جريدة المجالس

عالمك الالكترونى لكل ما هو جديد معانا هتقدر تعرف كل الاخبار المحلية و الدولية من رياضية و سياسية و اقتصادية.

اخبار عربية تقارير دين ودنيا مقالات منوعات

الطريقة العزمية فى مصر و السودان

 

تقرير / كريم الرفاعي

علي هامش ضوء العلاقات الشعبية القوية بين شعبي وادي النيل دولة مصر الحبيبة و دولة السودان الشقيقة من علاقات تربطهم ببعضهم البعض منذ مئات السنين و علي هامش مبادرة مصر و السودان ايد واحد كان تقرير عن الطريقة العزمية فى مصر و السودان لنشر مدي ترابط شعبي وادي النيل من النواحي الثقافية و الدينية و الروحية .

تاريخ الطريقة العزمية:

نسب ماضي الى قرية عين ماضي بالمغرب العربي ثم قدم اجداده الى مصر إسمه السيد محمد ماضي بن السيد عبدالله المحجوب بن السيد احمد .. ينتهى نسبه الى الامام الحسين عليه السلام وامه السيدة آمنة ابنة السيد احمد العربي … ينتهى نسبها الى السيد عبد القادر الجيلامي الى الامام الحسن عليه السلام فهو حسنى وحسينى اما أبو العزائم فهي كنيته التى كناه بها مشائخته 
ولد رضي الله عنه في ليلة مباركة وفي مكان مبارك اذ ولد في ليلة 27 رجب 1286هجرية الموافق 24/11/1869 وكان ذلك اثناء زيارة والديه لمسجد سيدى زغلول برشيد … وقد انتقل فى نفس الليلة والشهر عام 1356هجرية

إستاثر الإمام في طفولته بعناية والده بما يلوح عليه من اخلاق اهل الصلاح حفظ القران والتحق بالازهر في الرابعة عشر من عمره اشتغل بتلقى العلوم مع المحافظة على ما تالفه نفسه من دوام زيارة الصالحين وصحبة اهل التقوى حتى تخرج من كلية دار العلوم .

تلقى رضي الله عنه الطريقة القادرية والرفاعية وطريق أبى مدين الغوث والاحمدية البدوية والطريقة النقشبندية والاحمدية الادريسية والتجانية والخلوتية وطريق الامام الغزالي وأذن بها جميعا حتى صحب العالم العامل ناصر الكتاب والسنة الشيخ حسنين حسن الحصافي فاذن له بالطريقة الشاذلية العلية والتى نسب إليها طريقه.

بعد تخرج الامام ابو العزائم في دار العلوم انتظم في سلك التدريس فعين أولا في المنيا ثم بالابراهيمية ثم

انتدب الامام ابو العزائم ابان الحكم الانجليزى مدرسا الى سواكن عام 1895م مدرسا بالمدرسة الاميرية ومن تلاميذه المؤرخ محمد صالح ضرار وقد كتب في مقدمة كتابه تاريخ سواكن والبحر الاحمر قائلا “وفي احد ايام الدراسة القى علينا أستاذنا السيد محمد ماضي ابوالعزائم محاضرة كلها عن بطولة واعمال الامير عثمان دقنة فتاقت نفسي منذ ذلك التاريخ للبحث عن حياته”

وقد اكرم الله اهل سواكن وشرق السودان عامة بالامام فاغترفوا من بحر علومه كل على قدر سعته ونختص بالذكر بكر تلاميذه الفرد الجامع العارف الرباني والهيكل النوراني سيدى الشيخ عبدالرحيم الحيدري السواكني…

ومنها الى حلفا مكث فيها قليلا ثم امدرمان وكانت له حلقات علم فى مسجد امدرمان الجامع قرا فيها الموطا وحكم ابن عطاء الله السكندري وفيها توطدت الصلة بين الامام وكثير من مشائخ الطرق الصوفية والعلماء والزعماء والذين تاثروا به وقادوا الحركة الوطنية لمناهضة الاستعمار . 
انتقل الى الخرطوم استاذا للشريعة الاسلامية بكلية غردون جامعة الخرطوم حاليا عام 1905م لتخريج المعلمين المؤهلين والقضاة الشرعيين وسكن بمنطقة بري المحس 
تخرج على يديه كوكبة فاضلة من ابناء الامة السودانية كان لهم الاثر فى تاريخ السودان الحديث حيث قادوا حركة مناهضة الاستعمار والنهوض بالمجتمع لما كان له من اسلوب فريد في التعليم .

كانت للامام حلقات درس وذكر بمسجد الخرطوم الكبير وامتدت لعقد من الزمان وذكر ان اهل الخرطوم يحبون ان يعملوا بما عملوا.

عند قيام الحرب العالمية 1914م ودخلت تركيا التى كانت تمثل دولة الخلافة الاسلامية ضد الانجليز ودعت المسلمين لمناصرتها . ودعا الحاكم الانجليزى في السودان الاهالي للوقوف مع بريطانيا بحسبان ان الانجليز اصدقاء الاسلام وحماته وانهم أولي الامر . استمال البريطانيون بعض الزعماء والعلماء وقاموا بتاييدهم . كما حاولوا اقناع اقناع السودانيين بالوقوف ضد دعوة السلطان العثماني . قام الامام ابوالعزائم بتبيان زيف دعوة من يقول بوجوب طاعة الانجليز لانهم أولي الامر لان من يقول ذلك كالذي يقف عند قوله تعالى (ولا تقربوا الصلاة) ولايكمل الآية (وانتم سكارى) لان الله يقول (اولي الامر منكم) فالذي يجب طاعته هم ولاة الامر منا اى المسلمين وليس الانجليز عليه طاعة السلطان العثماني اوجب لانه يمثل الخلافة الاسلامية .

علم الانجليز بدعوة الامام ابوالعزائم فحاولوا استمالته فدعاه الحاكم العام الانجليزى ونجت باشا ليكتب مبينا مساوئ الخلافة الاسلامية ومحاسن الحكم الانجليزي فقال له الامام: “اتكتب ضد وطنك” فقال ونجت باشا مستنكر “كيف وانا رجل متعلم” فقال له الامام: (فكيف تطلب مني ان اكتب ضد وطني وأنا معلم ) وكان من جراء ذلك ان أقصاه الحاكم الانجليزى العام عن وظيفته في اغسطس عام 1915م وحدد اقامته بمصر .

ترك الامام تراثا علميا ضخما يحتوى على مصنفات كثيرة شملت شتى نواحى العلوم ، انتهت كثير من الدراسات الاكاديمية من رسائل ماجستير و دكتوراه فى تراث الامام بانه عميد الادب الاسلامي لتنوع مؤلفاته واسلوبه البديع وله من القصائد النظمية اكثر من ثمانية عشر ألف قصيدة من اعزب قصائد المواجيد الصوفية ما كان يكتبها ولكن يمليها على تلاميذه

انتقل يوم الاثنين 27رجب 1356 الموافق 1937م بعد ان قضى سبعون عاما في محراب العلم والذكر كانت حياته اسراء ومعراج الى الله تعالى دفن رضي الله عنه بمسجده بشارع مجلس الشعب بالقاهرة و اوصى بخلافة نجله الاكبر سيدى السيد احمد ماضي و قام بنشر تراث الامام فشكل عمرا جديدا للدعوة .

ما يجدر ذكره انه رضي الله عنه قد شب وترعرع تحت حضانة و رعاية والده الامام بمنطقة بري المحس بالخرطوم وتخرج في كلية غردون (جامعة الخرطوم) انتقل عام 1970م ودفن بروضة و الامام بمسجده ثم تقلد الخلافة سيدى السيد عز الدين ماضي ابو العزائم حفيد الامام الذى بذل مجهودا جبارا في نشر الطريق والتعريف به وقد زار السودان مرات عديدة انتقل عام 1994م ودفن بمسجده بايتاي البارودي محافظة البحيرة بمصر بعده تقلد الخلافة سيدي السيد محمد علاء الدين ماضي ابو العزائم شقيق السيد عزالدين و هو الان شيخ عموم الطريقة العزمية وامام جماعة آل العزائم بالعالم الاسلامي.

إضاءات لفهم ماهية الدعوة العزمية :

أساس الدعوة العزمية

يقول عز الدين أبو العزائم موضحاً حقيقة الطريقة العزمية وأبعاد دعوة آل العزائم:

دعوة آل العزائم، هي ما كان عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان حسب وجهة نظر أتباعها، وأساسها مقام الإحسان بعد مقام الإسلام والإيمان، والسالك فى هذه الدعوة، يجب عليه أن يكون محصلا ما لابد له من العقيدة الحقة، والعلم بأحكام العبادات والمعاملات والأخلاق، كما هى سنة المرشدين .

ومفهوم كلامه:

  1. أن المبتدئ في هذه الدعوة أقل مقاماته أن يكون محسناً (مقامه مقام الإحسان)، الذي قال عنه رسول الله ص (أن تعبد الله كأنك تراه).
  2. أن هذه الدعوة إحياء لمنهج السلف الصالح على الحقيقة، منهج إصلاح القلوب وتزكية النفوس، وصناعة الشخصية المسلمة الصالحة، لا بالشعارات وعلم شقشقة اللسان، لأن أساس هذه الدعوة هو مقام الإحسان.
  3. كما أنها دعوة وسطية، لا تميل إلى فكر الغلاة (من الشيعة) ولا البغاة (من الخوارج)، بل تتمسك بالشريعة دون تطرف يميناً أو يساراً.

مأخذ الدعوة العزمية

  1. كتاب الله تعالى بعد علم محكمه ومتشابهه وناسخه ومنسوخة، عملا بالمحكم وإيمانا بالمتشابه،بقدر الاستطاعة وتركا للمنهى عنه جملة واحدة إلا لضرورة شرعية .
  2. أقوال رسول الله ص بعد العلم بصحة السند فيما يؤدى إلى علم اليقين، والأخذ بأقواله بدون ملاحظة إلى السند فيما يؤدى إلى فضيلة أومكرمة، وأعماله صالتى تثبت من طرقها الصحيحة، وأحواله صالمبينة فى كتب السيرة الصحيحة، التى يستند بها المرشد عند مقتضيات ذلك.
  3. هدى الخلفاء الراشدين وأئمة الصحابة المأخوذ من تراجمهم، والأخذ بالعزائم فى كل ذلك .
  4. أعمال السلف الصالح وأئمة المسلمين، ومواحدهم الصادرة عن عين اليقين وصدق التمكين، وصفاء الضمير، والإخلاص فى المعاملة لرب العالمين .
  5. طمأنينة القلب بعد العلم بكل ذلك، حالة دخوله فى العمل، أوالقول أوالحال، لأن كل ذلك خالص لوجه الله تعالى، بحيث أن السالك فى هذه الدعوة إذا لم يستبن له الأمر فى كتاب الله ولا فى سنة رسول الله ص أوفى هدى السلف الصالح،يلزمه أن يتوقف حتى يطمئن قلبه أنه خير، وأنه خالص لله تعالى .

حقيقة التصوف

  • يخطىء كثير من الناس فى فهم التصوف على حقيقته أوفى تقدير قيمته وأهميته، فينظر إليه البعض على أنه مذهب دخيل على الدين الإسلامى، وليس له أى علاقة من قريب أوبعيد بما تعبد الله به المسلمون، وينظر إليه آخرون على أنه علم ثانوى، مما توسع فيه التابعون والأئمة وهومن نوافل العبادات التى يستحب للمسلم أن يتزود منها إن استطاع، فإن لم يستطع فلا حساب عليه فى تركها. أما العامة والجهلاء فينظرون إليه على أنه سبح فلسفى خيالى، وضعف وزهد انعزالى، وفرار وانهزام وهروب من واقع الحياة ونضالها. كان هذا الجهل الموروث لمذهب التصوف هو العلة الأساسية فى إعراض طبقة النشء الحديث عن الإقبال على هذا المذهب الجليل، والبحث عن أصوله العريضة من الدين وتتبع الأدوار والأوساط التى نشأ فيها وتنقل بينها، وسجل بمداد من نور صفحات خالدة من العلم الروحى والإيمان العميق، والدعوة الصادقة إلى طريق الهداية والحق، والعبادة الخالية من الشوائب.

بيد أن هؤلاء وأولئك قد يلتمسون لأنفسهم العذر فى تلك النظرة التى ينظرون بها إلى التصوف مما يقع تحت أسماعهم وأبصارهم، من عبث البعض الذين يدعون الانتساب لهذه الطائفة، وهم يرتكبون اشنع الجرائم، وينشرون البدع والأضاليل على أنها من تعاليم التصوف وأعمال الصوفية.

  • من أجل هذا رأينا أن نجدد هذه الدعوة الدينية مما يمتزج بها من ملابسات البدع والأوهام، وأن نظهرها بمظهرها اللائق بها، وأن نسهم بنصيب من الجهاد فى إعلاء هذه الطائفة ونصرة مبادئها ونفى ما ألصقه المبتدعة بها مما ليس فيها.

ومن ثم أخذت الدعوة العزمية على عاتقها تبصرة الناس برسالة التصوف الروحية والأخلاقية، وتبين لهم أن التصوف ليس ضعفا ولا خمولا ولا انعزالا، بل هوالجهاد فى أعلى ذراه، والعلم فى أصفى موارده، والخُلُق فى أعلى مُثُلِه، والإيمان فى أسمى أنواره وإشرقاته.

  • فالصوفية يعتبرون القلب هو دائرة اختصاص علمهم بكل ما يدخل فيه وما يخرج منه، من العقائد والهمم والخواطر والوساوس.

فكأن الصوفية حينما يعلقون على تصفية القلب وإصلاحه شرط الانخراط فى مذهبهم، إنما يفعلون ذلك طبقا لتعاليم الرسول ص، لأن إصلاح القلب يجب أن يكون أول ما يعنى به الراغب فى إصلاح الجوارح، وتقويم النفس، ومتى ترك القلب دون إصلاح وتطرقت إليه عوامل الفساد والاعوجاج، فمحال أن ينتفع الإنسان بعمل الجوارح ولو ملأ الدنيا عملا وحصّل أمثال الجبال علما.

من هذا ترى أن تعاليم الصوفية نور ينبعث من مشكاة النبوة، وينتقل بطريق الوراثة الروحية بين أبدال الرسل من قلب إلى قلب فيملأ الأرض نورا وهدى، ويرشد الخلق إلى طريق الحق، ويربى النفوس على تقديس الله تعالى ومراقبته والتفانى فى مرضاته. فالصوفية هم الأقلون عددا الأكثرون مددا، وهم المقبلون بكليتهم على الحق الملتفتون عن جانب الغرور والفناء، إلى اليقين الحق والبقاء، وهم الرجال الذين عرفوا قدر الدنيا والاخرة وفروا إلى الله مع الوقوف عند الأسباب، مرتبطة بعضها ببعض، قال ص: ( نعمت الدنيا مطية المؤمن ) فبها ينال الإنسان أرقى مراتب السعادة فى الآخرة، ودار رسل الله، ومحل العمل لله، والمسارعة فى محابه ومراضيه سبحانه، قال تعالى : Ra bracket.png وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا Aya-72.png La bracket.png إن رسالة التصوف تستهدف القلب والروح والوجدان والسلوك الإنسانى فى طريقه إلى الله وفى طريقه إلى الحياة.

  • فكما أجتهد الفقهاء فى الفروع، وكما أبتدع رجال الحديث القواعد للرواة والسند، وكما تحدث علماء التفسير عن مناهجهم فى أسباب النزول والرواية، وكما سن علماء الكلام مبادئهم فى البحث عن الذات والصفات والأسباب والمسببات، والقضاء والقدر :

اجتهد علماء التصوف، وأقاموا معارفهم وعلومهم فى العبادات والأخلاق، ومناهجهم فى السلوك وامراض القلوب وعلل النفوس ونوازع الخير والسر وأنوار الذكر والطاعة ومقومات الشخصية الإسلامية.

وكما حفظ علماء الظاهر حدود الشريعة، كذلك يحفظ علماء التصوف آدابها وروحها.

وكما أبيح لعلماء الظاهر الاجتهاد فى استنباط الأدلة واستخراج الحدود والفروع والحكم يالتحليل والتحريم على ما لم يرد فيه نص وترك أمره للاجتهاد والاستنباط، فكذلك الصوفية أن يستنبطوا آدابا وأذواقا ومنهجا للمريدين والعابدين فى السلوك والمعرفة والأخلاق والآداب، والأذكار والأوراد والفتح وكشف أسرار النفس.

تبسيط الإمام أبي العزائم علوم التصوف بما يناسب هذا العصر

يقول محمد علاء الدين أبو العزائم في ترجمته لجده في كتاب (خاتم الوراث المحمديين) : “لقد تكلم الكثير والكثير من العلماء بالله في عصورهم عن النفس وأمراضها وطرق تزكيتها، وذلك من باب أمر رسول الله ص عندما عاد من غزوة من غزواته وقال: (رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر: جهاد النفس). وقد سار الإمام علي نهج من قبله، ولكنه بسط الأمر علي أهل عصره واختصر لهم الطريق. وما من كتاب من كتبه إلا وتكلم فيه عن النفوس وتزكيتها، وفي كل كتاب لون مخالف لما سبقه، وأفرد لذلك المقالات العديدة التي تحث علي ذلك، ولم يترك مريد الحق بدون أن يُوجدَ له العلاجَ وفي دائرة التحصين بحصون الأمن والأمان..

ووضع مفاهيم جديده لهذا العلمَ متمثلة في كتاب: (محكمة الصلح الكبري)، تلك الجامعة الكبيرة والحديثة التي تمثل منهج الإمام التربوي في علوم النفس، وتوج هذا العمل بمناهج السير والسلوك التي بثها في مواجيده المتعددة، وهي ما تعرف بمواجيد السير والسلوك”.

“بسّطَ الإمام الأمر، وأراد أن يختصر الكلام الصعب، وكذلك أن يخرج من دائرة الفلسفات التي لاتغني ولا تسمن من جوع، فشرح للمريد النفس وتطورها وترديها ليكون علي بينة من الأمر.. أن الإنسان مثنوي من حيث تركيبه، فهو مكون من: جسم ظاهر بجوارح، وحقيقة باطنة وهي ماتسمي بالحقيقة الروحانية. والحقيقة الروحانية أيضًا لها ظاهر وباطن، وهي ما يطلق عليها بالنفس، إذ أن المثنوية لا تفارق الإنسان حتى ولو كان في الجنة حتى ينفرد الله بالأحدية.

والجسم وهو الظاهر، مدته محدودة في الدنيا، وعند نداء الحقيقة الروحانية للخروج من الدنيا فإنها تترك الجسم وتعود. وقد يسر الله لعباده هذا الفهم في الدنيا عن طريق الرؤيا، فعند الإستغراق في النوم يبقي الهيكل أو الجسم في مكانه وتنطلق الحقيقة وتتجول، فلا تتقيد بالجسم، بل تكون في حالة إطلاق كامل ومبهر، فقد تتواجد في أماكن مختلفة وبعيدة عن بعضها في لحظات، وقد تطير في الهواء، وقد تمشي علي الماء، وقد تلتقي بالأحياء والأموات، وقد يكون من تلتقي بهم نائمين أو أيقاظًا، فهذا كله لا يختلف، والله سبحانه يقول: Ra bracket.png اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ Aya-42.png La bracket.png ورسول الله ص يقول عند نومه ويعلمنا أن ندعو بهذا الدعاء قبل النوم: (باسمك ربي وضعت جنبي “عند النوم” وبك أرفعه “عند الاستيقاظ” إن أمسكت نفسي “أي أمتها أثناء النوم” فارحمها “أي في البرزخ” وإن أرسلتها “أي أعدتها إلى هيكلها ليستيقظ فاحفظها “في الدنيا” بما تحفظ به عبادك الصالحين.

ويبين الإمام أن الحقيقة الروحانية كانت قبل خلق جسم آدم في عالم الإطلاق سابحة في الملأ الأعلى، وقد شاهدت هذه الحقيقة جمال ربها وسمعت لذيذ كلامه في يوم “ألستُ بربكم” أو “يوم الذر”..

فقد تجلى لها الحق، فشهدت وسمعت، وعوهدت ووثقت وقالت (بَلَى شَهِدْنَا ) مصداقا لقول الحق تبارك وتعالى Ra bracket.png وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ Aya-172.png أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ Aya-173.png La bracket.png ولما أراد الله إبراز كل حقيقة بحسب ظهورها علي مسرح الحياة الدنيا لازمت كل حقيقةروحانية هيكلها في عالم الأرحام واستترت به، فأصبح الهيكل بُرقُعًا وسِتارًا لها..

وهذا اليوم هو ما يعبر عنه بيوم بطن الأم من ضمن أيام الله (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ) إبراهيم: 5.

ويبين الإمام أن النفس ظلّت (وهي اللطيفة النورانية الربانية) في صفائها وفي طُهرها، إذ أن أصلها صفاء في صفاء وطهر في طهر، إلى أن اتصلت بالهيكل العنصري الترابي.. وبعد أن امتزجت به اختلف أمرها، فقد تهادت من عليائها ونزلت إلى أرض المادة واتصلت بهيكل مادي لتظهر على مسرح الدنيا من خلاله، وهذا الهيكل المادي ظُلماني بطبيعته ويميل إلى أسفل، فما هو من الأرض فهو أرض، فحجب الهيكل الحقيقة الروحانية بظلمته، والله سبحانه وتعالى يقول: Ra bracket.png لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ Aya-4.png ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ Aya-5.png إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ Aya-6.png La bracket.png

ويوضح الإمام أنه بطول المدة، نسيت الحقيقة الروحانية عالمها الروحاني باختلاطها بالمادة والتراب فاحتاجت لمذكِّر، وهذا هو سر إرسال الرسل وبعث الأنبياء، قال تعالى لحبيبه المصطفي ص : Ra bracket.png وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ Aya-55.png La bracket.png ، وقال جل شأنه Ra bracket.png سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى Aya-10.png La bracket.png، وقال تعالى Ra bracket.png وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ Aya-5.png La bracket.png وعندما يذكُرُ المذكِّر تتذكر الحقيقة الروحانية عالمها الروحي، وتذكر يوم ألست بما فيه من عهود ومواثيق، وما فيه من جمال وجلال وكمال، وما كانت عليه الحقائق في صفاء وطهر وعفاف.

ولما كانت كل نفس بعد الحياة الدنيا ستعود إلى أصلها في يوم البرزخ وترجع إلى العالم الذي قدمت منه والذي سترجع إليه (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّه) Ra bracket.png وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ Aya-4.png La bracket.png Ra bracket.png يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ Aya-6.png La bracket.png (كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) Ra bracket.png يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ Aya-104.png La bracket.png، وأول خلق في الوجود هو المصطفي ص، وأول خلق في الإنسان هو حقيقته الروحانية: احتاج الإنسان للمذكر في الحياة الدنيا، واحتاجت النفس لداع يدعوها للإيمان، فهي مؤمنة أصلاً ولكنها نسيت عهدها وميثاقها بسبب مُلابَسَتِها لهذا الهيكل الطيني والذي له مستلزمات ومتطلبات تختلف بالكلية عما تحتاجه الحقيقة الروحانية، ليبين لها طريق المجاهدة حتى تصفو وتعود إلى أصل فطرتها النورانية الصفائية وهي هنا في الدنيا، بعد أن أتاها ما عكر صفوها.

والنفس تميل إلى الرياسة لأنها تحس بأصلها، والإمام يبين ذلك فيقول:

والنفس داعية الرياسة فاحذرن * فرعونها تنجو من الداء الدفين

والمثال هنا أن الإنسان عندما يكون أبوه أو جده من أصل عريق أو مرموق في المجتمع حتى لو لم يكن يملك شيئًا ولكنه يحس بنفسه أنه علي صورة أبيه أو صورة أجداده. ولكن الصورة التي أسجد الله لها ملائكته تحس أنها الكل في الكل، والحديث النبوي الشريف يقول: (خلق الله آدم علي صورة الرحمن) وفي حديث آخر (خلق الله آدم علي صورته) وكذلك الصور التي خرجت منها، ولكن ليس الكل قد خلق علي الصورة.. ولكن النفس التي زكت وصفت واستقامت هي التي خلقت علي الصورة، لأنها استنارت واتحدت بأصلها فوصلت واتصلت وأشرق عليها نور الأًصل فظهرت من خلالها الأنوار وسمعت منها الأسرار، وما جاز لأبينا آدم يجوز لكل نفس زكاها ربنا.

وعلي ذلك، فإن الإمام يقرر أن التزكية معناها أن يستحضر العبد العَود للبدء الذي جاء منه وهو هنا في عالم الدنيا حتى يحين موعد انتقاله إلى برزخه. فإذا عاد للبدء بالعلم النافع والإشراق والحكمة الصادقة سار في الدنيا كما سار أئمة السلف بالحق واليقين وبالإقبال والتمكين وبالقبول من حضرة رب العالمين” .

اتباع السنة واجب لصحة الإسلام

إعلم يا أخى – وفقنى الله وإياك لما فيه اتباع سنة رسول لله ص-أن أبلغ آية دعانا الله فيها إلى اتباع السنة هى قوله تعالى : Ra bracket.png مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ Aya-7.png La bracket.png ثم قوله سبحانه : Ra bracket.png فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا Aya-65.png La bracket.png من هاتين الآيتين وغيرهما يتضح لك أن اتباع رسول الله ص فرض واجب لصحة الإسلام وكل من يخالف السنة فقد عرض نعمة الإسلام للزوال . قال ص: ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به ) وقال ص: ( من ضيع سنتى حرمت عليه شفاعتى، ومن أحيا سنتى فقد أحيانى ومن أحيانى فقد أحبنى ومن أحبنى كان معى يوم القيامة فى الجنة ) وجاء فى الآثار المشهورة أن المتمسك بسنته صعند فساد الخلق واختلاف المذاهب والملل، كان له أجر مائة شهيد، وأنه كالقابض على الجمر، اى : لا يسعه تركه ولا إمساكه . والمراد بالسنة : ما نقله إلينا أتباع رسول الله ص وأصحابه، من أقواله وأعماله وأحواله وإقراراته، وما كان عليه الخلفاء الراشدون وأصحابه الذين عاصروه من بعده، ثم الذين يلونهم من التابعين ومن بعدهم، وكل ما أحدث بعد هؤلاء مما يخالف منهاجهم فهوبدعة، وكل بدعة ضلالة، يجب علينا محاربتها قدر استطاعتنا، فإن الصحابة هم القدوة المثلى لنا بعد رسول الله ص وقد كانوا ينكرون أشد الإنكار على من أحدث أمرا أوابتدع رسما لم يعهدوه فى عصر النبوة، سواء كان فى صغير أوكبير، فى المعاملة أوفى العبادة والذكر

ومن الأدب ترك البحث والتفتيش فيما جاءت به السنةإذا صح سنده استقام متنه، فإنه يجر إلى الطعن فى الدين لذى هومفتاح الضلال، وما هلكت الأمم الماضية إلا بطول الجدال وكثرة القيل والقال وإنما يجب على المسلم أن يعض بنواجذه على ما ثبت من السنة، ويعمل به، ويدعوإليه، ويحكم به، ولا يصغى إلى كلام أهل البدعة ولا يميل إليه  .

السالك فى الدعوة العزمية فى جهاد أكبر مع حقائقه التى رُكِّب منها..

فيجاهد قواه الجمادية ليكون نشيطا متحركا للخير

وقواه النباتية ليكون متألما من المعاصى، مفكرا فيما يحصل به الخير الباقى

ومجاهدا لقواه الحيوانية ليكون آلفا مألوفا، مسارعا إلى منفعة الغير ببذل ما لديه للمستحقين

ومجاهدا قواه الإبليسية أكبر المجاهدة، حتى يتطهر من دنس الكبرياء، ونجاسات العلو بالباطل، وقاذورات العناد، وأوساخ الجدل، وقبيح التفرقة، ورذائل الظهور، وخبائث االرياسة، وظلمات الشكوك والريب، وضلالات عدواة الإخوان، والسعى فى مضرتهم، قال رسول الله ص: ( ألا أخبركم بأحبكم إلى وأقربكم مني مجالس يوم القيامة ؟ قالوا : بلى يا رسول الله، قال : أحاسنكم أخلاقا، الموطئون أكنافا، الذين يألفون ويؤلفون، ألا أخبركم بأبغضكم إلى وأبعدكم منى مجالس يوم القيمة ؟ قالوا : بلى يا رسول الله، قال : الثرثارون المتفيقهون الذين لا يألفون ولا يؤلفون، ألا أخبركم بشر من ذلكم ؟ قالوا : بلى يا رسول الله، قال : من ضرب عبده ومنع رفده وأكل وحده ) وقالص: ( المرء مع من أحب ).

ودلائل الحب الأخلاق، فمن أحب الله تخلق بأخلاقه، ومن أحب حقيقة من الحقائق تخلق بأخلاقها، وشر الأخلاق الأخلاق الإبليسية من الكبر، وحب الرياسة، والحسد، وإيثار النفس على الغير، والاستئثار بالنافع لضرر الخلق، ومن تخلق بخلق من الأخلاق الإبليسية وأمر بمجاهدة نفسه فغضب، قليس من فقراء الدعوة العزمية وإن منح أعلى الأحوال، فإنه لا يلبث إلا ويرتد عن الحق، أعاذنى الله وإخوانى من التشبه بإبليس .

الأدب مع السلف

السلف الصالح : قوم نصروا الله ورسوله، بذلوا أموالهم وأولادهم وأنفسهم وديارهم، وتركوا دنياهم فى حب الله تعالى وحب رسوله وحب دينه، ورضيهم الله أنصارا لنبيه، وحملة لدينه، وأئمة للمخلصين من عباده، مدحهم فى كتابة، ورضى عنهم، وأخبر برضوانه عنهم فى الذكر الحكيم، بهم قام الدين وانتشر، وعضد النبى ص وانتصر، هلك من خالفهم أونقصهم أونقدهم، خصوصا أولوالعزائم منهم، الأئمة المرشدون، والخلفاء الراشدون، المشهود لهم بالجبنة من الصادق الأمين .

الأدب مع المعاصرين

يقول السيد عز الدين أبو العزائم : المعاصرون إخوانكم فى الدين وأصدقاؤكم، ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَويْكُمْ ﴾ ليكن الكبير كالوالد والمساوى أخا والصغير ولدا بجميع شروطهم، لا تفرقوا بين بينكم، ولا تحتقروا مسلما، فإن الله تعالى ما رضيه للإسلام إلا وهوعنده عظيم.

يقول السيد محمد ماضي أبو العزائم  : [ “محمد ماضى” برىء ممن يفرق بين مسلم وبين نفسه لسبب “محمد ماضى”.

إخوانى إنى أعتقد أن كل مسلم خير منى – ولوارتكب أكبر الكبائر غير الشرك – لأن الله سبحانه له سر بينه وبين من رضى لهم الإسلام دينا يخفى عن البصيرة، ويسترهم بستور لتخفى مراتبهم .

“محمد ماضى” لا يرى مسلما مرتكبا كبيرة إلا نظر له بعين الشرع رحمة له، ويعظه بالحسنى نيابة عن صاحب الشريعة، ونظر له بعين الحق فأول حاله قائلا : لعله من أهل الخصوصية الإلهية، وستره الله تعالى بفضله، فإنى أعتقد أن القضاء لا يمنع الإعطاء من فضل الله تعالى، فأعظمه فى قلبى، وأخافه فى نفسى، تعظيما لسر الله الذى ورد على قلبى، لأن الله تعالى لا يعطى فضله لعلة عمل، ونصحته بلسانى حبا له، وتعظيما للشرع، فأكون معظما الله تعالى فى الحالتين .

إخوانى، اتقوا الله فى عباده، وعليكم أنفسكم، فاجلوا مرآة قلوبكم بعمل القلوب، واشتغلوا بذنوبكم، فإنكم محاسبون عليها لا على ذنوب غيركم، وارحموا عباد الله تعالى، ذكروهم بالحسنى، عظوهم باللين، أعينوهم بفضل أموالكم وجميل كلامكم، وأحبوا لهم ما أحببتم لأنفسكم، والله ولى المؤمنين، وصلى الله على سيدنا محمد الرءوف الرحيم وعلى آله وصحبه وسلم] اهـ .

أوصاف أهل الفرقة الناجية

نحن نعتقد أن الفرقة الناجية هم السلف الصالح، لا السلف الطالح، الذى يأخذ بالمعنى الحرفى للقرآن – حتى فى الآيات التى توهم بالتجسيم – فيقولون باعتقاد الجهة لله قياسا للخالق على المخلوق. أما السلف الصالح فهم الذين ينزهون المولى سبحانه وتعالى عن متشابهات الحوادث.

والفرقة الناجية هى التى ترى أن التوحيد لون واحد، لا كما يخترع السلف الطالح بأن التوحيد توحيدان : توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية، فزعموا أن جميع المسلمين عبدوا غير الله لجهلهم توحيد الإلوهية، ولم يعرفوا من التوحيد إلا توحيد الربوبية، وهوالإقرار بأن الله خالق كل شىء، فزعموا أن هذا اعتراف به المشركون، وبذلك يهجمون على قلوب كثير من المسلمين ويحكمون عليهم بالشرك.

والفرقة الناجية هم السلف الصالح الذى يوقر النبى ص، ويشد الرحال لزيارة روضته الطاهرة، ويسودونه فى الصلاة، ويحتفلون بمولده، ويتوسلون ويستغيثون ويتشفعون به ص

والفرقة الناجية هم السلف الصالح، لا السلف الطالح الذى يعتقد أن مصطلحات القرآن الأساسية الإله والرب والعبادة والدين، والذين ينادون بأن أصول الإسلام تتغير عند المصلحة، وأن عصمة الأنبياء غير مستمرة، وأن أصول الدين الخلافة والحكومة فقط.

والفرقة الناجية هى التى تعتقد بإمامة الأئمة من أهل البيت، لأن أهل البيت هم المرجع الأصلى بعد النبى ص لأحكام الله المنزلة، فهم خزانة علمه ومعرفته،وتراجم وحيه، وأركان توحيده، كما قال ص : ( النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتى أمان لأمتى من الاختلاف ) وكما قال عنهم الرسول ص: ( إنما مثل أهل بيتى فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق ) وزيادة على وجوب التمسك بأهل البيت يجب على كل مسلم أن يدين بحبهم ومودتهم، قال تعالى : (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) وقال تعالى : ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾.

خصائص الطريقة العزمية

تتميز الطريقة العزمية بخصائص كثيرة تجل عن الحصر, ولكن أهمها خمس خصائص رئيسية :

1- الطريقة العزمية ليست مجرد طريقة صوفية وإنما هي دعوة الوراثة المحمدية في هذ الزمان, وسيأتي تفصيل ذلك.

2- صبغتها العلمية الأصيلة المستمدة من الكتاب والسنة, لأن بيت أبي العزائم هو بيت علم وفضل معروف في مصر, من سلالة النبوة ومعدن الرسالة. فمشرب الطريقة العزمية هو العلم الحقيقي الذي يورث الخشية في القلب, وبذلك تكون الطريقة العزمية من أبعد الطرق عن الخرافة والدجل, بل على العكس : ينصب جزء كبير من نشاطها حول محاربة الدجل والغلو والخروج عن السياق إفراطاً أو تفريطاً, سواء صدر عن السلفية أو عن العلمانية أو عن بعض الشيعة أو بعض الصوفية, فالإنحراف عن السنة والمنهج النبوي إفراطاً أو تفريطاً مذموم أياً كان, ومرفوض من أي أحد كائن ما كان.

3- أنها دعوة وسطية لا تميل إلى فكر الغلاة من بعض الشيعة, ولا إلى فكر البغاة من جماعات الخوارج أهل التكفير والتشريك والتحقير.

4- تتميز الطريقة العزمية بأنها تعيش واقع المسلمين وتسعى في حل مشاكل الأمة, وليست طريقة منعزلة عن المجتمع بل على العكس تماماً, ترى ضرورة المشاركة السياسية والظهور الإعلامي والحضور التام في المشهد. وليس أدل على هذا من عقد المؤتمرات والندوات التي تمس الشأن العام, وكذلك مشاركة أبناء الطريقة في ثورتي 25 يناير و 30 يونيو بشكل ملحوظ ولافت للنظر في ميدان التحرير وكافة محافظات مصر, وإنشاء حزب التحرير والمشاركة السياسية الفعالة من قبل السيد علاء أبو العزائم في المؤتمرات والندوات العامة التي تمس حاجة مصر والوطن العربي, ولقاءاته عبر الفضائيات وكتاباته المتميزة في علاج قضايا الفساد والإرهاب والإستبداد السياسي, بالإضافة إلى تكريم عدد كبير من الشخصيات الفكرية والسياسية والإعلامية والدينية على جهودهم المشكورة في خدمة الوطن الإسلامي.

5- ما أن يأخذ المسلم البيعة للإمام أبي العزائم، إلا وتظهر عليه السكينة وتتزكي نفسه، وتُصقل شخصيته الدينية، ويتطهر قلبه من الدغل, حتى يكون صورة مجملة من أصحاب رسول الله ص، ذو أخلاق فاضلة تحن إليها القلوب وتهفو إليها الأرواح, وذلك من أقرب طريق وبأيسر السبل، دون حمل للمريد أو السالك ما لا يطيق لا سيما في عصرنا الحاضر بظروفه الخاصة المعروفة وغير المسبوقة من ضيق الوقت وانشغال الناس بلقمة العيش وتنافسهم في الاستهلاك بسبب ضعف الهوية والثقافة الإسلامية وحركة العولمة وسيطرة النموذج الغربي على نمط حياتنا.

دور الطريقة العزمية في إحياء روح الجهاد ومقاومة الإستعمار

تركزت أبحاث المؤرخين الإنجليز الذين أرخوا لاستعمار بريطانيا العظمي للسودان، ذلك الاستعمار الذي جَهِدَ غلاة الاستعماريين علي توطيد أركانه وتثبيت جذوره وتدعيم وجوده بنية إبقاء السودان تحت الحكم البريطاني لقرون طويلة حتى يستطيعوا أن يحكموا قبضتهم ويعززوا سيطرتهم علي القارة كلها:

علي أن أسباب فشل جهود طواغيت الاستعمار البريطاني في إطالة أمد استعمارهم للسودان ترجع كلها إلى مناهضة الإسلام لهم كدين تعمقت جذوره في أفئدة المؤمنين السودانيين فهبوا في انتفاضتين عارمتين جرفتا كل مخططات الإستعماريين فدمرتا كل آمالهم في دوام إحتلالهم للسودان المسلم.

أما الانتفاضة الأولي : فكانت الحركة المهدية.

وأما الانتفاضة الثانية: فكانت الحركة العزمية.

ولقد أسهب هؤلاء المؤرخون، ومن بينهم جون سبنسر تريمنجهام في كتابه (الإسلام في السودان) علي المقارنة بين الحركتين: المهدية والعزمية، وأجمعوا علي أن الحركة العزمية كانت أعظم خطرًا وأقوي تأثيرًا لأنها قامت علي أفكار زرعها داعيتها الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم في عقول الصفوة المثقفة الممتازة من أبناء السودان، ودأب علي رعايتها وتنميتها حتى أثمرت وآتت أُكُلها وانتشرت بواسطة تلاميذه ومريديه بين كل أفراد الشعب السوداني وطوائفه، فتأسست علي مبادئه وأيديولوجيته الجمعيات الوطنية التحررية، وقامت صحف سياسية تلهب حماس الشعب للنضال من أجل حريته والدفاع عن كرامته.

وعندما تحدث المؤرخ الإنجليزي جون سبنسر تريمنجهام عن الحركة المهدية والعزمية قال: (.. أما العزمية فإنها أخذت طبيعة مؤسسها الأستاذ الذي مهنته التعليم والتثقيف فكان يتعامل بالفكر مع عقول رواد حلقاته وبث فيهم المباديء الإسلامية التحررية، وأحسن عرض الشريعة الإسلامية في محاضراته بأسلوب شيق رزين، ولذلك فإن رواد حلقاته يمكن تصنيفهم علي أنهم تلاميذ لا مريدون).

وكانت للدروس التي ألقاها بالقاهرة فضل كبير في إيقاظ الشعور بين طبقات الأمة السودانية، فما من حر أبي رفع رأسه في النهضات الإسلامية الوطنية منذ أن رحل الإمام أبو العزائم عن السودان سنة 1915م إلا وهو يدين بهذا الشعور وهذه الروح القوية التي تسوقه سوقًا إلى ميادين الجهاد وتشعل النار في قلوب السودانيين حقدًا علي الغاصبين. وقد كان حين عم هذا الوعي الإسلامي في بلاد السودان 1924م حين ثارت فصيلة علي عبد اللطيف وبعض إخوانه علي جيش الإنجليز المدجج بالسلاح والعتاد وكادت الدائرة تدور عليه لولا خيانة أعداء الحرية من أرباب السلطة في ذلك الحين الذين اتخذهم الإنجليز مخلب القط فسلم الجيش المصري تسليمًا مخزيًا لأعدائه الإنجليز.

إن البطل علي عبد اللطيف حين سأله القاضي الإنجليزي أبان محاكمته: من أين لك هذه الروح القوية الوطنية؟ فأجابه علي الفور:

من شيخ مصري يدعي “محمد ماضي أبو العزائم” كان يخصنا بها في دروسه بالكلية وعظاته بمسجد الخرطوم الذي ألهب بها قلوبنا حين كان يقول: إن الإسلام وطن وإن ذلك الوطن يجب أن يحرر وإن كل قاعد عن التحرير هو مشرك بالله لن ينال رضاه وإن صلي وصام وحج البيت وإن الجهاد فريضة علي كل مسلم حر قادر كسائر الفرائض .

خلفاء الامام بمصر

خليفته الأول: ابنه الأكبر الإمام أحمد ماضى أبو العزائم ، شكل عمرا جديدا لدعوة الإمام ونشر تراثه وانتقل إلى الرفيق الأعلى يوم20 ربيع أول سنة 1390ه الموافق 26/5/1970م ودفن بمسجده والده الإمام بشارع الشعب

خليفته الثاني : عز الدين ماضى أبو العزائم المحامى، وحفيد الإمام والابن الأكبر للخليفة الأول.

خليفته القائم : محمد علاء الدين أبو العزائم شيخ الطريقة العزمية الحالي وإمام جماعة آل العزائم ورئيس الإتحاد العالمي للطرق الصوفية.

خلفاء الامام بالسودان : 

الخليفة الاول : السيد محمد كامل الارزهلي : هو سيدي المحب الفاني و العاشق الروحاني صاحب القلب العامر بالانوار ولسان الحكمة الناطق بالاسرار الاستاذ الشيخ محمد كامل بن يعقوب بن يوسف الارزهلي الذي قال فيه الامام كامل ولدي في البداية و حبيبي فى النهاية نشا و تلقى تعليمه بمصر والتحق موظفا بحكومة السودان حتى وصل رئيس لقلم المراجعة بمصلحة البوستة و التلغراف (البريد والبرق) والدته تنسب لقبيلة المحس بشمال السودان كان اجتماعه بالامام بمنطقة برى المحس بالخرطوم لزم مجالس الامام فما كان ينصرف عن عمله الا وتجده مع الامام اين كان قرب من الامام قربا جعله من الافراد في الطريق الذين يحضرون و يؤذن لهم بمجالس الخلوة (وهي حضرة روحية في علوم الحكمة العالية ومشاهد علوم اليقين) عاينته عيون العناية فشرب من صافي رحيق الولاية حتى صار روحا صرفا ، لما اذن ركب الامام بالنزول النهائي لمصر بعد اقالته من وظيفته بالسودان 1915م قام بتقديم الاستاذ الشيخ محمد كامل الارزهلي لينوب عنه فكان نعم الخلف .فقد قام بجمع افراد الرجال وارشدهم وبث فيهم ما تلقاه عن الامام وفقههم في الدين و سقاهم من صافي رحيق علوم اليقين. و منهم من بلغ القدم الراسخ في الولاية والتمكين كصاحب الفضيلة الاستاذ الشيخ محمد احمد محمد على كما شهد له بذلك سماحة السيد احمد ماضي ابو العزائم حين ذكر تلاميذ الامام فقال “و منهم الاستاذ الشيخ الوقور الشيخ محمد احمد كان راضيا مرضيا وليا تقيا دفين الخرطوم” و عندما دنى انتقاله من الدار الفانية قام الاستاذ الشيخ محمد كامل الارزهلى بوداع الاخوان بالسودان، وذهب الى مصر حيث انتقل الى جوار ربه بعد اشهر من ذهابه عام 1935م وقدم على الاخوان فضيلة الاستاذ الشيخ محمد احمد والذي ارتضاه واقامه الامام رضي الله عنه خليفة للطريق بالسودان بعد انتقال الشيخ محمد كامل الارزهلي. وله ديوان شعر صوفي مطبوع .

الخليفة الثاني :مرشد السالكين وقدوة الاولياء الصالحين العارف بالله الاستاذ الشيخ محمد احمد بن محمد على الشويحي الجعلى. اشتهرت اسرته بالتقوى والصلاح وحب العلم ، حفظ القران بخلو ةالفكى العارف بالله الشيخ محمد الرباطابي على يد حفيده الفكي بشير بقرية المطمر ثم توجه الى مدينة الدامر  ،لما راى فيه اهل العلم والصلاح علامات النجابة طلبوا من والده ان يبعث به لامدرمان لتلقي العلوم فانتقل اليها عام 1900م حضر مجالس ودروس الشيخ محمد ودالبدوي شيخ علماء السودان وهناك تعرف واتصلت صلة المحبة في الله بينه وبين العارف بالله الاستاذ الشيخ قريب الله أبي صالح الطيبي السماني حيث تلقى على يديه مبادئ علوم التوحيد والفقه وفنون اللغة انتقل عام 1902م لمدينة الخرطوم ملتحقا بمعهد الخرطوم العلمي بمسجدها الجامع حيث اتلقى العلم على ايدي المشائخ العارفين نخص بالذكر منهم الاستاذ الباقر السيد المكي والعالم الشيخ محمد ود احمد السرورابي وكما صحب بعض العلماء الازهريين كالشيخ محمد العناني الازهري اجتمع فى العام 1918م وتلقى عهد الطريقة العزمية على العارف النورانى الاستاذ محمد كامل الارزهلى تلميذ و خليفة الامام أبي العزائم وصحبه حتى نزوله مصر .انتقل الى الرفيق الاعلى راضيا مرضيا فى الفاتح من فبراير 1965م عن ثمانين عاما قضاها في محراب القرآن و العلم والارشاد انتقل رضي الله عنه بهيكله الطاهر و ترك ابناء يحملون مشعل الدعوة و ينيرون الطريق و يهدون السالكين طريق رب العالمين وعلى راسهم العارف بالله الاستاذ الشيخ سيف الدين الشيخ محمد احمد الذي تلقى خلافة الطريق وامانة دار القرآن من بعد والده فكان خير خلف لخير سلف

الخليفة القائم : الخليفة القائم بالسودان سيدى مربي السالكين وقدوة العارفين الاستاذ الشيخ سيف الدين الشيخ محمداحمد ابوالعزائم ولد بالديوم القديمة في جو ملي باريج التقوى ووانوار القران والعلم حفظ القران بخلوة والده وتلقى على يديه العلوم الشرعية وعلوم اللغة العربية وعلوم تزكية النفس والحكمة العالية وبرز فيها جميعا . حباه الله بقلب سليم و عقل يعقل عن الله وفؤاد ذكي وشغف فطري للعلم ونهم الاستزادة دائم الاطلاع وله مكتبة نفيسة تحوى امهات الكتب في شتي العلوم . هذا بجانب ما وهبه الله له من زوق عالي في مشاهدات وارشادات الصوفية ولسان بيان تتدفق منه المعاني في جزالة لفظ وسحر تبيان
صحب رضي الله عنه خلفاء وافراد طريق الامام ابوالعزائم وتلقى عنهم ما تلقوه عن الامام فقد صحب السيد احمد ماضي ابو العزائم الخليفة الاول للامام واجازه بالطريقة العزمية واقامه شيخا لها بالسودان كما صحب السيد عزالدين ماضى ابو العزائم والذي ايده كذلك و الخليفة القائم السيد محمد علاء الدين ماضي ابوالعزائم .تقلد الخلافة من والده الشيخ محمد احمد عام 1965م ولم يتجاوز الثلاثين من عمره فقام بعون الله يدعو الى على بصيرة فجمع الله على يديه اهل سابقة الحسنى يقترفون من بحر علومه وفهومه وانواره .

مجمع الطريق بالخرطوم منطقة الديوم الشرقية به مسجد جامع و زاوية لاجتماعات ابناء الطريق و اقامة الحضرات وبه خلوة لتحفيظ القران الكريم بجانب تدريس العقيدة و الفقه و اللغة العربية والحساب من تاسيس الاستاذ الشيخ محمد احمد .
كما للطريق دور ومساجد وخلاوى ومجمعات بعدد من ضواحى الخرطوم مثل مسجد بري ومجمع جبرة ومسجد ببحري وولايات السودان بورسودان مدني عطبرة كسلا القضارف .