جريدة المجالس

عالمك الالكترونى لكل ما هو جديد معانا هتقدر تعرف كل الاخبار المحلية و الدولية من رياضية و سياسية و اقتصادية.

مقالات

باحث تربوي من القرن الثالث الهجري (الحكيم الترمذي)

بقلم محمد احمد محمود غالى

الحكيم الترمذي هو أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن (أو: الحسين) الترمذي الملقب بـ الحكيم الترمذي، أحد علماء أهل السنة والجماعة ومن أعلام التصوف السني في القرن الثالث الهجري، من كبار مشايخ خراسان، لقي أبا تراب النخشبي وصحب أبا عبد الله بن الجلاء وأحمد بن خضرويه. ولد الحكيم الترمذي في بداية القرن الثالث الهجري بمدينة ترمذ–

الواقعة على نهر جيحون بخراسان – وتعددت آراء الباحثين في منشأ لقبه بالحكيم ومغزاه تبعًا لاعتبارات مختلفة. أهمها أنه كان من القلائل الذين قاموا بتحليل بارع للنفس الإنسانية، وتمكنوا من الكشف عن مناهج السلوك الروحي( بركة، عبدالفتاح ١٩٧١، ٦٠).

ومع ذلك يمكن التساؤل: لماذا لم يعمم هذا اللقب على كل من قام بهذا العمل؟ يبدو أن لقب الحكيم ارتبط بتفرده بين الصوفية بالإلمام بكثير من علوم عصره العملية كالطب والفلك، كما أنه سلك في حياته مسلكًا خاصًا بين الناس استحق به هذا اللقب( بركة، عبد الفتاح، ١٩٧١، ٦١) .

كان المتصوفة حتى نهاية القرن الثالث الهجري يوجهون جل جهدهم نحو الزهد وتربية النفس ورياضتها ومحاسبتها وغيرها من الإعدادات الروحية، فلم يكن التصوف العرفاني أو الفلسفي قد ظهر بعد. إلا أن باب الولاية والعرفان قد فتحا على مصراعيهما على يد الحكيم الترمذي.

وهو صاحب واحدة من أقدم السير الذاتية التي تحكي لنا تجربته الشخصية في التدرج في منازل السائرين حتى وصل إلى أعلى مقامات الولاية بشكل ربما لم يناظره فيه سوى محي الدين بن عربي الذي أتي بعده بعدة قرون. على غير المعهود صنف الحكيم الترمذي سيرته الذاتية في رسالة أسماها (بدو شأن أبى عبد الله). عرف الحكيم الترمذي بأنه من الصوفية المتقدمين في القرن الثالث الهجري، وله تصور خاص عن القلب والذي أسماه بمقامات القلب

. وأن مقامات القلب هو اسم خاص يقتضي بمقامات الباطن هي الصدر والقلب والفؤاد واللب. كما أن الأخلاق الجميلة هي الأبواب المفتوحة من القلب إلى نعيم الجنان وجوار الرحمن، والأخلاق الخبيثة أمراض القلوب وأسقام النفوس إلا أنه مرض يفوت حياة الأبد. فالقلب على كل وجه له علاقته المتينة بالأخلاق في الحياة الفردية. إذا صلح القلب صلح الجسد كله، وإذا فسد القلب فسد الجسد كله (يساك، محمد، ٢٠١٣، ٢٢٣)

. وأخيرًا حظي الحكيم الترمذي بتقدير أعلام المدرسة الصوفية المعروفة بالمدرسة الشاذلية. وهم أبو الحسن الشاذلي، وابن عطاء الله السكندري، وأبو العباس المرسى. ومن أهم مؤلفات الحكيم الترمذي: كتابه (ختم الأولياء) و(الرياضة، وأدب النفس) و(تحصيل نظائر القرآن) و(الصلاة ومقاصدها) و(الفروق). وبعد عطاء كريم في حياة علمية حافلة بالعطاء توفي الحكيم الترمذي سنة 320 هـ.