جريدة المجالس

عالمك الالكترونى لكل ما هو جديد معانا هتقدر تعرف كل الاخبار المحلية و الدولية من رياضية و سياسية و اقتصادية.

غير مصنف

لقاء مع مجيد ناظم بور :أجرى الحوار منى بعزاوى

2

كتبت الأديبة والاعلامية والناقدة /منى بعزاوى الموناليزا

 مكتب تونس

مجيد ناظم بور هو باحث موسيقي و ملحن و عازف و صانع آلة العود أكبر آلة عود في العالم. هذه الآلة موجودة في متحف اصفهان من خلالها تخّلد اسمه في تاريخ الموسيقى والعزف المنفرد، و قد تبوأت له هذه المكانة العالمية بعد تلقنه الموسيقى و تحصيل علمي و أكاديمي متميز في علم النفس و الفلسفة. شارك الأستاذ ناظم بور في أكبر المهرجانات الإيرانية و العربية على غرار مهرجان اصفهان و طهران و سلطنة مان و المغرب و الجزائر و سوريا و قطر و تونس و غيرهاو قد أنتج ضمن مسيرته الفنية عديد الألبومات منها ألبوم حكمت و فلسفت و زرياب وبربرت و شاطئ البحر أو سر الساحل و غيرها، و قد صاحبته في العزف الموسيقي زوجته أستاذة الموسيقى مختصّة في العزف على آلة الدف” السيدة سميرة آميز طبع و هي من مؤسسي دار العود بطهران و مكتشفي لطلاء الخاص بآلة العود. و قد كوّن هذا الثنائي فرقة موسيقية بآلتين و هما آلة العود و آلة الدف،

و تم الزواج المادي و الفني بينهما كامتزاج لآلتين و لأوتار متعددة جابت آفاق العالم العربي و الغربي في عديد المناسبات و عديد الحضارات. و قد تمكن الفنان ناظم بور من خلال اطلاعاته الفلسفية أن يؤسس لعالم العزف ثري الأبعاد من الناحية النفسية و الفلسفية و الاجتماعية و الروحانية.

و من أشهر ما قدم مقطوعة سر الساحل التي تحاكي أمواج البحر و تم عرضه في أكبر المسارح بطهران و مزج في لوحاته الموسيقية المتنوعة بين مختلف الحضارات على غرار الحضارة البابلية و الساسانية و الهلينية و الإسلامية و أبدع في اختراع أبعاد موسيقية جديدة ووتريات فنية مشخصّة،

و في الأثناء قدم دراسات مختلفة حول تاريخ العود لخمس ألاف سنة و دراسات مقارنة بين المقامات الفارسية و العربية على مر العصور. عرف الأستاذ ناظم بور بقصص و حكايات تراقص وترياته، إذ كل قصة من حياته تمثل مقطوعة موسيقية بعيدة الأغوار و التجدد، فهو يحاكي الذوات حسب حالاتهم النفسية وأبعاد رؤاهم التي تتجدد بتجدد الواقع، من ذلك مثلا مقطوعة السائر أو المسافر العابر، ذاك الذي يتحرك داخل فضاء الحياة اللامحدودة،

فيمشي و يتوقف و يتأمل ثم يعبر طريقه نحو الأمام و نحو الأفق و نحو اللاسكون. فضلا عن مقطوعة الحضارة الخراسانية و التي تمثل مسقط رأس الفلاسفة و مقطوعة سر الساحل و التي تنفتح على أسرار الحياة والفلسفات الكونية لأنّ الفنان دائما مسافر و دائما في تجدد و استمرارية. و هو ما أطلق عليها الفنان برحلة التجول في الأرض. هذا و قد مزج الفنان ناظم بور في عديد المناسبات و المقاطع الفنية بين أوتار العود النظمية ( نسبه) و لمسات الدف الآميزية ( نسبة إلى زوجته) وبين الوتريات و الأشعار الفارسية و العربية من ذلك محاكاة أشعار الشيرازي و جبران خليل جبران الذي اقتطف منه مقطع التجول في الأرض من خلال بيته الشعري” على هذه الشواطئ أمشي أبدا”

ومن هذا المنطق أسس الفنان عالمه الخاص داخل اتحادية الروح و آلة العود التي تلازمه لزوم القلب في البدن، و أثث فضاءه الفلسفي بين الترّحل و العشق الأبديّ و بين خلجات الذات الحزينة و السعيدة و الرؤى الفكرية القريبة و البعيدة، و هو ما أفضى إلى تكوّن التجلي الفني و الموسوعة اللامتناهية الأبعاد في عالم الموسيقى الإيرانية الدائمة في الواقع و الخيال و المتصلة بين الأنا و الآخر. هذا الترّحل انفتح في رؤاه و حركاته على حضارات قديمة و معاصرة الأمر الذي أدى إلى بناء صيرورة موسيقية فنية متحركة و مترّحلة تعكس رحلة الإنسان في عالم الأرض وعالمي الواقع و الخيال و عالم الاستمرارية و اللاحدود. إذ كان الفنان على وعي تام بأهمية هذه الحضارات و تأثيرها على الإنسان في العالم المتجدد، فالزمن ليس عابرا و لا تتوقف محطات العمر على حد و حين طالما هناك أوتار تحرك الأجساد و الأفكار و الأرواح و طالما هناك اتحاد بشيء آخر مكمل للإنسانية و مكمل للإبداع،

و هو ابداع ممتزج بالمجد و السفر و النظم داخل حلقات وجدانية لا محدودة. هذه الفلسفات تسابق أزمنة و رؤى مختلفة جمعها الفنان في كتب علمية و فنية على غرار كتاب تعليم آلة العود و مخطوطات كاملة نشرت حوله، هذا إضافة إلى كتابة قصة لآلة العود التاريخية و كتاب الموسيقى و العلاج النفسي لأنه مختص في علم النفس و في فهم انظمته و أسسه القويمية و كان من ابرز رحلاته في هذا الدرب علاج والدته بالموسيقى بعد أن أصيبت بمرض السرطان.

من اعماله الفنية المشهورة ألحانه التي لحنت لأكبر المسلسلات و الأفلام الإيرانية مثل مسلسل كيمياء الحب لسنة 2000 و غيره، لذلك صار الفنان مجيد ناظم بور رمزا بارزا و نجما ساطعا في عالم الفن و الابداع و الموسيقى بلا حدود و صارلوحة الحياة في عالم التقوقع على الذات، إذ جعل من الفراق سعادة و من الألم دواء للروح و من العود نفسا جديدا يسابق دروب الحياة و بداية التجدد، إنه بكل بساطة ألبوم فلسفة لا تفك رموزه دون أعاصير الحياة و ولادة الأضداد.

14793802_1252099441487737_85737774_n14805578_1252099518154396_1293236073_n