بعد أن رأى الحسين تخاذل أهل الكوفة و تخليهم عنه كما تخلوا من قبل عن مناصرة مسلم، و بلغ تخاذلهم أنهم أنكروا الكتب التي بعثوا بها إلى الحسين حين ذكرهم بها، فعرض على عمر بن سعد ثلاثة حلول: إما أن يرجع إلى المكان الذي أقبل منه، أو أن يذهب إلى ثغر من ثغور الإسلام للجهاد فيه، أو أن يأتي يزيد بن معاوية في دمشق فيطلب منه الحلين الأولين، فبعث عمر بن سعد لابن زياد خطاباً بهذا إلا أن شمر بن ذي الجوشن رفض و أصر على بن زياد أن يحضروه إلى الكوفة أو يقتلوه، فأرسل بن زياد لعمر بن سعد برفضه.

ومع رفض الحسين للتسليم، بدأ رماة الجيش الأموي يمطرون الحسين وأصحابه الذين لا يزيدون عن 73 رجلا بوابل من السهام وأصيب الكثير من أصحاب الحسين ثم اشتد القتال ودارت رحى الحرب وغطى الغبار أرجاء الميدان واستمر القتال ساعة من النهار، ولما انجلى غبار المعركة، كان هناك خمسين صريعا من أصحاب الحسين. واستمرت رحى المعركة تدور في ميدان كربلاء و أصحاب الحسين يتساقطون و يستشهدون الواحد تلو الآخر واستمر الهجوم والزحف نحو من بقي مع الحسين وأحاطوا بهم من جهات متعددة. حرق جيش يزيد خيام أصحاب الحسين، فراح من بقي من أصحاب الحسين وأهل بيته ينازلون جيش عمر بن سعد و يتساقطون الواحد تلو الآخر وفيهم: ولده علي الأكبر، أخوته، عبد الله، عثمان، جعفر، محمد، أبناء أخيه الحسن أبو بكر القاسم، الحسن المثنى، ابن أخته زينب، عون بن عبد الله بن جعفر الطيار، آل عقيل: عبد الله بن مسلم، عبد الرحمن بن عقيل، جعفر بن عقيل، محمد بن مسلم بن عقيل، عبد الله بن عقيل.

بدأت اللحظات الأخيرة من المعركة عندما ركب الحسين بن علي جواده يتقدمه أخوه العباس بن علي بن أبي طالب حامل اللواء، ولكن العباس وقع شهيداً ولم يبقى في الميدان سوى الحسين الذي أصيب بسهم مثلث ذو ثلاث شعب فاستقر السهم في قلبه، وراحت ضربات الرماح والسيوف تمطر جسد الحسين. وحسب رواية فإن شمر بن ذي جوشن قام بفصل رأس الحسين عن جسده باثنتي عشرة ضربة بالسيف من القفى وكان ذلك في يوم الجمعة من عاشوراء في المحرم سنة إحدى وستين من الهجرة وله من العمر 56 سنة. ولم ينج من القتل إلا علي بن الحسين السجاد وذلك بسبب اشتداد مرضه وعدم قدرته على القتال، فحفظ نسل أبيه من بعده.

و كانت نتيجة المعركة و استشهاد الحسين على هذا النحو مأساة مروعة أدمت قلوب المسلمين و غير المسلمين و هزت مشاعرهم في كل أنحاء العالم، و حركت عواطفهم نحو آل البيت، و كانت سببًا في قيام ثورات عديدة ضد الأمويين.

و قد استلهم عدد كبير من غير المسلمين، ثورة الحسين، و منهم الزعيم الهندي الراحل غاندي صاحب المقولة المشهورة:” تعلمت من الحسين كيف اكون مظلوما فانتصر”.

كتب عبيد الله بن زياد إلى يزيد يخبره بما حدث، و يستشيره في شأن أبناء الحسين و نسائه، و حسب الروايات السُنِّية فإن يزيد بكى وقال: «قد كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين، لعن الله ابن مرجانة، أما والله لو أني صاحبه لعفوت عنه، و رحم الله الحسين.»، و أن يزيد رد على ابن زياد أن يرسل أهل بيت الحسين إليه، فأعطاهم ذكوان أبو خالد عشرة آلاف درهم بتجهزوا بها، و اختلف علماء السنة في رأس الحسين هل سيره ابن زياد من الكوفة إلى يزيد بالشام أم لا، و الذي جاء في صحيح البخاري أنه حُمل رأسه إلى عبيد الله بن زياد، فعن أنس بن مالك قال: «أتي عبيد الله بن زياد برأس الحسين عليه السلام، فجعل في طست، فجعل ينكت، و قال في حسنه شيئًا، فقال أنس: كان أشبههم برسول الله Mohamed peace be upon him.svg و كان مخضوبا بالوسمة». و جاء في روايات أخرى أن الرأس حُمل إليه، و حسب الروايات السُنِّية أيضًا فإن فاطمة بنت الحسين لمّا دخلت على يزيد قالت: «يا يزيد، أبنات رسول الله سبايا!» فقال: «بل حرائر كرام، أدخلي على بنات عمك تجديهن قد فعلن ما فعلن.»، ثم بعث يزيد بهم إلى المدينة المنورة، و أمر النعمان بن بشير أن يقوم بمصاحبتهم. يقول ابن كثير الدمشقي: «وأكرم آل بيت الحسين، ورد عليهم جميع ما فقد لهم وأضعافه، وردهم إلى المدينة في تجمل وأبهة عظيمة، وقد ناح أهله في منزله على الحسين مع آله – حين كانوا عندهم – ثلاثة أيام».

أمّا حسب الروايات الشيعِّية فإن من بقي من النساء والأطفال و علي بن الحسين السجاد أُخذوا كأسرى مقيّدين بالسلاسل إلى بلاد الشام، حيث يقيم يزيد، وأحضروهم إلى مجلسه، وكان قد وضع رأس الحسين في إناءٍ أمامه، ضاربا إياه بعصاه، شامتًا فيه، فخطبت زينب بنت علي بن أبي طالب الخطبة المعروفة في التراث الشيعي بخطبة زينب في مجلس يزيد، التي رواها سيد بن طاووس. يقول أبو منصور الطبرسي: «أنه لما دخل علي بن الحسين وحرمه على يزيد، وجيء برأس الحسين عليه السلام ووضع بين يديه في طست، فجعل يضرب ثناياه بمخصرة كانت في يده، فلما رأت زينب ذلك فأهوت إلى حبيبها فشقت، ثم نادت بصوت حزين تقرع القلوب، يا حسيناه! يا حبيب رسول الله! يا ابن مكة ومنى! يا ابن فاطمة الزهراء سيدة النساء! يا ابن محمد المصطفى. فأبكت والله كل من كان، ويزيد ساكت، ثم قامت على قدميها، وأشرفت على المجلس، وشرعت في الخطبة.».

روى عن النبي عدة مرويات أنه أخبر بأن الحُسين سيُقتل، منها أن جبريل أو ملك المطر أخبره بذلك، ومنها أنه رأي رؤيا بذلك، فروى أحمد بن حنبل في مسنده عن أنس بن مالك قال: «اسْتَأْذَنَ مَلَكُ الْمَطَرِ أَنْ يَأْتِيَ النَّبِي Mohamed peace be upon him.svg فَأَذِنَ لَهُ، فَقَالَ لأم سلمة رضي الله عنه: «احْفَظِي عَلَيْنَا الْبَابَ لَا يَدْخُلْ أَحَدٌ» فَجَاءَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، فَوَثَبَ حَتَّى دَخَلَ فَجَعَلَ يَصْعَدُ عَلَى مَنْكِبِ النَّبِيِّ Mohamed peace be upon him.svg فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ: أَتُحِبُّهُ؟، فقال النبي Mohamed peace be upon him.svg «نَعَمْ» قال: فَإِنَّ أُمَّتَكَ تَقْتُلُهُ، وَإِنْ شِئْتَ أَرَيْتُكَ الْمَكَانَ الَّذِي يُقْتَلُ فِيهِ، قال: فَضَرَبَ بِيَدِهِ فَأَرَاهُ تُرَابًا أَحْمَرَ، فأخذت أم سلمة ذَلِكَ التُّرَابَ فَصَرَّتْهُ فِي طَرَفِ ثَوْبِهَا، قال: فَكُنَّا نَسْمَعُ: يُقْتَلُ بِكَرْبَلَاءَ.».

وروى البيهقي في سننه عن أم سلمة أنها قالت: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ Mohamed peace be upon him.svg اضْطَجَعَ ذَاتَ يَوْمٍ، فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ خَاثِرٌ، ثُمَّ اضْطَجَعَ فَرَقَدَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ خَاثِرٌ، دُونَ مَا رَأَيْتُ مِنْهُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، مَّ اضْطَجَعَ وَاسْتَيْقَظَ وَفِي يَدِهِ تُرْبَةٌ حَمْرَاءُ وَهُوَ يُقَلِّبُهَا، فقلت: مَا هَذِهِ التُّرْبَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال: «أَخْبَرَنِي جبريل أَنَّ هَذَا يُقْتَلُ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ – لِلْحُسَيْنِ -»، قال: قلت له: يَا جِبْرِيلُ، أرِنِي تُرْبَةَ الْأَرْضِ الَّتِي يُقْتَلُ بِهَا، فَهَذِهِ تُرْبَتُهَا.». و كذلك قوله: «لَقَدْ دَخَلَ عَلَيَّ الْبَيْتَ مَلَكٌ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيَّ قَبْلَهَا، فَقَالَ لِي: إِنَّ ابْنَكَ هَذَا حُسَيْنٌ مَقْتُولٌ، وَإِنْ شِئْتَ أَرَيْتُكَ مِنْ تُرْبَةِ الْأَرْضِ الَّتِي يُقْتَلُ بِهَا، فَأَخْرَجَ تُرْبَةً حَمْرَاءَ»، و أخرج ابن السكن و البغوي عن أنس بن الحارث الكاهلي عن النبي محمد أنه قال: «إن إبني هذا – يعني الحسين – يقتل بأرض يقال لها كربلاء فمن شهد ذلك منكم فلينصره». و غير ذلك من الروايات.

و رُوى عن ابن عباس أنه رأي النبي في المنام في اليوم الذي قُتل فيه الحسين فقال: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ بِنِصْفِ النَّهَارِ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، مَعَهُ قَارُورَةٌ فِيهَا دَمٌ يَلْتَقِطُهُ، أَوْ يَتَتَبَّعُ فِيهَا شَيْئًا قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا؟، قَالَ: دَمُ الْحُسَيْنِ، وَأَصْحَابِهِ لَمْ أَزَلْ أَتَتَبَّعُهُ مُنْذُ الْيَوْمَ».

رثى الحسين الكثير من معاصريه منهم: سليمان بن قتة العدوي، و عبيد الله بن الحر الجعفي، و عقبة بن عمرو السهمي، و أبو الرميح الخزاعي، و يزيد بن مفرغ الحميري، و وهب بن زمعة، و بشر بن حذلم، و عبد الله بن عمرو البدي، و أبو الأسود الدؤلي، و عامر بن يزيد العبدي، وا لفضل بن العباس، و عوف بن الأحمر الأزدي، و المغيرة بن نوفل، و عبد الله بن الزبير، و خالد بن المهاجر، و رثاه من شعراء العصر الأموي: عبد الله المعتز، و ديك الجن و أبو فراس الحمداني، و  من العصر الحديث رثاه محمد إقبال ، وغيرهم من الشعراء. فرُوى أن زينب بنت علي بن أبي طالب أو زينب بنت عقيل بن أبي طالب يوم قُتل الحسين أخرجت رأسها من الخباء وهي رافعة عقيرتها بصوت عال تقول:

ماذا تقولون إن قال النبي لكم ماذا فعلتم وأنتم آخر الأمم
بعترتي وبأهلي بعد مفتقدي منهم أسارى ومنهم ضرجوا بدم
ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم أن تخلفوني بشر في ذوي رحمي

ويقول أبو الأسود الدؤلي:

أقولُ وذاكَ من جزعِ ووجد أزالَ الله ملكَ بني زياد
وأبعدهُم كما غَدروا وخانَوا كما بعُدت ثمود وقوم عادِ
ولا رجَعت ركائَبهم إليهم إلى يوم القيامةِ والتـَنادِ
هُـمُ جَدَعُوا الأنـُوفَ وكُـنّ شماً بقتلِهـِمُ الكريمَ أخى مُرادِ
قتيلُ السّـوقِ يالـَكَ مِنْ قتيلِ بـه نضجمـِن أحمَد كالجساد
وأهل نبينا من قبل كانوا ذوي كرم دعائم للبلاد
حسين ذو الفضول وذو المعاني يزين الحاضرين وكل باد

وقال سليمان بن قتة:

إنّ قتيل الطّف من آل هاشم أذلّ رقاباً من قريش فذلّت
مررت على أبيات آل محمّد فألفيتها أمثالها حيث حُلّت

وقال عبيد الله بن الحر الجعفي:

يا لك حسرةً ما دمت حيًا تردد بين حلقي والتراقي
حسينًا، حين يطلب بذل نصري على أهل العداوة والشقاق
ولو أني أواسيه بنفسي لنلت كرامةً يوم التلاقي
مع ابن المصطفى، نفسي فداه! فيا لله من ألم الفراق
غداة يقول لي بالقصر قولاً: أتتركنا وتزمع بانطلاق
فلو فلق التلهف قلب حي لهم اليوم قلبي بانفلاق!
فقد فاز الألى نصروا حسينًا وخاب الآخرون أولو النفاق

هتاك اختلاف في تحديد موضع دفن رأس الحسين عند عامة الناس، ويرجع ذلك إلى اختلاف المشاهد التي يُدعى وجود رأس الحسين في كل منها، حيث توجد مشاهد يُقال أن بها رأس الحسين في دمشق و كربلاء و القاهرة، و ادعى بعض المؤرخين وجوده في أماكن أخرى مثل الرقة و عسقلان و المدينة المنورة، ورجّح أخرون أن مكان الرأس مجهول، فأنكر الفضل بن دكين على من يعرف مكان قبر الحسين، وذكر محمد بن جرير الطبري أن موضع مقتله عُفى أثره حتى لم يستطع أحد تحديده.

يذهب عدد من علماء أهل السنة أنه الرأس مدفوع بالبقيع بالمدينة المنورة، فروى محمد بن سعد البغدادي أن يزيد بعث برأس الحسين إلى عمرو بن سعيد الأشدق والي المدينة فدفنه عند قبر أمه فاطمة بالبقيع، و ذكره أيضًا البلاذري و أبو يعلى الهمداني و الزبير بن بكار و ابن أبي الدنيا و ابن الجوزي وأبو المؤيد الخوارزمي، و أكّد عليه ابن تيمية وقال: «أن الذي ذكره من يعتمد عليه من العلماء والمؤرخين: أن الرأس حمل إلى المدينة، ودفن عند أخيه الحسن».

و المشهور عند الشيعة أن الرأس مدفون مع الجسد في كربلاء، و أن علي بن الحسين السجاد أخذه معه وردّه إلى كربلاء بعد أربعين يومًا من مقتله أي يوم 20 صفر، وهو ما يُطلع عليه ذكرى الأربعين، نقل ذلك ابن شهر آشوب وقال أنه المشهور بين الشيعة، ونقله أيضًا الشريف المرتضى و الطوسي وغيرهم.

و قيل أن الرأس لم يزل في خزانة يزيد بن معاوية حتى توفي، فأُخِذَ من خزانته فكُفِّنَ و دُفِنَ داخل باب الفراديس من مدينة دمشق، و قيل في حائط بدمشق، ومنهم من قال في دار الإمارة، و منهم من قال في المقبرة العامة لدفن المسلمين، و انفرد سبط ابن الجوزي بقوله أن الرأس بمسجد بالرقة على نهر الفرات.

و قيل أن الرأس طيف به حتى دُفن بعسقلان، و ذكر ابن بطوطة في رحلاته أن بها مشهد للحسين، تروي بعض الروايات ومن أهمها المقريزي أنه بعد دخول الصليبيين إلى دمشق واشتداد الحملات الصليبية قرر الفاطميون أن يبعدوا رأس الحسين و يدفونها في مأمن من الصليبيين و خصوصا بعد تهديد بعض القادة الصليبيين بنبش القبر، فحملوها إلى عسقلان و دفنت هناك، و قيل بل تم في بداية القرن الثاني الهجري في عهد عمر بن عبد العزيز بعد سنة 101 هـ، وقيل مع قيام الدولة العباسية سنة132 هـ، وهذا امتداد للرأي الذي يقول أن الرأس كانت موجودة في دمشق.

وقيل أن موضع الرأس في مسجد الإمام الحسين بالقاهرة، وهو أيضا امتداد للرأي السابق حيث يروي المقريزي أن الفاطميين قرروا حمل الرأس من عسقلان إلى القاهرة وبنوا له مشهدًا كبيرًا، وهو المشهد القائم الآن في حي الحسين في القاهرة، و ذكروا أنه لما استولى الصليبيين على عسقلان قام وزير الفاطميين بمصر الصالح طلائع بن رزيك بدفع ثلاثين ألف درهم للصلبيبين مقابل أن يأخذ رأس الحسين، ووضعها في كيس من الحرير وأتى بها إلى القاهرة سنة 549 هـ،و أنكر ذلك ابن كثير الدمشقي و غيره.

يرجع المؤرخون والباحثون مسؤولية مقتل الحسين إلى ثلاثة أطراف وهم: أهل الكوفة، وأصحاب القيادة وهم عبيد الله بن زياد و عمر بن سعد، والحاكم وهو يزيد بن معاوية.

فأمّا أهل الكوفة فيرى باحثون أنهم كاتبوا الحسين وطلبوه للبيعة ثم خذلوه ولم ينصروه، وأنكروا أنهم طلبوه، حيث نادى الحسين عليهم يوم عاشوراء فقال: «يا شبث بن ربعي! ويا حجار بن أبجر! ويا قيس بن الأشعث! ويا زيد بن الحارث! ألم تكتبوا إلي في القدوم عليكم؟» قالوا: «لم نفعل». فقال: «بلى فعلتم. أيها الناس إذ كرهتموني فدعوني أنصرف إلى مأمني». و أن أم سلمة لما جاءها الخبر قالت عن أهل الكوفة: «قتلوه قاتلهم الله، غروه وذلوه لعنهم الله»، و قال عبد الله بن عمر بن الخطاب حيث سأله رجل من أهل العراق عن قتل الذباب أثناء الإحرام: «أهل العراق يسألون عن الذباب، وقد قتلوا ابن ابنة رسول الله Mohamed peace be upon him.svg»،  ويذكر حسين الكوراني وغيره أن أغلب الجيش كان من أهل الكوفة فيقول: «أهل الكوفة لم يكتفوا بالتفرق عن الإمام الحسين، بل انتقلوا نتيجة تلون مواقفهم إلى موقف ثالث، وهو أنهم بدأوا يسارعون في الخروج إلى كربلاء وحرب الإمام الحسين، وفي كربلاء كانوا يتسابقون إلى تسجيل المواقف التي ترضي الشيطان وتسخط الرحمن»، وقد نشأت ثورة التوابين من أهل العراق من الذين ندموا على مقتل الحسين وسموا أنفسهم بالتوابين، بينما يرى آخرون أن أهل الكوفة لم يكن بأيديهم شيئًا، يقول الباحث عبد المنعم ماجد: «ولا نلقي اللوم على أهل الكوفة لتقاعسهم إذ لم يكونوا يستطيعون شيئًا أمام الحكم الأموي القوي».

وأمّا قادة جيش الكوفة، فهم المُنفذون المباشرون لمقتل الحسين، فعبيد الله بن زياد هو الذي قتل مسلم بن عقيل وهانيء بن عروة مما جعل أهل الكوفة يتراجعون عن البيعة، يقول يوسف العش: «وينبغي لنا أن نقول أن المسؤول عن مقتل الحسين هو شمر أولًا، وثانيًا عبيد الله بن زياد»، وكان الشعراء يهجون بني زياد لذلك؛ حتى قال عثمان بن زياد أخو عبيد الله: «لوددت أنه ليس من بني زياد رجل إلا وفي أنفه خرامة إلى يوم القيامة، وأن حسينًا لم يُقتل». وقال ابن الصلاح: «والمحفوظ أن الآمر بقتاله المفضي إلى قتله إنما هو عبيد الله بن زياد». وكذلك عمر بن سعد يُحمّله المؤرخون قسمًا كبيرًا من مسؤولية مقتل الحسين، حيث إنه المُنفِّذ والمتفاوض مع الحسين، وحاول التهرب من مسؤولية مقتل الحسين وجعلها ملقاة على ابن زياد، وأخفى الكتاب التي الذي أرسله له ابن زياد قبل المعركة.

أمّا الحاكم و هو يزيد بن معاوية، فيُحمّله المؤرخون مسؤولية إرسال عبيد الله بن زياد إلى الكوفة للسيطرة عليها، وأنه لم ينتصر للحسين ويأخذ بثأره أو يقتل قاتله، واختلف الباحثون في إن كان يزيد قد أمر بقتل الحسين أم لا، فيرى ابن تيمية وفريق من أهل السنة و الجماعة أن يزيد لم يأمر بقتل الحسين ولم يُظهر الفرح بقتله، فيقول: «إن يزيد بن معاوية لم يأمر بقتل الحسين باتفاق أهل النقل ولكن كتب إلى ابن زياد أن يمنعه عن ولاية العراق، ولما بلغ يزيد قتل الحسين أظهر التوجع على ذلك وظهر البكاء في داره، ولم يَسْبِ لهم حريماً بل أكرم أهل بيته وأجازهم حتى ردّهم إلى بلادهم، أما الروايات التي في كتب الشيعة أنه أُهين نساء آل بيت رسول الله Mohamed peace be upon him.svg وأنهن أُخذن إلى الشام مَسبيَّات، وأُهِنّ هناك هذا كله كلام باطل.» ثم يقول: «لكنه مع ذلك ما انتصر للحسين، ولا أمر بقتل قاتله، ولا أخذ بثأره.». بينما يرى أخرون أن يزيد هو المسؤول المباشر عن قتل الحسين، وأن رأس الحسين حُمِلَ بها إليه، وأنه أهان أهل بيته ونسائه، يقول سعد الدين التفتازاني: «والحق أن رضا يزيد بقتل الحسين، واستبشاره بذلك، وإهانته أهل بيت الرسول مما تواتر معناه، لعنة الله عليه، وعلى أنصاره وأعوانه».

قُتل أغلب المشاركين في قتل الحسين في الأحداث التي تلت ذلك، يقول عامر الشعبي: «رأيت في النوم كأن رجالا من السماء نزلوا، معهم حراب يتتبعون قتلة الحسين، فما لبثت أن نزل المختار فقتلهم.»

فقُتِلَ عبيد الله بن زياد على يد إبراهيم بن الأشتر النخعي سنة 67 هـ، حيث خرج من الكوفة قاصدًا ابن زياد في أرض الموصل، فالتقيا بمكان يقال له الخازر بينه وبين الموصلخمسة فراسخ، فباغت ابن الأشتر جيش ابن زياد، وأخذ يحرض جنده قائلًا: «هذا قاتل ابن بنت رسول الله Mohamed peace be upon him.svg، قد جاءكم الله به وأمكنكم الله منه اليوم، فعليكم به، فإنه قد فعل في ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يفعله فرعون في بني إسرائيل! هذا ابن زياد قاتل الحسين الذي حال بينه وبين ماء الفرات أن يشرب منه هو وأولاده ونساؤه، ومنعه أن ينصرف إلى بلده أو يأتي يزيد بن معاوية حتى قتله. ويحكم! اشفوا صدوركم منه، وارووا رماحكم وسيوفكم من دمه، هذا الذي فعل في آل نبيكم ما فعل، قد جاءكم الله به.». وقُتل أغلب المشاركين في قتل الحسين على يد المختار بن أبي عبيد الثقفي أثناء ثورته، فقُتِلَ شمر بن ذي الجوشن و سنان بن أنس على يد كيان أبو عمرة قائد شرطة المختار، و أُتِىَ بحرملة بن كاهل و قُطّعت يداه ورجلاه أمام المختار ثم ألهب فيه النار.

للحسين بن علي مكانة كبيرة عند عموم المسلمين بمختلف طوائفهم، وذلك لأنه حفيد النبي محمد وابن ابنته فاطمة، وحِبُه وريحانته، وسيد شباب أهل الجنة، وخصَّه النبي بقوله أنه منه، وغيرها من الأوصاف التي تصفه بها الأحاديث النبوية، ولا تختلف طوائف المسلمين حول هذه النقاط، ومن هذه الأحاديث:

  • وصفه أنه من النبي والنبي منه، عن يعلى بن مرة قال: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا، حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنْ الْأَسْبَاطِ».
  • عن أبي هريرة قال: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ Mohamed peace be upon him.svg يَقُولُ: مَنْ أَحَبَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي».
  • عن عبد الله بن مسعود قال: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ Mohamed peace be upon him.svg يُصَلِّي، فَإِذَا سَجَدَ وَثَبَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَى ظَهْرِهِ، فَإِذَا أَرَادُوا أَنْ يَمْنَعُوهُمَا أَشَارَ إِلَيْهِمْ:أَنْ دَعُوهُمَا فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ وَضَعَهُمَا فِي حِجْرِهِ. فَقَالَ:مَنْ أَحَبَّنِي فَلْيُحِبَّ هَذَيْنِ».
  • ووصفه برحانته من الدنيا، فسأل رجل عبد الله بن عمر عن قتل الذباب أثناء الإحرام، فقال:«أهل العراق يسألون عن الذباب، وقد قتلوا ابن ابنة رسول الله Mohamed peace be upon him.svg، وقال النبي Mohamed peace be upon him.svg: هما ريحانتاي من الدنيا».
  • ووصفه بسيد شباب أهل الجنة، عن عبد الله بن عمر قال:«قال رسول الله Mohamed peace be upon him.svg الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما».