متابعة /خالد زين الدين
س1) سليمة مليزي متعددة المواهب.. كيف تستطيعين أن تقدمي عملاً إبداعياً ضمن ما تعيشه من تناوب فكري بين أجناس أدبية مختلفة (شعر، قصة، مقالة..)؟
–
ج1) الإبداع هو غذاء الروح ، تجربتي في الإبداع من شعر قصة وقصص للأطفال ، والمقالة الصحفية، وحتى أدب الرحالات ، حيث سجلت 8 حلقات في ألإذاعة الوطنية القناة الأولي، ونشرت معظم ما كتبت عن رحلاتي حول عواصم العالم ، في جرائد ورقية وطنية وعربية ، ما يؤلمني ويثير اهتمامي هي قضايا المجتمع، وخاصة الطفل والمرأة وما تعانيه الأسرة من تفكك وتهميش، خاصة بعد العشرية السوداء ، التي تفككت فيه العائلة ،وتراجعت التربية في المجتمع ، وتفشي الجريمة بكل أنواعها ، هذه الأحداث تؤلمني جدا ،وتثير اهتمامي ، وأحوال أن اشفي غليلي في الكتابة ، اعتقد أننا ما ندونه من أحداث هو بمثابة رفض للوضع ، او الدفاع عن المظلوم ولو بكلة طيبة يمكننا أن نثير الرأي العام ، لذالك على عاتقنا مسؤولية كبيرة إزاء هذا المجتمع .
الأقرب إليّ هو الشعر والقصة ، لأنني أعبر فيهما بإحساس عميق ، الشعر حالة حميمية بيني وبين نفسي ، وما يفرحني هي شهادة قرائي الذين يجدون انفسهم في ما اكتب ، وهذا هو النجاح ، أن تصل إبداعاتي إلى قلوب الآخرين ، فتعتبر قفزة قوية في طريق النجاح ، لأننا نكتب لنخبة أولا ثم للنقاد ،ويأتي دور القارئ هو المهم بالنسبة لي ، أما القصة فهي التي أعبر فيها عن ألآم الآخرين ، وأكتب قصص من الواقع المرير ، لكن تبقى قضيتي الجوهرية هو أدب الطفل الذي أدافع عنه من أجل أن يجد مكانته في عالمنا ، لان تربية النشأ من ألأسس لإنشاء جيل متعلم يحمل مشعل العلم والتربية والأخلاف ، لأننا للأسف في العالم العربي كله ، هناك تهديم للقيم الإنسانية ، وتفكيك الفكر التنويري للمجتمع بطريقة جد مؤلمة ، حيث لم نفكر في بناء الإنسان ؟ بناء الإنسان يبدأ من الطفل ، ولكي نصنع مجتمعاً متعلماً واعي خالي من الرجعية والتخلف والأنانية ، يجب إعادة بنائه منذ المهد بناءً صحيحاً ، وهو ترسيخ العلم وحب الكتاب والمطالعة في أذهان الأطفال ، وأدب الطفل في الجزائر مازال بعيدا عن كل هذه المناويل للأسف ؟
س 2) الكلمة مفتاح التعبير والتغيير والتنوير: هل تساءلتِ يوماً لما اتجهت للكتابة؟ وهل وجدت إجابة شافية خصوصاً وأنك عدت لهذه المغامرة بعد انقطاع استمر 23 عاماً؟
ج2) الكتابة أو الابداع هما موهبة بالدرجة الاولى ، لكننا نسقلها بالقراءة والعلم والمثابرة والبحوث ، والتجربة بعد كل هذه السنين ، للأسف لم أجد إجابة وافية ، لا لأنني لازلت أبحث عن ذاتي داخل هذا الكم الهائل من الاحاسيس والافكار التي تولد مع كل محنة أو تجربة أو الآمٌ أو خيبة أمل أو كبوة ، عبثاً حاولوا أن يكسرون ظهري وصادفتني من أناس لا يعرفون قيمة المبدع ( خاصة في الجزائر ) ،
لازلت ابحث عن ثغرة اخرج منها الى النور ، وأنا أكتب بكل قوة حتى يخرج المجتمع الى النور ؟ لا اخفي عليكم الكتابة عبء ثقيل جدا ومؤلم حد الوجع لكنها غذاء الروح ، ومتعة لا تقاوم ، وجريمة نرتكبها في كل مرة حتى تثبت ادانتا لها ، التعري الروحي لكتابة هو في حد ذاته انتصار لنا ، الاجابة الشافية سيجدها قارئ يوما ما ، لأنني لو أجد الاجابة سأتوقف عن هذا التمرد الذي يسكنني في الكتابة ، حينها سأنتهي للابد ؟ عودتي للكتابة معجزة ، قصة طويلة ومؤلمة ومفرحة في آن واحد ؟
س3) تمسكك بالقصة القصيرة رغم طغيان الرواية –ربما- سببه عصر السرعة، فالزمن الذي نعيشه يتطلب سرعة البديهة في مواكبة الأحداث وتحليلها واستيعابها ومن ثم تمرير رسائله بإيجاز.. ما رأيك؟
ج3)القصة القصيرة هي مفتاح للرواية ، وعلماء الادب يقولون أن القصة أصعب من الرواية ، نظرا لما تحمله من تكثيف في الاحداث ، الرواية تربعت على عشر الفنون الادبية ، اذا تحدثنا عن عصر السرعة فأننا نجد من يحتل افكار الناس خاصة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، هي القصة القصيرة جدا ، أو القصة الومضة وقصيدة الهايكو (والتي خُذتُ تجربةٌ كتابتها ونلْت عدتّ جوائز عربية، وأيضا شاركت في لجان التحكيم لمسابقات عربية في القصة الومضة ) قلت خاصة ما ينشر ، وخاصة موقع التغريد المصغر (تويتر)، الذي يتيح مجالًا محدودًا لكتابة نص لا يزيد عن 140 حرفًا، بات إيجاد نص قصير مدهش يتجاوز القوالب التقليدية، أمرًا ملحًا ومطلبًا ضروريًا، لمواكبة وتيرة الحياة المتسارعة واستجابة لروح العصر. فهل الزمن القادم هو زمن السرد الوامض أو القصة اللقطة أو القصة الومضة ، أم أن السرديات الطويلة ما زالت تحظى بعقل وروح القارئ؟ أم حظ الرواية من الانتشار وخاصة ظاهرة جديدة الاقبال الكبير على كتابة الرواية من طرف الشباب ، أعتقد أن هذا راجع للأعلام وما يلعبه في الاهتمام والترويج للرواية ، وايضا المسابقات الدولية التي أصبحت تغري الكتاب فقط من أجل نيل الجوائز ؟
لكن تبقى الرواية هي المحور الأساسي لكتاب التاريخ ، وأنا أقول أن الروائي الحقيقي هو الذي يؤرخ حقبة معنية من تاريخ وطنه ، وبالتالي يساهم في كتابة التاريخ بكل تفاصيله ، كما قرنأا نحن لكبار الكتاب العالميين الذين رسخوا في اذهاننا تاريخ امتهم بكل تفاصيلها ،
س4) مع ذلك الكثير من الكتاب توجهوا إلى الرواية. لماذا لم تغامري في الرواية؟