جريدة المجالس

عالمك الالكترونى لكل ما هو جديد معانا هتقدر تعرف كل الاخبار المحلية و الدولية من رياضية و سياسية و اقتصادية.

آراء و تصريحات دين ودنيا

حوار صحفي ………………… عن حقيقة الكشف عند أهل التصوف

حوار / كريم الرفاعي

علي هامش استعداد المجلس الاعلي للطرق الصوفية المصري لخوض انتخابات عضوية المجلس بين مشايخ الطرق في مصر المسجلين بالمشيخة العامة للطرق الصوفية و اختلاف قوانين المجلس الاعلي للطرق الصوفية فى مصر عن باقي اتحادات الطرق الصوفية علي مستوي العالم الاسلامي كان حوارنا مع معالي الشيخ الدكتور محمد الخلاني ممثل الطريقة الرفاعيه القادرية الصوفيه العراقية في مصر.

س : يراودني سوال في مخيلتي كيف نتعرف إلى الحقيقة ؟ وكيف نسمح للحقائق بأن تصل إلى مركز الاعتقاد منا ؟وعن الكشف عند أهل التصوف ؟

جـ: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين..والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين..اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا انك العليم الحكيم. اللهم علمنا ما ينفعنا. وانفعنا بما علمتنا..وزدنا علماً. الشيء الخطير في حياة الإنسان في المعتقد الذي يسلكه..كما تعلم أن الإنسان في مواقفه وسلوكه وحركاته وسكناته وأعماله إنما ينطلق من عقيدة.. فلو إن الإنسان رأى ما يراه المبصر لسلك سلوكه و لو أن المبصر فقد الرؤيا لسلك سلوك الأعمى..الشيء الخطر ليس في السلوك ولكن في الاعتقاد..لأنك إذا اعتقدت أن هذا الشيء صالح ومفيد ونافع أقبلت عليه.. وإذا اعتقدت أن هذا الشيء ضار لابتعدت عنه.. فالمشكلة هي مشكلة رؤية أو عدم رؤية.

فهناك ثلاثة طرق لمعرفه الحقيقه:

الطريق الأول: طريق اليقين الحسي الشمس ساطعة والنار مشتعلة والمصباح متألق.

الطريق الثاني: طريق الاستدلال العقلي ” اليقين الاستدلالي “، أنت موقن بأن في السلك طاقة كهربائية بسبب تألق المصباح، وأنت متأكد بأن في هذا الإنسان روحاً لأنه يتحرك، وفي هذا الكون إله لأن هذه الصفة تدل على الصانع وهذا النظام يدل على المنظم، وهذا الوجود يدل على الموجد.

الطريق الثالث:ً إذا ظهرت عين الشيء فطريق معرفته اليقين الحسي، فإذا غابت عينه وبقيت آثاره فطريق معرفته الاستدلال العقلي، فإذا غاب الشيء وعينه وكان مغيباً عنا كلياً هو وآثاره فطريق معرفته طريق الخبر الصحيح.

س : هناك مسلك يسمى بالإشراق الروحي فما هي طبيعه هذا المسلك؟

جـ: هذا المسلك دقيق وحساس ولا ينبغي التوسع في استخدامه: فهو مسلك الإضاءة الفطرية والإشراق الروحي.. و إن الإنسان إذا صفت نفسه واقترب من الله عز وجل وأقبل عليه ففي هذا الإقبال يتجلّى الله بنوره فيكشف له بعض الحقائق، قال صلى الله عليه وسلم: “عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأُ الْمِيزَانَ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلآنِ أَوْ تَمْلأ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالصَّلاةُ نُورٌ وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا ” (أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي مالك الأشعري) هذه رؤية القلب وهذه الرؤية لا تحتاج إلى اليقين الحسي.. و إلى اليقين الاستدلالي العقلي.. وإلى الخبر الصحيح..إنما هي إشراقة روحية أو نور الله يقذفه في قلب المؤمن.. ويقول الإمام الغزالي: التقوى نور يقذفه الله في القلب..وبهذا النور ترى الحق حقاً والباطل باطلاً وقوله تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ (سورة التغابن الآية: 11) وقوله تعالى ﴿فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آَتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ﴾ (سورة الأنبياء الآية: 79) آيات كثيرة وأحاديث كثيرة تؤكد هذه الإشراقة الروحية وهذه الإضاءة الفطرية..و عبر عنها علماء التصوّف بمرتبة (الكشف) أي إذا استقمت على أمر الله استقامة تامة وجاهدت نفسك وهواك وبذلت كل ما تملك من أجل أن تتقرب إلى الله عزّ وجل واتصلت بالله اتصالاً صحيحاً عندئذ يكافئك الله عز وجل بنور يقذفه في قلبك.. في هذا النور ترى الحق حقاً والباطل باطلاً. والمهم والأهم ينبغي أن يكون ضابط الإشراق الروحي وفق الكتاب والسنة. أحياناً تقرأ كتباً لعلماء كثيرين تجد أن هناك حقائق مشتركة.. وهناك معارف موحدة قالوها جميعاً.. وذلك أنهم جميعاً أقبلوا على الله وبإقبالهم العالي على الله عز وجل قذف الله في قلبهم النور فرأوا به الحقائق.. فهناك تشابه في أقوال العلماء الصادقين والعارفين بالله الذين استنارت قلوبهم.. فإذا كان هذا الكلام الذي يقوله من يدعي أن نفسه الصافية الشفافة أدركت الحقائق هذا الكلام إذا توافق مع إشراقات بقية العلماء فهو مقبول شرعاً ويمكن أن يحتل مرتبة اليقين.

س : مالذي نراه عند عديد من الأشخاص من الذين يدعون الكشف وهو غير ما ذكرت ؟

جـ:  هذا الطريق مزيف: و هو طريق الأوهام والخرافات وهذا الطريق فاسد فساداً قطعياً لأن الإنسان إذا تحرك بموجبه هلك..وقد نسمع أنسان من العوام أن هذا الزوج لا يحب زوجته لأنها قد سحرته..وعوضاً من أن يستقيم على أمر الله فيغض بصره ويعاملها بالإحسان حتى تنشأ مودة بينهما تذهب إلى دجالين ليعطوه بعض المحاليل وبعض الأدوية وبعض الحجب من أجل أن تحبه.. وهذا المسلك كله أوهام وأباطيل . اجعل علاقتك مع الناس هذه العلاقة التالية: الذي ينقل لك خبراً ما اسأله عن الصحة، ” إن كنت ناقلاً فالصحة ” والذي يبتدع لك نظرية ما اسأله عن الدليل ” إن كنت ناقلاً فالصحة وإن كنت مبتدعاً فالدليل “. فإذا ادّعى شيئاً فقل له: ما الدليل العقلي والنقلي ؟ طالبه بالدليل النقلي حديثاً أو آية, وطالبه بالدليل العقلي إذا قدم لك دليلاً عقليّاً.. فالأمر انتهى. والحمد لله رب العالمين