جريدة المجالس

عالمك الالكترونى لكل ما هو جديد معانا هتقدر تعرف كل الاخبار المحلية و الدولية من رياضية و سياسية و اقتصادية.

دين ودنيا

الغالب كان؛ موسى!

2013_4_4_14_2_7_915

شرطان اشترطهما الملأ من قوم فرعون على أنفسهم وعلى الناس في مقام المواجهة الحاسمة التي دعوا الخلق إليها للفصل بينهم وبين موسى عليه السلام: “لعلنا نتبع السحرة-إن كانوا هم الغالبين”.

الأصل والمنطق يقتضيان أن يقتصر الشرط في مقام المفاصلة بين الحق والباطل على اتباع من ظهر الحق على يديه فيكون بناء الجملة المتوقع؛ لعلنا نتبع الغالبين.

لكن الهوى المسبق ظهر في مفتتح دعوتهم: “لعلنا نتبع السحرة، لا بد أن يكون السحرة”.

ثم يأتي الشرط الأنيق الذي ما قيل إلا ذرًا للرماد في الأعين كما ظهر بعد ذلك: “إن كانوا هم الغالبين”.

فلا هم التزموا شرطهم الأول ولا الثاني وقد أقيمت عليهم الحجة في الأمرين معًا.
(الغالب كان موسى)
(والسحرة آمنوا بالله)

ورغم ذلك لم يتبعوا السحرة، ولا كانت الغلبة معيارهم، فاتبعوا من غلبت حجته وظهرت بينته.

لم يكن الاتباع المزعوم للسحرة بذواتهم، ولم تكن المفاصلة رغبة في ظهور الحق واتباع صاحبه، بل كان الأمر ببساطة مجرد قناع لتلك الحقيقة، التي أطلت برأسها في تلك المفاصلة وفي كل مفاصلة.

حقيقة أن الاتباع مشروط بما وافق الهوى، والغلبة المنشودة هي غلبة القوة والبأس، وليست غلبة المنطق والحجة والبينة والبرهان.

ما كان اتباعهم للسحرة إلا لأنهم على ملة فرعون، وما كان تصديرهم إلا لأنهم يوافقون أهواء القوم، وسابق اعتقادهم، فلما فارقوه سقطت قيمتهم لدى القوم، وتبددت وعودهم السالفة، وانهارت شروطهم الكاذبة.

وكذلك أتباع الباطل في كل زمان على استعداد لإسقاط أي رمز أو متبوع إذا خالف هواهم، وفارق باطلهم حتى يكاد المرء يحسب أن فرعون نفسه لو قام بينهم شاهدًا على نفسه بسابق الكفر والإفساد؛ لما صدقوه، ولأبوا أن يتبعوه إن فارق ذلك الذي عرفوه وتعودوه، ولأسقطوه، وبحثوا عن فرعون جديد يحدثهم بما يعرفون، ويريدون.


المصدر: طريق الإسلام