
مدينة بِلبِيس هي إحدى مدن محافظة الشرقية بمصر، تعد واحدة من أقدم مدن مصر وأحد أهم المدن التاريخية بها، وتمتعت عبر العصور بأهمية إستراتيجية كبرى حيث كانت تعتبر في العصور الأولى البوابة الشرقية لمصر ومعبر للوافدين عليها، وكانت بلبيس هي إحدى مقرات الهكسوس وكانت مقرًا لحكم الكثير من حكام مصر القديمة لمدة 145 عام ومنهم رمسيس الأول والثاني، وكان يطلق عليها العاصمة السابعة، وكانت بلبيس هي عاصمة ولاية الشرقية قبل أن يقوم محمد علي باشا عام 1833 بنقل عاصمة الشرقية من بلبيس إلى الزقازيق.
يرجع تاريخ بلبيس إلى عهد المصريون القدماء حيث يرجع نشأة بلبيس إلى الأسرة الرابعة، كانت الشرقية في عهد الفراعنة تسمى بـ (المقاطعة 12) من مقاطعات الوجه البحري وكانت عاصمة مصر كلها آنذاك، وكانت بلبيس هي إحدى محطات الفتح الإسلامي لمصر حيث أن آرمانوسة أبنة المقوقس كانت في طريقها لتزف إلى قسطنطين بن هرقل (قسطنطين الثالث) وأقامت في القيسارية حتى قدمت قوات عمرو بن العاص وحاصرت المدينة، ثم قام عمرو بن العاص بتسليمها إلى أبيها في جميع مالها، وتم بناء مسجد سادات قريش فيها الذي يعد أول مسجد في مصر وأفريقيا، وفي زمن الفاطميين قسمت الشرقية إلى كوَر صغيرة جُمعت مع بعضها وسميت بـ (ولاية الشرقية) وكان يديرها الكاشف، وكانت بلبيس أول مدينة تستقبل الملك الصالح أيوب عندما حكم مصر وأحدث بها الكثير من التطويرات، وعندما تولى محمد علي الحكم قسٌمت الولاية إلى أخطاط يرأس كل منها موظف باسم حاكم الخط وذلك لتنظيم الأعمال بالقرى.
تتمتع بلبيس بأهمية تاريخية ودينية، حيث ولدت بها السيدة هاجر زوجة النبي إبراهيم وأم النبي إسماعيل حينما مر بها النبي إبراهيم مع زوجته سارة إلى مصر، وكذلك ذكرت في التوراة حيث ذكرت بلبيس في التوراة بآسم (جاشان) في سفر التكوين حينما نزل النبي يعقوب إلى مصر لمقابله إبنه يوسف ووردت كذلك في سورة يوسف، وكذلك قيل إن النبي موسى ولد في بلبيس في بعض الروايات، وكانت أيضاً إحدى محطات رحلة العائلة المقدسة، وكذلك ذكر اسمها في ألف ليلة وليلة في حكاية الوزير نور الدين مع شمس الدين أخيه.تتميز بلبيس بكونها مدينة زراعية وتربية المواشي والجمال بالإضافة إلى انتشار صناعات صغيرة بها، كما تتميز بوجود مهرجان الخيول العربية ومهرجان الهجن، وأيضاً من أشهر معالمها قاعدة بلبيس الجوية والكلية الجوية في مصر وكذلك وحدات سلاح المظلات المصرية.
أطلقت عليها عدة أسماء في الكتب القديمة، فقد قيل (بلبيس) و (فلبيس أو فلابيس). في عهد الدولة القديمة للفراعنة باسم «بل بس» أي «بيت الإله بس» وبس باللغة المصرية تعني القطة حيث كانت مع تل بسطة مركزا لهذا الإله في ذلك الزمان.
كانت تسمى (بيس) ويقال أيضاً أن اسمها كان (بيسة) على اسم إحدى الملكات في العصر الروماني، ثم أضيف إليها (بل) فأصبحت (بل بيس) ومعناها القصر الجميل وسميت بعد ذلك بلبيس [بحاجة لمصدر]، وكان الاسم الأصلي لمحافظة الشرقية كما يشار إليه في تاريخ الجبرتي هو «شرقية بلبيس» أي الأراضي الواقعة شرق مدينة بلبيس.
بحسب كتاب مسالك الممالك لابن حوقل ومعجم البلدان لياقوت الحموى فأن السيدة هاجر زوجة النبي إبراهيم وأم النبي إسماعيل ولدت وعاشت في بلبيس، وبالتحديد من منطقة تسمى (غيثه)، وقام ملك الهكسوس بمنح هاجر هدية للسيدة سارة لتخدمها وكانت أميرة فرعونية، ثم تزوجها النبي إبراهيم لينجب منها إسماعيل.
ذكرت ايضاً بلبيس في التوراة حيث أن منطقة (تل اليهودية) التابعة لبلبيس هي أرض (جاشان) والتي أقام بها يعقوب عند لقاءه بأبنه يوسف بعد فراقٍ دامَ سنوات، ورد في سفر التكوين «يقول ابنك يوسف قد جعلني الله سيدًا لكل مصر أنزل إلي لا تقف فتسكن في أرض جاشان جوشن وتكون قريبًا مني أنت وبنوك».
وبعض الوثائق وأشهرها كتاب خطط المقريزي يحكي عن إقامة يوسف الصديق والأسباط في التلة ببلبيس،كذلك دفن فيها عدد من أنبياء بنى إسرائيل في منطقة سعدون التابعة لبلبيس.كذلك ورد ذكرها في القرآن في الآية 82 من سورة يوسف ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ٨٢﴾ [يوسف:82]
وبحسب تفسير الطبري والبغوي أن القرية في مصر، ورجح المؤرخون أن القرية المذكورة كانت بلبيس نظراً لقربها من مقر حكم النبي يوسف وقتها ولأن الرحال كانت تشد منها إلى بلاد كنعان موطن النبي يعقوب وقتها.ويروى الرحالة والمؤرخ الألمانى الأب فانسليب أن بلبيس استظلت فيها العائلة المقدسة بشجرة تسمى شجرة مريم، وكانت بجوارها بئر وأنبع الله عين ماء شرب منها المسيح وغسلت فيها العذراء ملابسه.
يرجع تاريخ بلبيس إلى عهد المصريون القدماء حينما كانت الشرقية في عهد الفراعنة تسمى بـ (المقاطعة 12) من مقاطعات الوجه البحري وكانت عاصمة مصر كلها آنذاك.وفي أثناء الفتح الإسلامي لمصر كانت آرمانوسة أبنة المقوقس حاكم مصر في طريقها لتزف إلى قسطنطين بن هرقل (قسطنطين الثالث) وأقامت في القيسارية حتى قدمت قوات عمرو بن العاص وحاصرت المدينة وسيطرت عليها، ثم قام عمرو بن العاص من أجل كسب ود أبيها بتسليمها إلى أبيها في جميع مالها وأرسل معها قيس بن العاص السهمي وسر المقوقس بهذا الأمر.
وفي عصر الدولة الأموية، ذكر بأن السيدة زينب ابنة الإمام علي بن أبي طالب وحفيدة النبي محمد مرت ببلبيس وكان برفقتها السيدة فاطمة والسيدة سكينة ابنتا أخيها الحسين بن علي، عندما غادروا المدينة المنورة متجهين إلى مصر هرباً من يزيد بن معاوية حيث وأقاما في بلدة العباسة التي كانت تتبع بلبيس ثم أتجهن إلى الفسطاط.
المدينة لعبت دوراً وخسرت في مؤامرات السيطرة على الوزارة الفاطمية. ففي عام 1164 حوصر شيركوه في بلبيس من قبل شاور وأمالريك الأول ملك القدس الصليبي لمدة 3 أشهر، وفي عام 1168 هاجمها أمالريك الأول مرة أخرى وقد سقطت المدينة بعد 3 أيام في 4 نوفمبر ليعمل أمالريك فيها الذبح لكل سكانها بدون تمييز، رجالا ونساء وأطفالا – من مسلمين ونصارى.
فظاعة المذبحة روعت نصارى مصر الذين كانوا يرون الصليبيين كمخلصين، ثم ما لبثوا أن عانوا كالمسلمين مما دعاهم إلى وقف مساندتهم للصليبيين ووضعوا أيديهم في يد المسلمين لصد الأجانب.
ذكرت بلبيس أيضاً في البداية والنهاية لأبن كثير، فحينما حاول العزيز عماد الدين عثمان الأيوبي حاكم مصر السيطرة على دمشق من أخيه الأفضل بن صلاح الدين فاستنجد بعمه العادل فسار معه وسبقه إلى دمشق، وراح الأفضل أيضا إلى أخيه الظاهر بحلب، فساروا جميعا نحو دمشق، فلما سمع العزيز بذلك وقد اقترب من دمشق كر راجعا سريعا إلى مصر، وركب وراءه العادل والأفضل ليأخذا منه مصر، وأقاما على بلبيس أياما حتى خرج إليهما القاضي الفاضل من جهة العزيز وتم توقيع الصلح.
وفي عام 636هـ حينما قبض الناصر حاكم الكرك على الصالح أيوب لمدة 7 شهور وطلب العادل الإفراج عن أخيه، وحينما سار العادل من الديار المصرية إلى بلبيس قاصدا قتال الناصر داود، فاضطرب الجيش عليه واختلفت الأمراء، وقيدوا العادل واعتقلوه وأرسلوا إلى الصالح أيوب يستدعونه إليهم، فلما وصل الصالح إلى المصريين ملكوه عليهم وكانت بلبيس أول مدينة تستقبل الملك الصالح أيوب عندما حكم مصر وأحدث بها الكثير من التطويرات.
وعندما تولى محمد علي الحكم قسمت الولاية إلى أخطاط يرأس كل منها موظف باسم حاكم الخط وذلك لتنظيم الأعمال بالقرى.أعاد نابليون بناء استحكامات المدينة العسكرية عام 1798.