جريدة المجالس

عالمك الالكترونى لكل ما هو جديد معانا هتقدر تعرف كل الاخبار المحلية و الدولية من رياضية و سياسية و اقتصادية.

غير مصنف

من لا يتذكر مجازر 17 أكتوبر 1961 ؟بقلم الكاتبة و الباحثة يمينة زرينيز

14658203_1321867644512439_1063835758_n

بقلم الكاتبة و الباحثة يمينة زرينيز

 مكتب-الجزائر

تمر 55 سنة على أحداث 17 أكتوبر/تشرين الأول 1961 الأليمة دون أن تعترف بها فرنسا رسميا. يوم خرج فيه جزائريو فرنسا للتظاهر ليلا من أجل إنهاء حظر التجول الذي فرضته الحكومة الفرنسية على الجزائريين فقط. ليلة مظلمة قتل خلالها مئات المتظاهرين وأصيب فيها الآلاف بجروح. و يحيي الجزائريون في فرنسا الذكرى 55 لأحداث أكتوبر/تشرين الأول 1961 التي راح ضحيتها مئات المهاجرين الجزائريين الذين قتلوا على أيدي رجال الشرطة الفرنسية خلال مظاهرات في باريس دعت إليها جبهة التحرير الوطني للتنديد بقرار حظر التجول الذي فرضه موريس بابون رئيس الشرطة آنذاك على الجزائريين فقط. المواجهات الأولى بين المهاجرين الجزائريين والأمن الفرنسي بدأت في الواقع في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر في أحياء متفرقة من العاصمة، لكن تدهور الوضع الأمني في باريس دفع حكومة ميشال دوبري – اليمين الجمهوري- إلى فرض حظر تجول في العاصمة وضواحيها والطلب من موريس بابون تطبيق هذا القرار بحزم. في بيان ، دعا بابون في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول 1961: “جميع العمال الجزائريين إلى عدم التجول ليلا في شوارع العاصمة باريس وضواحيها، تحديدا بين الثامنة والنصف مساء والخامسة والنصف فجرا”. كما أمر أيضا أصحاب المقاهي والحانات الجزائريين بإغلاق أبوابهم في السابعة مساء”. وكان الهدف من هذا الإجراء كسر العلاقة التي كانت قائمة بين الفيدرالية الفرنسية لجبهة التحرير الوطني والثورة الجزائرية والقضاء على الدعم المالي والسياسي اللذين كانت الجالية الجزائرية في فرنسا تقدمهما للثوار الجزائريين. وأثار قرار فرض حظر التجول انتقادات لاذعة من قبل العديد من الأحزاب السياسية الفرنسية، وعلى رأسها الحزب الشيوعي الفرنسي والكونفدرالية العامة للعمال ووصف القرار “بالتعسفي” وغير “القانوني”، خاصة وأن الجزائريين كانوا يتمتعون آنذاك بكافة الحقوق التي يتمتع بها الفرنسي كون الجزائر كانت جزءا من فرنسا. ولفك العزلة عن جبهة التحرير الوطني في فرنسا، قرر مسؤولو الجبهة، وعلى رأسهم علي هارون الذي كان يترأس الفدرالية الفرنسية لجبهة التحرير الوطني، تنظيم ثلاث مسيرات احتجاجية في 17 أكتوبر/تشرين الأول 1961 للتنديد بقرار حظر التجول الذي فرضته الحكومة الفرنسية آنذاك وخرقه في الميدان. ولإنجاح هذه العملية السياسية التي وافق عليها كبار مسؤولي الجبهة في الجزائر، دعت القيادة جميع الجزائريين إلى المشاركة بصحبة عائلاتهم وأولادهم في مسيرات احتجاجية ليلية للتنديد بحظر التجول المفروض عليهم. ورغم الانتشار الكثيف للشرطة الفرنسية في جميع ساحات العاصمة وشوارعها الرئيسية، نجحت ثلاث مسيرات احتجاجية في الخروج بعد الثامنة مساء، متحدية الطوق الأمني الذي فرضته وزارة الداخلية. المسيرة الأولى انطلقت من جسر “نويي” باتجاه ساحة “الايتوال” والثانية من ساحة “أوبرا” إلى ساحة “الجمهورية”. والثالثة من ساحة “سان ميشال” إلى شارع “سان جيرمان دو بري” في الدائرة السادسة. لكن المتظاهرين واجهوا قمعا عنيفا من قبل رجال الشرطة الذين أطلقوا عليهم النار لتفريقهم ما أسفر عن مقتل ما بين 30 إلى 200 متظاهر- لا توجد أرقام رسمية متفق عليها من قبل الجميع- وإصابة المئات بجروح، كما قامت الشرطة باقتياد الآلاف إلى مراكز الأمن وإلى مواقع أخرى، مثل الملاعب والقاعات الرياضية. ويقال أيضا أن الشرطة رمت ببعض الجزائريين في نهر “السين” فغرقوا ولم يسعفهم أحد. على المستوى السياسي، هاجم بعض نواب اليسار حكومة “ميشال دوبري” اليمينية، ودعوا إلى تشكيل لجنة تحقيق برلمانية لكشف ملابسات الحادث وتحديد المسؤوليات، لكن هذا الطلب واجه معارضة شديدة من أحزاب اليمين في البرلمان الفرنسي. وتناولت الصحافة الفرنسية أحداث تلك الليلة العنيفة التي عاشها جزائريو فرنسا لا سيما الصحف المحسوبة على اليسار مثل “ليبراسيون” و”لومانيتي” و”نوفيل أوبسيرفاتور”، فضلا عن جريدة “لاكروا” الكاثوليكية التي انتقدت بشدة سياسة العنف التي اعتمدتها الحكومة لقمع مظاهرة سلمية. ظلت مجازر أكتوبر/تشرين الأول 1961 مكبوتة في ذاكرة الجزائريين والطبقة السياسية الفرنسية لسنوات طويلة، لكن هذه الأحداث خرجت من طي النسيان في أكتوبر/تشرين الأول 2001 عندما قرر برتران دو لانوي عمدة باريس رفع لوحة تذكارية فوق جسر “سان ميشال” بالدائرة السادسة، وهو قرار انتقده عدة نواب من اليمين الفرنسية كما تأسفت مونيك هيرفو لكون “صمت الدولة” قد دام 51 سنة إلى غاية عهدة الرئيس فرانسوا هولاند الذي اعترف رسميا بوجود “قمع دموي” ولكن دون ان يتفوه بمصطلح “مجازر”. وهو الأمر الذي دفع بالمناضل المناهض للعنصرية و الاستعمار و من اجل الذاكرة هنري بويليي إلى استجواب الرئيس الفرنسي الحالي حول هذه المجازر مطالبا إياه مجددا الاعتراف ب”جريمة الدولة” التي ارتكبتها فرنسا. في رسالة مفتوحة لفرانسوا هولاند نشرها في مدونته الشخصية ذكر هذا الشاهد على حرب التحرير وأعمال التعذيب التي ارتكبتها فرنسا بالجزائر الرئيس الفرنسي أنه بتاريخ 15 أكتوبر 2011 وبصفته مرشح لرئاسة الدولة الفرنسية وقع عريضة بادرت بها “مجموعة 17 أكتوبر 1961″ تطالب رئيس الجمهورية ب”الاعتراف وإدانة هذه الجريمة التي ارتكبتها فرنسا في 17 أكتوبر 1961.” “بتاريخ 17 أكتوبر 2012 نظرا لعدم تلقي المجموعة جواب على رسالتيها كنت أنا من بين المناضلين (لكوني أحد منشطي هذه المجموعة) الذين انتظروا لأكثر من ساعة تحت الأمطار أمام باب قصر الاليزيه دون أن يتم استقبالنا” يكتب هنري بويليي مشيرا إلى أنه اطلع على موقفه كرئيس دولة عن طريق الإعلام. يعيب هنري بويليي على فرانسوا هولاند نسيانه في تصريحه “الموجز” بخصوص مجازر 17 أكتوبر 1961 أن يشير من هو المسؤول عن هذه “الأحداث” التي يقول أنها “لم يعترف بها كجريمة دولة كما تعهدتم بذلك منذ سنة مضت”.