتلك السيطرة والنفوذ على 5 دول عربية وهي: لبنان واليمن وفلسطين وسوريا والعراق، وفق تقرير جاء في موقع Middle East Eye.ومن المعروف أن إيران تمتلك تاريخاً طويلاً من التدخلات في تلك البلدان، مثلما فعلت في لبنان. لكن ذلك التدخل اختلف مع بلدان أخرى مثل اليمن، حيث لم تتدخل إيران في شؤونها إلا مؤخراً. وفي ذات السياق، تمثل القضية الفلسطينية، وبالتالي العداء لإسرائيل، حجر الزاوية الذي ترتكز عليه شرعية النظام الثيوقراطي في الجمهورية الإسلامية.بيد أن السنوات الأخيرة شهدت هيمنة الأحداث في سوريا والعراق على عناوين الأخبار في مختلف الصحف العالمية، فضلاً عن هيمنتها على أجندة السياسة الخارجية الإيرانية.ومن الصعب تجاهل البعد الطائفي فيما يتعلق بتدخل إيران في الحرب الأهلية السورية. ففي أواخر الشهر الماضي، زار زعيم حركة النجباء العراقية – الشيعية – حلب. وفي أعقاب تلك الزيارة، ظهر مقطع فيديو دعائي تحتوي خلفيته على بعض الأغاني التي يُقال فيها إن “حلب شيعية”. كما يحتشد ما يقرب من 10 آلاف مقاتل شيعي خارج المناطق التي تسيطر عليها المعارضة شرق حلب، والتي دمرتها الغارات السورية الروسية المشتركة.تطرح صحيفة Middle East Eye سؤالاً هاماً حول الأسباب التي وحّدت سياسة إيران الخارجية في جميع هذه البلدان على مدار عقود من الزمن منذ اندلاع الثورة الإسلامية في إيران عام 1979.أظهر أحد تقارير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية “سي آي إيه” في عام 1986 – الذي رُفعت عنه السرية مؤخراً – أن تدخل إيران لدعم الأطراف الفاعلة غير الحكومية كان من أجل تعزيز مصالحها الوطنية. وأضاف التقرير أن ذلك التدخل ينبع من اعتقادها بأن واجبها الديني يُحتم عليها تصدير الثورة الإسلامية للدول المجاورة لكي تخوض صراعاً مستمراً بأي طريقة ضد الدول التي تعتبرها ظالمة من منظورها.لكن طبيعة الأيديولوجية التي يعتمد عليها النظام الحاكم في إيران، والمرتبطة بظهور المهدي المنتظر، يمكن النظر إليها باعتبارها التفسير المنطقي وراء دعم إيران للمنظمات الأجنبية، وذلك إذا ما أخذنا بعين الاعتبار ديباجة الدستور الإيراني التي تشير إلى التزام إيران بتأسيس حكومة عالمية مقدسة وإسقاط كل الحكومات الأخرى.تعتقد الباحثة سنام فاكيل، من معهد تشاتام هاوس، أنه من السهل الربط بين أيديولوجية الحكم في إيران بتصدير الثورة للدول المجاورة باعتباره مبرراً أو تفسيراً للسياسة الإيرانية، “ولكن الأمر برمته يتمحور بشكل كبير حول العنصر البراغماتي، إنه يتمحور حول المصلحة الوطنية”.تتفق إيلي جيرانميه، الباحثة السياسية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، مع الرأي القائل إن إيران لا تفعل ما تفعله بدافع الحماسة الأيديولوجية، وإن المحرك وراء سياسة إيران في المنطقة مرتبط إلى حدٍّ كبير بأمنها القومي وليس بأحلامها لتصدير الأفكار الثورية إلى جميع دول المنطقة.

التدخل الإقليمي

جندت إيران الشيعة الفقراء من اليمن وباكستان وأفغانستان، وحتى من ساحل العاج، ليقاتلوا نيابة عنها في سوريا، فضلاً عن دور الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس – وهي قوات النخبة في الحرس الثوري الإيراني – في الحرب في سوريا.في بادئ الأمر، أظهر حزب الله تحفظاً كبيراً فيما يتعلق بالتدخل في الشأن السوري وفق موقع Middle East Eye . وإلى الآن مازالت مسألة تدخل حزب الله في سوريا تشكل نقطة خلاف داخل الحركة.قالت فاكيل إنه على الرغم من أن إيران هي التي رعت حزب الله، بل ربما هي التي أعطته قبلة الحياة، لا يُلزم ذلك الحركة باتباع أوامر إيران مدى الحياة.وفي سياق متصل، تقول جينيفيف عبده، الباحثة السياسية البارزة في المجلس الأطلسي، إن حزب الله ليس دمية في يد إيران كما يصفه الإعلام، وذلك على الرغم من أن جزءاً كبيراً من تمويله إيراني.كما أضافت أن “الأمر معقد للغاية. ففي الوقت الذي يظهر فيه التأثير الكبير للحرس الثوري على تلك القوات، ربما لا يعني ذلك بالضرورة تحكم الحرس الثوري فيها بنسبة 100%”.وشهدت العلاقات بين حركة حماس وإيران تدهوراً حاداً عقب اندلاع الثورة السورية عام 2011. وفي العام التالي، غادرت قيادة الحركة دمشق بعدما تمركزت هناك فترة تجاوزت 10 سنوات. كما خُفِّض التمويل المُقدم للحركة بعد ذلك بوقت قصير.ووفقاً لجينيفيف عبده، ازداد النفوذ الإيراني في المنطقة منذ غزو أميركا العراق عام 2003. إذ تسبب الدور الذي لعبته أميركا بتعيين حكومة ذات قيادة شيعية في العراق، في تمهيد الطريق أمام إيران لبسط نفوذها على المزيد من دول المنطقة.وعلى سبيل المثال، ذكرت بعض التقارير أنه في عام 2013 اعترض خفر السواحل اليمني سفينة مليئة بالأسلحة والمتفجرات والصواريخ المضادة للطائرات والتي يُشتبه بأنها كانت قادمة من إيران. وفي عام 2014، حدث أمر مشابه لكن هذه المرة من قبل السلطات البحرينية التي اعترضت إحدى السفن القادمة من العراق وكانت مليئة بالمتفجرات والأسلحة الأخرى.أي تحليل للدور الإيراني في العراق، وبالطبع الشرق الأوسط عامة، يجب أن يتضمن إشارة إلى سنوات الحرب الدامية بين إيران والعراق.وترى جيرانميه أن التجربة التي خاضتها إيران خلال الـ8 سنوات – مدة الحرب بينها وبين العراق – هي أحد العوامل الرئيسية وراء مساعي إيران لتمويل الميليشيات الأجنبية في جميع أرجاء الشرق الأوسط بشكلٍ عام، وفي العراق على وجه الخصوص.وربطت فاكيل بين الخبرة الدفاعية للحرس الثوري الإيراني – التي استخدمها للدفاع عن إيران خلال الحرب العراقية الإيرانية – وبين محاولاته لترجمة هذه الخبرة إلى دعم الأطراف الفاعلة غير الحكومية في دول الشرق الأوسط وهو ما يحدث في سوريا الآن.تسبب صعود تنظيم الدولة الإسلامية الذي يكنّ عداء شديداً للطائفة الشيعية في زيادة شعبية الحرس الثوري الإيراني داخلياً. وتشير جيرانميه إلى أن الحرس الثوري الإيراني صار يُنظر إليه باعتباره الجهاز الأمني المسؤول عن حماية إيران من إفساد مقاتلي داعش.. في سوريا على سبيل المثال، يبدو الاختيار ضيقاً بين أحد الخيارين: إما الأسد أو داعش.كما أكدت جينيفيف عبده أهمية الحرس الثوري باعتباره قوة اقتصادية وسياسية وأيديولوجية وأن الحرس الثوري هو الذي يتحكم بالميليشيات ويمولها.بالنسبة للولايات المتحدة، فإن إيران واحدة من الدول التي تمول الإرهاب. وفقاً للتقرير الصادر عن الخارجية الأميركية عام 2013 بخصوص الإرهاب، فقد دعمت إيران الأطراف غير الحكومية في لبنان وفلسطين وسوريا واليمن والبحرين والعراق.وفي عام 2015، نشرت حركة نامه شام – وهي حركة مستقلة هدفها التركيز على الدور الإيراني في سوريا – تقريراً حول مقدار الدعم الذي تقدمه إيران للأطراف غير الحكومية الفاعلة في جميع دول المنطقة. تضمن هذا التقرير – الذي استعانت فيه الحركة بالبيانات المتاحة أمام العامة – الأموال التي أنفقتها إيران لدعم مختلف هذه الأطراف.تلقى حزب الله اللبناني من إيران أموالاً تتراوح بين 100 و200 مليون دولار خلال الفترة من ثمانينيات القرن المنصرم وحتى اندلاع ثورات الربيع العربي. كما قدمت إيران دعماً مادياً لمجموعة من الميليشيات الشيعية في العراق يتراوح بين 10 و35 مليون دولار سنوياً، وذلك منذ الغزو الأميركي للعراق حتى نهاية فترة رئاسة بوش. وقد ارتفع هذا الدعم المادي بعد عام 2009 ليصل لمبالغ ضخمة تراوحت بين 100 و200 مليون دولار سنوياً.وفي ذات السياق، منذ أن توحّدت السلطة الفلسطينية عام 2007 حتى اندلاع ثورات الربيع العربي في سوريا والدول الأخرى عام 2011، تلقت حركة حماس مبالغ مالية تراوحت بين 100 و250 مليون دولار سنوياً. إلا أن رفض حركة حماس لدعم قوات الأسد أدى إلى خفض ذلك التمويل بشكل كبير.وفي اليمن، تلقى الحوثيون منذ عام 2010 أموالاً تراوحت بين 10 و25 مليون دولار سنوياً.كان لسوريا النصيب الأكبر من ذلك الدعم، إذ تلقت القوات الحكومية التابعة للأسد والميليشيات الأخرى المتحالفة معها أموالاً تراوحت بين 15 و25 مليار دولار على مدار السنوات الخمس الأولى من النزاع بمعدل 3 إلى 5 مليارات دولار سنوياً.وبشكل عام، قدّرت حركة نامه شام الأموال التي أنفقتها إيران على الميليشيات الأجنبية والأطراف غير الحكومية الفاعلة بحوالي 20 مليار دولار حد أدنى، و80 مليار دولار حد أقصى.ووفقاً لنامه شام، فإن هذه الأموال تأتي بشكل جزئي من الميزانية العامة للدولة، لكن الجزء الأكبر منها يأتي من الأموال التي يتحكم فيها المرشد الأعلى والحرس الثوري بشكل مباشر.وعلاقات نظام الملالي بالأرهاب طويلة فحسين دهقان، وزير الدفاع الإيراني وأحد قادة الميليشيات السابقين، هو العقل المدبر لأحداث تفجير ثكنات مشاة البحرية الأميركية في بيروت عام 1983 التي قُتل فيها 241 جندياً أميركياً و58 جندياً فرنسياً. وفي عام 1992، قُتل 29 شخصاً في حادثة تفجير السفارة الإسرائيلية في الأرجنتين، وقد أمرت السلطات الأرجنتينية حينها بالقبض على عماد مغنية وعلي أكبر ولايتي باعتبارهما العقلين المدبرين للهجوم.ولم يقتصر النشاط الإيراني على العالم العربي فحسب. ففي عام 2006 ألقي القبض على 15 مواطناً أذربيجانياً في باكو ينتمون لميليشيات إيرانية وحزب الله بتهمة التخطيط لموجة من الهجمات التي تستهدف سياحاً أجانب.

علاقة نظام الملالي مع تنظيم القاعدة

بلغت التوترات بين إيران والولايات المتحدة ذروتها في أعقاب 11 سبتمبر 2001. ورغم إدانتها السريعة للهجوم أظهر التقرير الصادر عن لجنة 11 سبتمبر أن 8 من أصل 10 أشخاص ضالعين في عملية خطف الطائرة سافروا عبر إيران في أواخر عام 2000 وبداية عام 2001 مستفيدين من اتفاق أجرته الحكومة الإيرانية مع تنظيم القاعدة يقضي بعدم ضرورة ختم جوازات سفر أعضاء التنظيم أثناء عبورهم عبر الأراضي الإيرانية.وفي شهر يوليو، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على 3 أعضاء بارزين من القاعدة تأويهم إيران. وتقول فاكيل إنه ليس ثمة ودّ كبير بين إيران والقاعدة نتيجة الاختلافات الأيديولوجية بينهما، وإن إيران تأوي عناصر التنظيم كي تستخدمهم ورقة مساومة خلال مفاوضاتها مع الولايات المتحدة وكثيراً ما يُصور حسن روحاني – الذي صرح سابقاً بأنه سيصبّ جُلّ تركيزه على إعادة بناء الاقتصاد الإيراني المُحطم وتطبيع العلاقات مع الغرب – على أنه الرئيس المعتدل مقارنةً بسلفه محمود أحمدي نجاد.ووفقاً لبعض الخبراء، يصعب على شخص واحد إجراء تعديل جذري فيما يتعلق بالسياسة الإقليمية دون التنسيق مع المستويات العليا في القيادة؛ وهو ما يوضح الأسباب وراء عدم حدوث تغير يُذكر في السياسة الخارجية الإيرانية.

 

الاتفاق النووي

 

في 2006، قالت وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس إن إيران تمثل المأوى الرئيسي للإرهابيين في هذه المنطقة الهامة.وإلى الآن مازالت مسألة رفع العقوبات المالية موضع خلاف، إذ كان هناك بعض التخوفات من صرف إيران تلك الأموال لتمويل سياستها الإقليمية التي تتعارض بشكل أساسي مع مصالح الغرب.وقد زادت ميزانية الدفاع الإيرانية في السنة المالية 2015/2016 لتثير تلك الزيادة بعض الشكوك حول القنوات التي ضخت فيها إيران الأموال، تزامناً من تصريح خامنئي وحسين دهقان عن عدم نية إيران قطع الإمدادات المالية عن المنظمات الأجنبية التي تمولها في المنطقة.ويتبنى بعض المحللين وجهة نظر مغايرة تماماً لما ذكر من قبل، إذ يعتقدون أن غالبية تلك الأموال ستذهب من أجل تمويل المشروعات الاستثمارية المحلية لخفض نسبة البطالة والتغلب على مشكلة التضخم.

الطائفية والبقاء والحلم الصفوي

 إيران موّلت وتمول بعض الجهات غير الحكومية الفاعلة في الشرق الأوسط كي تجد لنفسها موطئاً على المستوى السياسي في العالم العربي، وأن هناك أيضاً بُعداً دينياً وراء ما تفعله إيران، وذلك بالنظر إلى خطابات خامنئي التي ألقاها خلال السنوات الأولى للربيع العربي التي تحدث فيها عن الصحوة الإسلامية. وقد ترجمت إيران ما قيل فعلياً على الأرض من خلال دعمها للجماعات الشيعية في العالم العربي.وفضلاً عن ذلك، ثمة بُعد عرقي، يضاف إلى البُعد الديني، وراء دعم إيران المنظمات الأجنبية؛ لأن تلك المجموعات تتكون في الأساس من سلالة عربية شيعية، وليست فارسية.ويُرجع  السبب وراء النفوذ الإيراني بين الشيعة في المنطقة إلى عدم حصولهم على الدعم الكافي من الحكومات في دولهم، وقد كان العراق خير مثال على ذلك الطرح وفشلت إيران في تصدير “ثورتها” بعد أن تمكن الخميني بسهولة من فرضها على الشعب الفارسي، بعد الإطاحة بالشاه محمد رضا بهلوي، في 1979، وذلك بوقوف العراق بوجه المشروع الإيراني في حرب استمرت من 1980 إلى 1988.برغم ذلك، فالثورة الإيرانية التي يحتفل النظام بذكراها الـ “37” لا تعترف بالفشل، ولا تقف أمام حواجز بلا حلول، وإن كانت طويلة الأمد، وبرغم دخولها في حرب مدمرة في بداية مشوارها، لكنها نجحت حينها في العبور إلى لبنان، من خلال “حزب الله” الذي بات قوة تفرض وجودها على الساحة اللبنانية، وفق ما يراه مختصون.وتأتي ذكرى الثورة اليوم بعد شهر على رفع العقوبات الدولية عن إيران، وقبل أسبوعين من الانتخابات التشريعية الحاسمة للرئيس حسن روحاني، الذي يأمل في الحصول على غالبية من النواب المؤيدين لسياسة الانفتاح، التي يعتمدها والإصلاحات في مجلس الشورى الذي يهيمن عليه حالياً المحافظون، كما تأتي بعد أن نجحت في التغلغل داخل عدد من دول المنطقة.وهو ما تؤكده مقولة الرئيس الحالي روحاني، إن “المحافظون والإصلاحيون والمعتدلون الحقيقيون هم جميعاً ثوريون وعلينا تجديد لغة الثورة” في إشارة إلى أن “الثورة الإسلامية” هي الأهم، وهي أيضاً المبدأ الذي يتفق عليه جميع الفرقاء الإيرانيين، وإن تصارعوا لأجل الوصول إلى السلطة.الثورة تلك، نجحت كثيراً في إيصال مبادئها بالمنطقة، في سعي للتوسع مخلفة آثاراً سلبية مدمرة، إذ تمكنت إيران من استغلال وجود مواطنين “شيعة” في العراق وسوريا والخليج العربي، والعمل من خلالهم على إشعال فتيل أزمات أمنية،  في العراق وسوريا، وكذلك وفقاً لبيانات رسمية، في دول خليجية تعرضت لانتهاكات أمنية، أشارت إلى أن إيران تقف وراء تلك الأحداث.ويكفي دليلاً ما قاله قائد فيلق “القدس” في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، في ذكرى الثورة : إن “الدلائل على تصدير الثورة الإسلامية إلى عدد من المناطق باتت واضحة للعيان، فقد وصلت إلى كل من اليمن والبحرين وسوريا والعراق وحتى شمالي أفريقيا”، معتبراً أن هذا الأمر يعدُّ من أبرز إنجازات الثورة التي قام بها الخميني وأطاحت بحكم الشاه نهاية سبعينات القرن الماضي.وكان ملهم الثورة الإيرانية، الخميني، طالب منذ البداية، “بتكرار الثورة الإيرانية في البلدان الإسلامية الأخرى كخطوة أولى نحو التوحد مع إيران في دولة واحدة، يكون مركزها طهران في المواجهة مع من أسماهم بأعداء الإسلام في الشرق والغرب”.كما أكد العديد من المسؤولين الإيرانيين في مناسبات عدة، أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لن تأمن من مؤامرات الدول الكبرى إلا إذا حدثت ثورات مماثلة في العالم الإسلامي، وأشارت أغلب قيادات الثورة الإسلامية إلى أهمية تـصدير الثـورة لما أسموها بالدول العميلة للشرق والغرب.