جريدة المجالس

عالمك الالكترونى لكل ما هو جديد معانا هتقدر تعرف كل الاخبار المحلية و الدولية من رياضية و سياسية و اقتصادية.

أسرة و مجتمع

هل ينجح الزوجان في نفس مكان العمل؟

150217185142_couples_at_one_workplace_512x288_thinkstock

يمكن لتحقيق التقدم في مسيرتك المهنية أن يكون أمرا عسيرا، أما بالنسبة لزوجين يشتركان في نفس التخصص المهني وفي نفس مكان العمل، فإن التعامل اليومي بينهما قد يكون أكثر صعوبة.

بالطبع، هناك أمر إيجابي واضح في هذه الحالة: فمثل هذين الزوجين يستفيدان من علاقاتهما الثنائية، ويتفهّمان أكثر متطلبات السيرة المهنية لبعضهما البعض، ويساعد كل منهما الآخر في صعود السلّم الوظيفي.

تخيّل مثلا محاميين يعملان في مكتب كبير للمحاماة، وفي طريقهما ليكونا شريكين في مكتب محاماة جديد، أو أستاذين جامعيين يبحثان عن تولي منصب ما. إلا أن أمثال هؤلاء، في حالات ثنائية كهذه، سيجدان نفسيهما في مواقف متعارضة.

وربما يشتاط كل منهما غيظاً عندما يرتقي أحدهما في وظيفته دون الآخر، أو عندما تتوفر لأحدهما فرصة تعيق تطور المسيرة المهنية للآخر. إذا لم تتناول هذه الأمور بعناية، فسيكون من السهل انتشار الاستياء والمنافسة غير الصحية في العلاقة بينهما.

ومع أنه قد خُففت في زمننا هذا الأعراف المتّبعة في موقع العمل فيما يخص العلاقات العاطفية، فإن العديد من الأزواج صاروا يبحثون عن المشورة حول كيفية المُضي قُدُماً في مكان عمل واحد. إن مفتاح الحل هو تفهُّم حالة التوازن ما بين العلاقات والمنافسة الوظيفية من جهة، وتجنّب المشاكل العائلية في البيت من جهة أخرى.

“سيكون لديك مُحدِّثك مدى العمر، وهو شخص يعرف متطلبات وظيفتك ومتعتها،” عندما تعملان في المهنة ذاتها، كما تقول لوندا شيبينغر، أستاذة في تاريخ العلوم بجامعة ستانفورد، والتي درست علاقات الأزواج الأكاديميين.

في هذه الجامعة، تبلغ نسبة المتزوجين أو المرتبطين عاطفياً من بين أعضاء هيئة التدريس وبعضهم البعض قرابة 13 في المئة. من جانب آخر، من السهل أن تشعر وكأنك تخلّفت عن نجاحات شريك حياتك عندما تشترك معه في نفس المسيرة المهنية.

كان الزوجان سوزانا غالوفا، وبيتر سيدلاسيك يعملان كمديرين للإعلان في كرواتيا. وعندما انتقلا إلى سيدني، اشتركا معا في تأسيس وكالة إعلان تعمل على تلبية الاحتياجات الاعلانية للشركات الاسترالية الصغيرة.

تقول غالوفا إن كلاً منهما يتفهّم أكثر الآن المتطلبات المهنية للآخر، مما يسهل عليهما الإحساس بالآخر عندما يتأخر في العمل مثلا، أو عند حصول ظروف شائكة في أحيان أخرى، ربما يواجهها الأزواج في مهنٍ مختلفة.

هذا بالنسبة للأمور الإيجابية، إلا أن هناك أموراً سلبية وإحساساً بالذنب. فمثلاً، عندما تعمل غالوفا لساعات أطول من سيدلاسيك، فإنه يشعر وكأنه لا يسهم بما فيه الكفاية – والعكس صحيح. والأكثر من ذلك، العمل في نفس المجال المهني وفي نفس الشركة، والعيش في نفس المنزل، كل هذه الأمور تجعل من الصعب عليك أن تجد وقتاً خاصاً بك وحدك، حسب قول غالوفا.

وتضيف: “لا زلنا نحاول إيجاد توازنٍ ما بين العمل والعيش المشترك.”

بالنسبة للعديد من الأزواج من ذوي المهن المشتركة، تكمن إحدى الفوائد الكبيرة في توسيع شبكة العلاقات. إذ تصبح تكون لديهما، معا، قوة شبكتين مهنيتين، كما تقول شيبينغر.

وتضيف: “حسب خبرتي وتجربتي، فإن الكثير من النساء لا زلن يقمن علاقات مهنية مع غيرهن من النساء، ويميل الرجال إلى إقامة علاقات مهنية مع الرجال. في حالة الأزواج، تستطيع أن تعبر تلك الحواجز.”

وبالنسبة لكثير من الناس، يولّد العمل مع الغرباء تساؤلات تتعلق بالثقة. لا تنشأ مثل هذه الأمور عندما تعمل مع نصفك الآخر في نفس مجال العمل، حسب قول كريستيان غارسيا، المالك المشارك في شركة “فيرو باتيسري” في فلوريدا.

على سبيل المثال، يتولى شريك غارسيا، مارك إدموندز، عملية صناعة المعجّنات، بينما يدير غارسيا واجهة المحل. عندما يشكو الزبائن من إحدى المعجّنات الجديدة أو يتقدمون بأي شكوى أخرى تخص الأطعمة، يستطيع الزبون أن يتوجه إلى ادموندز بانتقاد نزيه دون بوادر شريرة، أو أي تصرف يدل على أن الزبون يحاول النيل منه.

يقول غارسيا: “يساعدنا ذلك في إلقاء نظرة متعددة الزوايا على ما نقوم به في عملنا.”

يمكن للمحافظة على العلاقات الشخصية أن تكون صعبة عندما يشترك الزوجان في مهنة واحدة، حسبما تقول جنيفر برنر، التي تعمل هي وزوجها في مهنة المحاماة. يتجنب الزوجان التحدث في أمور العمل في الأوقات الممتعة في البيت، علماً بأنهما قد تزوجا منذ 35 عاماً، حسب قول برنر.

من الجدير بالذكر أن برنر هي في نفس الوقت شخصية سياسية وقاضية استئناف في كولومبوس بولاية أوهايو الأمريكية. لا يتطرق الزوجان إلى مواضيع تخص العمل “في غرفة النوم، ولا في آخر ساعات الليل ولا أثناء تناول الفطور”، حسبما تضيف.

في نفس الوقت، كما تقول برنر، “لدينا تفهّم فطري لما يخص متطلبات الوظيفة. ويساعد ذلك كلاً منّا في التقليل من الإحساس بالذنب عندما تكثر متطلبات العمل”. على سبيل المثال، عندما أصيبت ابنتهما في حادث تعرضت له حافلة طلاب المدرسة قبل عدة سنوات، تفرغ زوجها للقيام بواجبه تجاه ابنته، بينما كانت برنر تتولى مهام أخرى معينة. وأضافت: “لم يقل: ’لماذا لا تذهبين لتأتي بها‘، فقد تفهّم الوضع على الفور.”

يقضي الناس معظم أوقاتهم في العمل. بسبب ذلك، يمكن لمهنتين كثيرتي التشابه أن تولدا مشكلة أخرى: تجد القليل مما يجعلك متحمساً. ذلك ما تقوله ليسا ماري بوبي، مؤسِّسة شركة “غروينغ سيلف كوتشينغ” في دينفر، بولاية كولورادو الأمريكية.

“بالنسبة للأزواج الذين تتقاطع أمورهم الحياتية بكثرة، تميل [العلاقة]ٍ إلى الركود بسرعة كبيرة.”، حسبما تقوله بوبي، التي تعمل في خدمة العملاء في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا. وتضيف: “ذلك يجعل الأزواج عرضة لعملية ’الانصهار الوجداني‘ – إذ يتولد إحساس بالاعتماد على الآخر بشكل مفرط، والتفاعل مع كل الانتكاسات والنجاحات التي يواجهها الآخر.”

يمكن للتركيز على هوايات واهتمامات مختلفة لكل من الزوجين، خارج نطاق العمل، أن يساعد في تبادل أطراف الحديث على العشاء بشكل ممتع، وأن يخلق لحظات آسرة في العلاقة الزوجية. إن صقل هوايات وعلاقات متنوعة يساعد الشريكين في المحافظة على إحساسهما بالتفرّد، مما يمكن من إشراك رفيق العمر فيها لاحقاً.

يمكن للأزواج من نفس المهن الاستفادة من وضعهم وصولاً إلى إحساس صحّي بالمنافسة فيما بينهما. عندما تعرف أن شريك حياتك يحقق نجاحات إضافية، فإن ذلك سيشجعك ويدفعك للعمل بجدية أكثر، حسب قول بوبي.

وتضيف: “أحياناً، يمكن للمنافسة أن تكون عاملاً مساعداً.” للابقاء على المنافسة بمستويات مفيدة وصحية، بدلاً من مقارنة نفسك بزوجك، تنصح بوبي بأن يحدد كل منهما أهدافه المنفردة وأن يحتفل بما يحققه من انجازات.

وتتابع: “اسأل نفسك، ’ماذا حققت مقارنة بما كنت عليه قبل ستة أشهر خلت؟‘”. يمكن لهذا أن يساعد في تجنب مقارنة نفسك بنجاحات شريك حياتك، أو إهمال التركيز في نجاحاتك أنت، وهو ما قد يحول بينك وبين أن تصبح حانقاً.

تقول شيبينغر من جامعة ستانفورد، والذي يعمل زوجها روبرت بروكتر كمؤرخ للعلوم في نفس الجامعة أيضاً، إنه يمكن لزوجين يعملان في نفس المهنة أن يعملا كفريق واحد متعاون. وهذا أمر قد توصلا، هي وزوجها، لتحقيقه. فهما يحتفلان بأي نجاح أو تقدم يحققه أحدهما.

وبإلقاء نظرة على الماضي، تقول شيبينغر إن كلاهما نجح حقاً في بناء مسيرة وظيفية موفقة. إن هذا الماضي الناجح، مع أنه لم يكن دوماً متساوياً، قلل من مشاعر الامتعاض والاستياء. فالابتهاج بتفوق الآخر على الدوام كان جزءا أساسيا من الأمر.

وتقول: “إن كلانا متميز بشكل لا يُصدق، وبالتالي رأينا نجاحات الآخر باعتبارها تقدماً لجميع من على متن السفينة.”

في بعض الأوقات، يمكن لممارسة نفس المهنة من قبل الزوجين أن يخلق مشاكل حقيقية في العلاقة الزوجية. إحدى هذه الأمور هي عدم تساوي الراتب مثلا، إذ يمكن لهذا أن يولد شعوراً بالاستياء. وعندما يتعلق الأمر بمقارنة النجاحات المالية، فإن التعاطف بين الزوجين هو من الأمور الحاسمة.

“تخيل كيف ستشعر إذا كانت تلك الانجازات تخصك أنت، واستعمل ذلك لتعبّر عن فرحة حقيقية تجاه شريكك”، كما تقول بوبي.

وبدلا من إظهار الغيرة تجاه الراتب الأعلي الذي يحصل عليه شريكك، حاول الاستفادة من تلك المعلومة في التفاوض من أجل المطالبة بزيادة راتبك داخل نفس الشركة.

مع النجاحات المتفاوتة في المسيرة الوظيفية، من الشائع أن يجد أحد الزوجين مشاعر سلبية جداً تجاه الآخر. ولتلطيف أجواء الاختلاف في البيت، لعله يكون من الضروري أحياناً أن يتخذ أحد الزوجين منحى مختلفاً نوعاً ما للقضاء على التنافس المهني الصريح.

وحسب قول بوبي، لا يرغب جميع الأزواج في التضحية بمسيرتهم المهنية. لكن الشجار المتكرر والتنافس المفرط، وإيذاء المشاعر باستمرار، كل هذه علامات تنذر بأن الوقت قد حان لإجراء تغيير جذري في البيت، أو في العمل.