جريدة المجالس

عالمك الالكترونى لكل ما هو جديد معانا هتقدر تعرف كل الاخبار المحلية و الدولية من رياضية و سياسية و اقتصادية.

مقالات

سلطان العاشقين العارف بالله شرف الدين عمر بن الفارض شاعر من شعراء الحب الإلهي

 كتب/محمد أحمد  محمود غالى

العارف بالله شرف الدين عمر بن الفارض، هو حفص وأبو القاسم عمر بن أبي الحسن علي بن المرشد بن علي، وكنيتة ابن الفارض،

ويرجع ذلك لأن أبوه كان يعمل فارضا. والفارض، هو الذي كان يكتب الفروض للنساء على الرجال من بين يدي الحكام، ثم ولي نيابة الحكم. كان من شعراء العصر العباسي المتصوفين. ولد بمصر فى عام ٥٧٦ هـ الموافق ١١٨١م فى عهد الدولة الأيوبية. درس فى شبابه فقه الشافعية، وأخذ الحديث عن ابن عساكر

، ثم مال إلى الزهد فسلك طريق الصوفية. رحل إلى مكة في غير أشهر الحج، واعتزل في واد بعيد عنها. ونظم فى عزلته هذه معظم أشعاره في الحب الإلهي حيث كانت هذه العزلة منبع قوي فاض منه معظم أشعاره،

فقد أتاحت له التفكير والتدقيق فى الخيال البعيد وأسرار الملكوت وحب الخالق القدير عز وجل، والتأمل المستمر فى أحوال نفسه وطبائعها، وفى تصاريف الأحوال فى هذا الكون. وبعد خمسة عشر عامًا من عزلته عاد إلى مصر، وأقام بالجامع الأزهر الشريف فى قاعة الخطابة فقصده الناس بالزيارة وكان معهم بعض كبار رجال الدولة، مما ذاد من شأنه وأجله فى عيون الجميع. يذكر أن فترة عزلته أكسبته ذخيرة كبيرة من دُرَرٌ المعاني وجواهر البيان. قال عنه جبران خليل جبران:

“لم يتناول من مجريات يومه كما فعل المتنبي، ولم تشغله معميات الحياة وأسرارها كما شغلت المعري، بل كان يغمض عينيه عن الدنيا ليرى ما وراء الدنيا، ويغلق أذنه عن ضجة الأرض ليسمع أغاني اللانهاية”. وبالرغم من شهرته الواسعة وعلو صيته، وتأثيره فى أجيال من الشعراء المتصوفة الذين استلهموا منه الكثير ، إلا أنه لا يُعرف لابن الفارض آثارًا أدبية أو صوفية غير ديوانه الذي احتوى ١٨٥٠ بيتًا، لكنه تميز بخصائص فنّية واضحة لما ظهر فيه من دقة الحس، ورقة الشعور، وبعد الخيال،

والوجدان البديع الراقي، وسموّ العاطفة التي سيطرت على نفسه سيطرة قويّة، كما يعد تحفة أدبية ناصعة البيان، دقيقة المعني، مرهفة الحس، عميقة الوجدان، تدور حول الحب الإلهي. يقول عمر بن الفارض فى قصيدته (أرَجُ النّسيمِ سَرَى مِنَ الزَّوراءِ) يا ساكِني البَطحاءِ هَل مِن عَودَةٍ أَحيا بِها يا ساكِني البَطحَاءِ إِن يَنقضي صَبري فَلَيسَ بمُنقَضٍ وَجدي القَديمُ بكُم

ولا بُرَحَائي وَلِئِن جَفا الوَسمِيُّ ماحِلَ تُربِكُم فمَدَامِعي تُربي على الأَنواءِ وَاحَسرَتي ضاعَ الزَّمانُ وَلَم أَفُز مِنكُم أُهَيلَ مَوَدَّتي بِلِقاءِ وَمَتى يُؤَمِّلُ راحَةً مَن عُمرُهُ يَومانِ يَومُ قِلىً ويَومُ تَنائي وحَيَاتِكُم يا أَهلَ مَكَّةَ وهيَ لي قَسَمٌ لقد كَلِفَت بِكُم أحشائي حُبِّيكُمُ في النَّاسِ أَضحى مَذهَبي وهَواكُمُ دِيني وعَقدُ وَلائي يا لائِمي في حُبِّ مَن مِن أَجلِهِ قَد جَدَّ بي وَجدي وعَزَّ عَزائي هَلّا نَهاكَ نُهاكَ عن لَومِ امرِىءٍ لم يُلفَ غَيرَ مُنَعَّمٍ بِشَقَاءِ حَيَّا الحَيَا تِلكَ المَنازِلَ والرُّبَى وسَقَى الوَلِيُّ مَواطِنَ الآلاءِ وَسَقَى المَشاعِرَ

وَالمُحَصَّبَ مِن مِنىً سَحّاً وجادَ مَواقِفَ الأَنضاءِ وَرَعى الإِلَهُ بِها أُصَيحابي الأُلى سامَرتُهُم بِمَجامِعِ الأَهواءِ هَيهَاتَ خَابَ السَعيُ وَانفَصَمَت عُرى حَبلِ المُنى وَانحَلَّ عَقدُ رَجائي وكَفَى غَراماً أَن أَبِيتَ مُتَيَّماً شَوقي أَماميَ وَالقَضاءُ وَرائي. وفي عام ٦٣٢ هـ الموافق ١٢٣٥ م، توفي سلطان العاشقين عمر بن الفارض في القاهرة بمصر، ودفن في مسجده المشهور بجوار جبل المقطم. رضي الله عنه، وأسكنه فسيح جناته.