التخطي إلى المحتوى
الأستاذ الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد أبو نحل الكاتب والباحث المفكر العربي والمحلل السياسي رئيس المركز القومي لعلماء فلسطين – غزة عضو مؤسس في اتحاد الكتاب والأدباء العرب
مكتب فلسطين
في الذكري 51 علي معركة الكرامة المُتجددة بتضحيات الشهداء مع ارتقاء الشهداء الأبرار أمثال عمر أبو ليلي، وكوكبة أخري من الأبطال الشهداء تتجدد ذكري معركة الكرامة والبطولة في كل يوم وساعة ووقت وحين،
بصورة وأدوات مختلفة مع وجود شعب فلسطيني بطل صامد مقاوم فدائي يقارع الاحتلال وقطعان الغاصبين المستوطنين ويرفض كل قرارات التهويد والطمس والشطب لحقوق شعبنا؛ يقاوم الاحتلال بالكلمة، وبالقلم، وبالحجر وبالسكين، وبالمقاطعة، وبالمقاومة الشعبية وبالدهس؛ وبالرصاص، وبالمبضع، والشعر والثقافة، والأنشودة والمسرحية الوطنية الهادفة؛ الكل يدلي بدلوهِ من أجل تحقيق الحرية والكرامة لتحرير المقدسات
؛ رداً علي ما بات يعرف بصفقة العصر أو القرن، مع محاولات فرضها علي شعبنا, وأفول نجم حل الدولتين، ووفاة اتفاقية أوسلوا بعد اعتراف ترمب بالقدس الشريف عاصمة لكيان الاحتلال الاسرائيلي الغاصب، واعلانهِ نقل السفارة الأمريكية إلي القدس المحتلة في يوم الرابع عشر من شهر مايو الذي يصادف مرور سبعون عاماً علي نكبة شعبنا الفلسطيني، وتقليص المساعدات للأونروا ومحاولة شطب حق العودة وازاحة الثوابت الفلسطينية من أي اتفاق!؛
وفي خضم تزاحم تلك الأحداث تأتي علينا في شهر مارس من كل عام ذكري معركة الكرامة المجيدة الخالدة، والمُضيئة والمُشرقة في حياة شعبنا الفلسطيني المكافح وأمتنا العربية والإسلامية؛ جاءت معركة الكرامة بعد هزيمة الجيوش العربية في حرب الأيام الستة وإن شئت فقُل الساعات الِست في عام 1967م!!؛ لتأتي رداً علي الهزيمة النكراء معركة الكرامة التي أعادت للأمة العربية كرامتها ومرغت انف الاحتلال الاسرائيلي في التراب؛ تلك المعركة التي وقعت في يوم 21 آذار مارس 1968، بين الفدائيين الفلسطينيين الأبطال من حركة فتح، ومعهم فرقة مُدرعات من الجيش الأردني ومن جهة،
أخري القوات الصهيونية المعتدية، كانت المعركة بالقرب من مخيم الكرامة على الضفة الشرقية لنهر الأردن؛؛ وتعود أسباب تلك المعركة المجيدة بسبب العمليات الفدائية التي كانت تقوم بها مجموعات من الأبطال المقاتلين الفدائيين الفلسطينيين بمنطقة الغور الشرقي لنهر الأردن حيث قامت بتنفيذ العديد من العمليات العسكرية التي أرّقت قوات الاحتلال، وأقلقت مضاجعهم؛ كما أن السبب للمعركة يعود لغرور وغطرسة، وكبرياء في قيادة جيش الاحتلال الاسرائيلي بعد هزيمتهم الجيوش العربية!؛ حيثُ برزت مقولة الجندي الصهيوني الذى لا يُقهر، فأعلن قادة دولة الاحتلال الصهيوني أنهم سوف يقومون بنزهة قتالية لتدمير ما تبقي من الفدائيين الفلسطينيين المقاومين من حركة فتح،
ومن أجل احتلال مرتفعات البلقاء والاقتراب من العاصمة عمّان وضم أجزاء جديدة من الأردن وتحويلها إلى جولان أخرى للتخلص من الهجمات المستمرة التي كان يقوم بها أبطال معركة الكرامة أبطال حركة فتح بقيادة القائد الرمز الشهيد القائد أبو عمار ياسر عرفات أنداك رحمه الله، ورفاقه في درب النضال والكفاح؛؛ ولقد كان الهدف من تلك الحرب هو كسر شوكة المقاومة الفدائية الفلسطينية وكذلك إسكات الجبهة المقاومة للفدائيين والعمليات التي تنطلق من الحدود بين فلسطين المحتلة والأردن وكذلك إلى إرغام الأردن على قبول التسوية والسلام الذي تفرضه دولة الاحتلال،
وبالشروط التي تراها وكما تفرضها من مركز القوة، ومحاولة الصهاينة وضع موطئ قدم لهم على أرض شرقي نهر الأردن باحتلال مرتفعات السلط وتحويلها إلى حزام أمنى صهيوني لدولة الاحتلال المُجرمة؛ وفي بداية العام 1968م هددت دولة الاحتلال، بعمل مضاد إذا ما استمرت نشاطات الفدائيين الفلسطينيين عبر نهر الأردن، وقامت بتكثيف نشاط الدوريات الإسرائيلية في الفترة ما بين 15-18 آذار 1968 بين جسر الملك حسين وجسر دامية، وكذلك الطلعات الجوية لطائراتها فوق وادي الأردن،
وتمهيدا للهجوم الواسع نفذت قوات الاحتلال الصهيوني هجمات عديدة متواصلة تركزت بشكل رئيسي على القصف الجوي والمدفعي على طول الجبهة الأردنية طوال أسابيع عديدة سبقت بداية المعركة عند الساعة 5:25 من فجر ذلك اليوم، كما مهدت لذلك بإجراءات واسعة النطاق في المجالات النفسية والسياسية والعسكرية عمدت بواسطتها إلى تهيئة المنطقة لتطورات جديدة يتوقعونها كنتائج لعملياته العسكرية شرقي نهر الأردن؛
واستمرت المعركة ست عشرة ساعة في قتال مرير على طول الجبهة، ومن خلال مجرى الحوادث وتحليل العمليات القتالية اتضح أن القوات الإسرائيلية المهاجمة بنت خطتها على ثلاثة مقتربات رئيسة ومقترب رابع تضليلي لتشتيت جهد القوات المدافعة المقابلة، وجميع هذه المقتربات تؤدي حسب طبيعة الأرض والطرق المعبدة إلى مرتفعات السلط وعمان والكرك..؛ قامت القوات الصهيونية بشنّ هجوم واسع من ناحية الضفة الشرقية لنهر الأردن امتد من جسر الأمير محمد شمالاً، حتى جنوب البحر الميت
، وكان هدف الهجوم حسب ما أعلنت قوات الاحتلال في حينه، القضاء على مواقع الفدائيين الفلسطينيين في مخيم الكرامة، وقامت مجموعات من الفدائيين من الأبطال الفتحاويون برصد ومراقبة تحركات قوات الاحتلال، وتدارست القيادة الأمر واستعدت وتجهزت للمعركة بصورة جيدة واتخذت كافة التدابير الواجب اتخاذها وعلى الأخص المجابهة أو الانسحاب من المواقع المستهدفة لتأتي ضربته في الفراغ وفقا لمبادئ قتال الحرب الشعبية، اتخذ الفدائيون استعداداتهم للتصدي للعدوان القريب ووضعت في حالة استنفار وتعبئة انتظارًا للتطورات والعدوان المُنتظر والمتوقع قدومهُ؛
ومع بدء ساعة الصفر للمعركة استبسل وصمد الفدائيون في المعركة والتي كانت نقطة تحول كبيرة بالنسبة لحركة فتح خاصة والمقاومة الفلسطينية عامة، وتجلى ذلك في تقدم الاف الشباب للإنظام لصفوف الفدائيين، ولا سيما من قبل المثقفين وحملة الشهادات الجامعية، والتظاهرات الكبرى التي قوبل بها الشهداء الأبطال إكراماً لهم، في المدن العربية التي دفنوا فيها،
والاهتمام المتزايد من الصحافة الأجنبية بالمقاومة الفلسطينية، ما شجع بعض الشبان الأجانب على التطوع في صفوف حركة فتح؛ كما أعطت معركة الكرامة معنى جديد تجلى في المظاهرات المؤيدة للعرب والهتافات المعادية التي أطلقتها الجماهير في وجه وزير خارجية الاحتلال في ذلك الوقت ( آبا آيبان)، أثناء جولته يوم 7/5/1968 في النرويج والسويد، حيث سمعت آلاف الأصوات تهتف‘ عاشت فتح؛؛
ووفق التقارير العسكرية التي تم تداولها بعد معركة الكرامة، بلغت خسائر جيش الاحتلال 70 قتيلاً وأكثر من 100 جريح وتدمير 45 دبابة و25 عربةً مجنزرة و27 آلية مختلفة و5 طائرات؛؛ أما الثورة الفلسطينية فقد فقدت 17 شهيداً في حين خسر الجيش الأردني20 شهيداً و65 جريحاً و10 دبابات و10 آليات مختلفة ومدفعين فقط؛ وبعد انتهاء المعركة صدرت العديد من ردود الفعل كان أبرزها، قول الرئيس الشهيد القائد الرمز ياسر عرفات: “إن معركة الكرامة شكلت نقطة انقلاب من اليأس إلي الأمل، ونقطة تحول في التاريخ النضالي العربي،
وتأشيرة عبور القضية الفلسطينية لعمقيها العربي والدولي، وفي المقابل، قال رئيس أركان الاحتلال الإسرائيلي في حينه (حاييم برليف)، في حديث له: “إن إسرائيل فقدت في هجومها الأخير على الأردن آليات عسكرية تعادل ثلاثة أضعاف ما فقدته في حرب حزيران، كما أردف قائلاً:” ‘إن عملية الكرامة كانت فريدة من نوعها ولم يتعود الشعب في (إسرائيل) مثل هذا النوع من العمليات،
وبمعنى آخر كانت جميع العمليات التي قمنا بها تسفر عن نصر حاسم لقواتنا؛ كما علق أحد كبار القادة العسكريين العالميين، رئيس أركان القوات المسلحة في الاتحاد السوفياتي في تلك الفترة المارشال (جر يشكو)، بقوله: ‘لقد شكلت معركة الكرامة نقطة تحول في تاريخ العسكرية العربية؛ أما رئيس أركان الجيش الأردني حينها، الفريق مشهور الجازي فعقب، ‘أقول بكل فخر، كل البنادق ضد (إسرائيل) فكانت النتيجة مشرفة؛؛ لقد كان للمعركة أثر كبير على معنويات الشعب الفلسطيني والشعوب العربية خصوصاً بعد هزيمة حرب67 وزادت شعبية الفدائيين وحركة فتح خصوصًا؛ نتمنى أن تعود اللحمة العربية من جديد بعد الربيع الدموي العربي ونتمنى انتهاء الانقلاب البغيض، وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية في ظل التحديات الجسام والعظيمة التي تهدد قضية فلسطين خاصة محاولة فرض حل دولة أو إمارة غزة؛ وفي النهاية طالما أن فلسطين فيها أمثال البطل الشهيد عمر أبو ليلي،
فلن يستطيعوا أن يشطبوا حق شعب الجبارين شعب فلسطين الصامد فالمعركة بيننا وبينهم متواصلة ليوم القيامة والنصر حليفنا، لأن الباطل مها علا، وكبر وظلم وتكبر وتجبر فسوف يسقط وينكسر ولابد للحق الفلسطيني من أن ينتصر، ويسألونك متي هو قل عسي أن يكون قريباً،
يومًا قريبا سوف ننتصر علي الاحتلال والذي مصره حتمًا إلي مزابل التاريخ، لأن فلسطين لن تنكسر وسوف تنتصر.