جريدة المجالس

عالمك الالكترونى لكل ما هو جديد معانا هتقدر تعرف كل الاخبار المحلية و الدولية من رياضية و سياسية و اقتصادية.

غير مصنف

الشرق الأوسط وغباء إردوغان

الشرق الأوسط وغباء إردوغان

كتبت المقال هيام محى الدين

كان السقوط المدوي لحكم جماعة الإخوان في مصر زلزالاً حقيقياً هدم بناء خططت له قوى عالمية وإقليمية لسنوات طويلة ، وحين اقتربت من تحقيق ما خططت له كان للشعب المصري وجيشه الوطني رأي آخر هدم بناءهم على رءوسهم فاندفعوا للهجوم على مصر وجيشها بعنف كشف خداعهم وغباءهم وأفقدهم توازنهم وفضح مخططاتهم ، واضطروا إلى إظهار وجههم القبيح وتناقض أهدافهم مع ما ينادون به من مبادئ الحرية والديمقراطية ومحاربة الإرهاب وتحقيق رغبات وآمال الشعوب فقد اتضحت الخطة الأمريكية في تفتيت المنطقة وإثارة النزاعات الدينية والعرقية والمذهبية وتشجيع الحروب الطائفية لتسهيل السيطرة الأمريكية على المنطقة والحفاظ على أمن إسرائيل كما وضح ارتباط الخطة الأمريكية واعتمادها على تيارات التأسلم السياسي المتعطشة للحكم والتي لا تعترف بالوطنية ولا بالقومية وإنما تعتنق فكر أمميا يريد إحياء الخلافة الإسلامية بشكلها العثماني الذي قضى عليه أتاتورك سنة 1924 من خلال حمامات دم ومحاولات للسيطرة على الشعوب باسم الدين وإعادتها للعصور الوسطى والقضاء على أي فرصة لها للتقدم كدول مدنية وطنية حديثة مما يساعد الخطة الأمريكية ويصنع الفوضى الخلاقة التي تعيد تشكيل المنطقة من جديد تحت مظلة النفوذ الأمريكي. وكان اكتشاف الدول التي مازالت تحتفظ بوحدتها الإقليمية وكيانها الوطني للخطة الأمريكية دافعاً لهذه الدول لمعارضة استيلاء تيارات الإسلام السياسي على الحكم في المنطقة ومحاولة مقاومته مثلما فعلت الإمارات العربية والبحرين بتأييد واضح من المملكة العربية السعودية وكان أخطر ما يهدد هذه الدول هو وصول هذا التيار للحكم في مصر وانتهاجه سياسة واضحة تتسق مع المخطط الأمريكي لخلق الفوضى وتشجيع الإرهاب الديني المتطرف وتجميع تياراته في سيناء ومحاولة السيطرة على مفاصل الدولة المصرية ، فلما قام الشعب المصري بإسقاط هذا النظام وسانده جيشه الوطني سارعت هذه الدول لتأييد رغبة الشعب المصري والوقوف بجانبه ، كما سارعت دول المحور المقابل المتمثلة في تركيا وقطر إلى الهجوم على ما حدث في مصر ووصفه بالانقلاب العسكري على الشرعية ، وتخبطت السياسة الأوربية بين تأييد المشروع الأمريكي لتمزيق المنطقة وبين مصالحها الأمنية والاقتصادية والتجارية في المنطقة التي لا تعطي ثمارها إلا من خلال دول مستقرة وحكومات قوية في دول المنطقة ، وأصبح الأمريكيون في وضع لا يحسدون عليه فهم إما أن يؤيدوا الإرهاب الديني فيفقدون المصداقية وإما أن يضحوا بمخطط أنفقوا عليه المليارات وحقق نجاحات واضحة في العراق والسودان وتونس وليبيا وسوريا وأصبح اليوم مهددا بالسقوط من خلال جبهة قوية تشكلها مصر والسعودية والإمارات والكويت والأردن ، ولكن مشروع الإدارة الأمريكية مازال يملك جبهة مقابلة في المنطقة تمثلت في تركيا التي يحلم الحزب الحاكم فيها ذو الخلفية الدينية بإعادة الخلافة العثمانية والسيطرة التركية على المنطقة بالتحالف مع تيارات الإسلام السياسي وكانت مصر تحت حكم الإخوان تمثل درة التاج في الحلم التركي وشكل سقوطهم صدمة كبرى لحلم أردوغان وحزبه كما انضمت قطر التي دفعها طموحها إلى أن تكون دولة مؤثرة في المنطقة إلى وضع إمكاناتها المالية الكبيرة في خدمة المشروع الأمريكي منذ التسعينيات أملاً في أن تصبح رغم ضآلة مساحتها الجغرافية وتعدادها السكاني إحدى الدول الإقليمية ذات النفوذ والتأثير وهو حلم أسطوري يتناقض مع حقائق التاريخ فرغم ثراء إمارة موناكو مثلاً فلم تستطع يوما أن تكون لاعباً مؤثراً في السياسة الأوربية. وقد تشكلت الجبهتان بسرعة فائقة تطلبتها سخونة الأحداث وشجع ظهور هاتين الجبهتين على استمرار إرهاب الإخوان في مصر وعلى تمسك الشعب المصري وجيشه بإبعادهم عن الحكم ، ونستطيع بوضوح أن نرى الصراع العنيف بين كل من الجبهتين على ضمير العالم جبهة تقودها تركيا العثمانية وتمولها قطر وتعتبر حماس ذراعها العسكرية وجبهة تقودها مصر ميدانيا والسعودية سياسياً والإمارات والكويت والأردن دبلوماسياً ومالياً وتستخدم كل من الجبهتين أقصى قدراتهما السياسية والاقتصادية والدبلوماسية وعلاقاتهما الدولية واستثماراتهما المالية في جذب التأييد العالمي لوجهة نظرها. والحقيقة الموضوعية تقول أن الجبهة التي تستند إلى أرادة الشعوب هي القادرة على الانتصار في هذا الصراع واعتقادي الشخصي أن إرادة الشعوب في جبهة مصر والسعودية أكثر وضوحاً في تأييد موقف حكوماتها منها في الجبهة الأخرى ، فالشعب التركي مثلاً لا يعيش حلم استعادة العثمانية مثلما يعيش الشعب المصري حلم استعادة الحرية والديمقراطية ، كما أن قطر وحماس لا تملكان أصلاً وجوداً شعبياً متحداً متماسكاً له حلم سياسي مستقل أصلاً كما أن شعوب السعودية والإمارات والكويت تتوافق مع حكوماتها بصورة أكثر تضامناً وثقة لذا أنصح الإدارة الأمريكية بأن تسلم بسقوط مشروعها لأن ذلك خير لها من أن تفقد شعوب المنطقة بصورة نهائية ، قد يصعب في المستقبل القريب عليها أن تستعيد ثقة هذه الشعوب ، فهل يكف السيد ترامب عن مكابرته ويعود إلى التعامل مع الواقع أم يصر على أن يزج ببلاده في معركة خاسرة مع شعوب لن تفرط في إرادتها !؟ هيام محي الدين