جريدة المجالس

عالمك الالكترونى لكل ما هو جديد معانا هتقدر تعرف كل الاخبار المحلية و الدولية من رياضية و سياسية و اقتصادية.

دين ودنيا

«الإفتاء» توضح حكم عمل النساء مع الرجال في مكان واحد: ليس كل اختلاء خلوة محرمة

747_42_0

أكدت دار الإفتاء أن “مجرد وجود النساء مع الرجال في مكان واحد ليس حرامًا في ذاته، وأن الحرمة إنما هى في الهيئة الاجتماعية إذا كانت مخالفة للشرع الشريف؛ كأن يُظهر النساءُ ما لا يحل لهن إظهاره شرعًا، أو يكون الاجتماع على منكر أو لمنكر، أو يكون فيه خلوة محرَّمة”.

وقالت الدار، فى فتوى لها، إن “أهل العلم نصوا على أن الاختلاط المحرم في ذاته إنما هو التلاصق والتلامس لا مجرد اجتماع الرجال مع النساء في مكان واحد”.

ودلت على ذلك السنة النبوية الشريفة: ففي الصحيحين عن سهل بن سعد الساعدي -رضى الله عنه- قال: «لَمَّا عَرَّسَ أَبُو أُسَيْدٍ
السَّاعِدِيُّ دَعَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ، فَمَا صَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا وَلَا قَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ إِلَّا امْرَأَتُهُ أُمُّ أُسَيْدٍ»، وترجم له البخاري بقوله: “باب قيام المرأة على الرجال في العرس وخدمتهم بالنفس”، وقال القرطبي في التفسير: “قال علماؤنا: فيه جواز خدمة العروسِ زوجَها وأصحابَه في عرسها”.

وأضافت: “قال ابن بطال في شرحه على البخاري: “وفيه أن الحجاب «أي انفصال النساء عن الرجال في المكان والتعامل المباشر» ليس بفرض على نساء المؤمنين، وإنما هو خاص لأزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كذلك ذكره الله في كتابه بقوله: « وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ»، وقال الحافظ ابن حجر في “فتح الباري”: وفي الحديث جواز خدمة المرأة زوجها ومن يدعوه، ولا يخفى أن محل ذلك عند أمن الفتنة ومراعاة ما يجب عليها من الستر، وجواز استخدام الرجل امرأته في مثل ذلك».

وفي الصحيحين أيضًا عن أبي هريرة “رضى الله عنه” في قصة أبي طلحة الأنصاري في إطعامه الضيف: أنهما جعلا يُرِيانِه أنهما يأكلان، فباتا طاويَين، وفي رواية ابن أبي الدنيا في “قِرى الضيف” من حديث أنس رضى الله عنه: أن الرجل قال لزوجته: أثردي هذا القرص وآدِمِيه بسمنٍ ثم قَرِّبيه، وأمري الخادم يطفئ السراج، وجعلت تَتَلَمَّظُ هي وهو حتى رأى الضيفُ أنهما يأكلان”، وظاهره أنهم اجتمعوا على طبق واحد. وقد قال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «قَدْ عَجِبَ اللَّهُ مِنْ صَنِيعِكُمَا بِضَيْفِكُمَا اللَّيْلَةَ»، ونزل فيهما قولُه تعالى: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾ [الحشر: 9].

وفي صحيح البخاري عن أبي جحيفة -رضى الله عنه- قال: آخَى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين سَلمانَ وأبي الدرداء، فزار سلمانُ أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء مُتَبَذِّلةً، فقال لها: ما شأنُكِ؟ قالت: أخوكَ أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا. فجاء أبو الدرداء فصنع له طعامًا.. إلى آخر الحديث، وقال الحافظ ابن حجر في “فتح الباري”: “وفي هذا الحديث من الفوائد.. جواز مخاطبة الأجنبية والسؤال عما يترتب عليه المصلحة”.

وأوضحت أن “الأعمال التي قد تقتضي طبيعتُها وجود الرجل مع المرأة في مكان واحد فإنه لا مانع منها إذا أُمِنَت الريبة وانتفت الخلوة، فمجرد وجود الرجال مع النساء في مكان واحد ليس حرامًا في نفسه، بل المحرم هو أن ينفرد الرجل مع المرأة في مكان بحيث لا يمكن الدخول عليهما، قال الإمام ابن دقيق العيد في “إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام” في شرح قوله – صلى الله عليه وآله وسلم -: «إيَّاكُمْ والدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ»: “مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ المَحَارِم وَعَامٌّ بِالنِّسْبَةِ إلى غَيْرِهِنّ، ولا بد مِن اعتبارِ أمرٍ آخَرَ، وهو أن يَكُونَ الدُّخُولُ مُقْتَضِيًا لِلْخَلْوَةِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَقْتَضِ ذَلِكَ فَلا يُمْتَنَعُ”.

وأكدت الإفتاء أنه “ليس كل انفرادٍ واختلاءٍ يُعَدُّ خلوةً محرمةً؛ فقد روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أنَس بن مالك -رضى الله عنه- قال: «جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فَخَلا بِهَا، فَقَالَ: «وَاللَّهِ إِنَّكُنَّ لَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ»، وفي بعض الروايات: «فَخَلا بِهَا فِي بَعْض الطُّرُقِ أَوْ فِي بَعْضِ السِّكَكِ»، وبوَّب الإمام البخاري على ذلك بقوله: «باب مَا يَجُوزُ أَنْ يَخْلُوَ الرَّجُلُ بِالمَرْأَةِ عِنْدَ النَّاسِ».

وتابعت: «قال الحافظ ابن حجر في “فتح الباري”: “وفيه أن مفاوضة المرأة الأجنبية سرًّا لا يقدح في الدين عند أمن الفتنة»، وقال الملا على القاري في “مرقاة المفاتيح”: «وفيه تنبيه على أن الخلوة مع المرأة في زقاق ليس من باب الخلوة معها في بيت».

وبينت الإفتاء أن ضابط الخلوة المحرَّمة كما قال الشيخ الشَّبْرامَلِّسي الشافعي في حاشيته على “نهاية المحتاج”: «اجتماعٌ لا تُؤمَن معه الرِّيبَة عادةً، بخلاف ما لو قُطِع بانتفائها عادةً فلا يُعدُّ خلوة»، مضيفة أنه مجرد إغلاق الباب إغلاقًا مِن شأنه أن يسمَح لأي أحد بفتحه والدخول في أي وقت لا يجعله من باب الخلوة المحرَّمة.