جريدة المجالس

عالمك الالكترونى لكل ما هو جديد معانا هتقدر تعرف كل الاخبار المحلية و الدولية من رياضية و سياسية و اقتصادية.

ثقافة و فن مقالات

قراءة في مجموعة شمس على افق الاربعين للشاعرة هناء الجلبي

received_1157359261001663

fb_img_1470940777451-150x150

بقلم / عدي العبادي

تثير قصيدة النثر الحداثوية إشكالية كبيرة لاعتمادها على الصورة الشعرية لا على الايقاع او هندس النص وكان ظهورها يعد تجربة خاصة بعد ان انكسر الشعر الحر قصيدة العمود التي ظلت مهينة الذائقة العربية لعقود ثم طرحت قصيدة النثر كمشروع شعري وحققت القصيدة النثرية نجاح كبيرة وجذبت أصوت مهمة مثل انس الحاج ويوسف أبو الخال وادونيس وفاضل العزاوي وفوزي كريم والدكتورة سعاد الصباح وواصل جيل من الشعراء العرب بالتحديث بطريقة الكاتبة ونسج المشهد الابداعي منهم الشاعرة هناء الجلبي التي توجت تجربته بمجموعة شعرية عنونتها
( شمس على أُفق الأربعين ) ومن العنوان الذي هو مفتاح الدخول الى عالم النص نجد الشاعرة تشاكس حيت وضعت الشمس على والأربعين لتكون من عنوانها مفارقة شعرية تتخلل العمل تقول في احد نصوص المجموعة :

تُحاكي حُلماً جرفته السيول
بين جزيرة الدموع
وبحيرةٍ من فضاءاتٍ يتيمة
تنام على صدرِها شمس المقابر
في هذا الليل…..
وعلى سريرها سكن الدمُ
يا إلهى تساقطت ضفائرها
قبل أن يثور البركان
والأن
تئن
تئن
قبل أن يولدَ النهار

لقصيدة النثر إيقاعها الخاص وموسيقاها الداخلية، والتي تعتمد على الألفاظ وتتابعها، والصور وتكاملها، والحالة العامة للقصيدة. اذن يمكن للعناصر ان تجتمع كي تخلق نصا موحدا في هذا المقطع يظهر جانب الإحساس هو أعمق في ما يملكه المبدع عن سواه وتصور لنا الشاعرة من خلال حس مرهف ما تشعر بها من حوله ولن روحها الشفافة تدرك أحاسيس لا يمكن للانسان العادي أي يملكها اذن انها تملك فن التعبير تتكون الصورة الشعرية في النص حيث تصور حلم تدون ان تحدد هويته كان لها او لحالة عامة وهذا الحلم قد جرفته السيول تارك للقارئ مهمة الاكتشاف من خلال الاشباك مع النص لكشف مدلولاته فهو الشريك الثاني في العمل :

وفي متاهات الجبال
تَسمعُ صدى الموت
تولد الشمس ….
وتولد ضفائرها
تنثرُها على جسدها الناعس
كي تمزق حدود السوادِ على أرضها
الأن
وهي….
تحدق في موائد قلبها
أربعين عاماً
والعشقُ في فناء

تقول الناقدة الفرنسية سوزان برنار أنَّ قصيدة النثر هي «قطعة نثر موجزة بما فيه الكفاية، موحّدة، مضغوطة، كقطعة من بلّور…خلق حرّ، ليس له من ضرورة غير رغبة المؤلف في البناء خارجاً عن كلّ تحديد، وشيء مضطرب، إيحاءاته لا نهائية» وهذا التعريف لبرنار أوجز قصيدة النثر فبالفعل هي قطعة مضغوطة لأنها تختزل الكثير في سياقاتها وكما هي رغبة المؤلف في البناء خارجاً إي تعبر عن مشاعره وأحاسيسه نجد الشاعرة هناء هناء الجلبي تحول عملية القبض على اللحظة الشعرية ويترجمها وظهر عنصر الخيال بالنص وقد وفقت الشاعرة بتوظيف الخيال بطريقة جيدة وظل محافظ على بنية العمل وقد ربط بين نصه والخيال وجعلتنا نعيش معه لحظات تأمل وعرفنا مدى براعتها في المزج بين الضربات الخيالية ومنتجها الأدبي فكانت كتابته أشبه بالواقعية المقنعة حين صور وتولد ضفائرها لتبني منجز على ايقاع داخلي متصل:

وفي أمسية…
إنهارت كؤوس المزاد
فأنكِسارات الصور على الجباه
ونحن في عرسٍ من الصمتِ
نقيم العزاء…

خطاب مفتوح وجه الشاعرة وقد شاركنها المنتج بما فيه من جوانب شعرية إبداعية أنها تضع خارطة من الكلمات وجملة من المفردات في بحث عن واقعية مغايرة وكان الصعود بالنص فأنكِسارات الصور على الجباه ، ان هذا الخروج عن المألوف وتلاعب بالمعاني لتكون ابنثاقة حداثوية وكما يقول كوهن منبع الشعر مجاز المجاز .