BBC
صمم مهندسون في كوريا الجنوبية جهاز استشعار يرصد الذبذبات البسيطة، وذلك من خلال محاكاتهم لتصميم عضو في أرجل العناكب.
وتقوم الفكرة على الذبذبات التي تفتح وتغلق شقوقا في طبقة رقيقة جدا من البلاتين، بما يؤدي إلى تغير درجة التوصيل في الجهاز.
ويوجد في مفاصل بعض العناكب نظام مشابه يعتمد على الشقوق.
ويستطيع الجهاز، عند لصقه بالعنق أو المعصم، تمييز ما يقوله الشخص أو قياس نبضه، حسبما يقول فريق المهندسين في دورية الطبيعة “نيتشر”.
وقال الأستاذ الجامعي مانسو تشوي لبي بي سي إن المشروع بدأ منذ عامين، عندما طالع زميل له في جامعة سول الوطنية ورقة بحثية في الدورية نفسها.
وكانت تلك الورقة البحثية تشرح كيف أن أنواعا معينة من مجتمعات العناكب الجوالة تتواصل مع الأزواج المحتملة، التي تبعد أمتارا على النبات نفسه، من خلال حك أوراق النبات و”الإنصات” إلى الذبذبات.
ويتكون العضو الموجود في أرجل العناكب، والذي يرصد هذه الذبذبات فائقة الضعف، من مجموعات من الشقوق. ويُطلق على هذا العضو اسم “العضو القيثاري” لأن الشقوق تتباين في الطول كما هو الحال في أوتار القيثارة.
وقال تشوي “حاولنا محاكاة الشكل المشقوق للعضو.”
وللقيام بهذا، وضع الفريق طبقة دقيقة للغاية من معدن البلاتين على مركب مرن من البوليمر، ثم طووها.
وكان على الفريق استخدام السمك المناسب من البلاتين، وطيه على نحو ملائم، من أجل الحصول على نمط من الشقوق المتوازية التي تؤدي دور جهاز لاستشعار الذبذبات.
وقال تشوي “في البداية، فشلنا مرات عدة”، مضيفا أن “الأمر استغرق العديد من الشهور… لكن في النهاية توصلنا إلى كيفية تكوين بنية من الشقوق يمكن التحكم فيها.”
وعندما أوصل الفريق الكهرباء بطبقة البلاتين، اكتشفوا أن بوسعهم قراءة تردد وحجم الذبذبات التي وجّهوها إلى جهاز الاستشعار، وذلك لأن الشقوق كانت تُغيّر مقاومة المعدن كلما فتحت وأغلقت.
وكان من المهم أن تتسم حواف الشقوق بشيء من الخشونة، بحيث تبدو كخطوط مسننة عند رؤيتها من خلال المجهر. وإذا كانت الخطوط مستقيمة تماما، فإن كل التيار كان سيتوقف على الفور وسيصبح جهاز الاستشعار إما في وضع التشغيل أو مطفأ.
لكن مع الحواف المسننة قليلا، اكتسبت الشقوق حساسية فائقة، بما يسمح لمستويات متباينة من التيار بالمرور عبرها حيث انثنى البوليمر الموجود تحتها مع الذبذبات.
ولإجراء مزيد من الاختبار، حاكى الباحثون الذبذبات الضئيلة الصادرة عن أجنحة الدعسوقة (الخنفسة المنقطة)، والتي تبلغ 14 ميكرومتر (0.014 مم). ونجح الجهاز في رصد الذبذبات.
وعندما وضع الباحثون جهاز الاستشعار على آلة الكمان الموسيقية، تمكن من تمييز النوتات الموسيقية المختلفة التي كانت تُعزف. وبوسع الجهاز كذلك قياس النبض إذا تم تثبيته إلى المعصم، كما أنه سمح للباحثين بتمييز الكلمات التي يتحدث بها شخص ما عند وضعه على رقبته.
وأوضح تشوي قائلا “إذا لمست عنقك عندما تتحدث، (تجد) أنها تصدر ذبذبات. جهاز الاستشعار الخاص بنا قادر على رصد ذبذبات كهذه بدقة بالغة.”
ونال الفريق براءة اختراع عن الجهاز، ويعكف حاليا على تطويره، خاصة في ما يتعلق بجعله أكثر تحملا واستخدام معادن أرخص من البلاتين.
وكان الكاتب الرئيسي للورقة البحثية التي أثارت اهتمام الفريق الكوري في بادئ الأمر هو الأستاذ الجامعي بيتر فراتزل من معهد ماكس بلانك للغرويات والوسائط البينية في ألمانيا.
وكتب فراتزل تعقيبا على الورقة البحثية الجديدة، قال فيها إن التطبيقات العملية لجهاز الاستشعار مثيرة للإعجاب. لكنه أشار إلى أن دقته مازالت أقل بكثير مما لدى العناكب التي أوحت بالفكرة.
وقال فراتزل إن “جهاز استشعار الذبذبات لدى العنكبوت يجمع عددا من الخصائص الرائعة. إنه فائق الحساسية لكن قدرته على التمييز فائقة كذلك.”
وأضاف أن “هناك مجال كبير لتحسين ما يقومون به من الناحية التقنية، قبل أن نقارنه حتى بقدرات جهاز الاستشعار الخاص بالعنكبوت.”