أثار قانون الخدمة المدنية الذي أصدرته الحكومة في شهر مارس الماضي – وبدأ تطبيقه اعتبارا من الأول من يوليو الماضي- ردود أفعال متباينة لدى موظفي الحكومة الخاضعين للقانون، لوجود بعض البنود غير واضحة بالنسبة لهم.

فبعض موظفي الدولة رأوا أن القانون يضر بمصالحهم ويخفض الأجور، مطالبين بالتراجع عن تطبيق القانون أو تعديل بعض بنوده، و جاءت أهم اعتراضات الموظفين على القانون في بعض المواد على رأسها المادة 35 الخاصة بنظام الأجور الجديد، والتي قسمت المرتب إلى أجرين فقط الوظيفي والمكمل، و المادة 36 والتي تنص على أن يستحق الموظف علاوة دورية سنوية في الأول من يوليو التالي لانقضاء سنة من تاريخ شغل الوظيفة، أو من تاريخ استحقاق العلاوة الدورية السابقة، بنسبة 5% من الأجر الوظيفي، والمادة 56 والتي تنص على لا يجوز توقيع أي جزاء على الموظف إلا بعد التحقيق معه كتابةً، وسماع أقواله وتحقيق دفاعه، ويكون القرار الصادر بتوقيع الجزاء مسبباً.
ويجوز بالنسبة لجزائي الإنذار والخصم من الأجر لمدة لا تتجاوز ثلاثة أيام أن يكون التحقيق شفاهةً، على أن يثبت مضمونه في القرار الصادر بتوقيع الجزاء، فضلا عن المادة 24، والتي تنص على أنه لا يجوز بأية حال أن يعمل موظف تحت الرئاسة المباشرة لأحد أقاربه من الدرجة الأولى في نفس الوحدة، والمادة الخاصة بوضع السلطة نظاماً يكفل تقويم أداء الموظف بالوحدة بما يتفق وطبيعة نشاطها وأهدافها ونوعية وظائفها، ويكون تقويم أداء الموظف عن سنة مالية مرتين على الأقل قبل وضع التقرير النهائي، والمادة 47 والتي تنص على أنه يجب على الموظف أن يتقدم بطلب للحصول على كامل إجازاته الاعتيادية السنوية، ولا يجوز للوحدة ترحيلها إلا لأسباب تتعلق بمصلحة العمل وفى حدود الثلث على الأكثر، ولمدة لا تزيد على ثلاث سنوات.
وإذا لم يتقدم الموظف بطلب للحصول على إجازاته على النحو المشار إليه، سقط حقه فيها وفي اقتضاء مقابل عنها، أما إذا تقدم بطلب للحصول عليها ورفضته السلطة المختصة استحق مقابلا نقديا عنها يصرف بعد مرور ثلاث سنوات على انتهاء العام المستحق عنه الإجازة على أساس أجره الوظيفي في هذا العام .
وأعلن المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، إن القانون الجديد لن يضار فيه أي موظف، بل يحمي الدولة من العشوائية، مشيرًا إلى أن مصر تحتاج إلى منظومة حقيقة للإصلاح الإداري من خلال الحكومة الإلكترونية.
وأكد الدكتور أشرف العربي، وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري أن ما تردد بشأن تراجع الحكومة أو إعادة النظر في تطبيق القانون غير صحيح، مشيرا إلى أن القانون يعد أحد أهم ملامح الإصلاح الإداري وأن الحكومة مصممة على تحقيق الإصلاح الإداري .
ووصف العربي قانون الخدمة المدنية بأنه “مرن و بسيط” ، مشددا على أنه من خلال الممارسة العملية على المدى البعيد – إذ وجد هناك خللا فيه – سيتم تعديله في اللائحة التنفيذية فقط وليس بنود القانون ، موضحا أن قانون الخدمة المدنية الجديد، سيكون رادعًا للموظف المتهرب والكسلان، ويكافح الفساد والواسطة والمحسوبية، ويسمح بظهور الكفاءات ، ويقضى على الممارسات الخاطئة ، ويعالج التفاوت الكبير في الأجور فيما يتعلق بالعاملين في الدولة ، فبعض بعض الموظفين يحصلون على حافز إثابة بنسبة ٣٠٠٪ وفى جهات أخرى يتراوح ما بين ١٠٠٠إلى ١٥٠٠٪ ، وبالتالى عند تطبيق الزيادات السنوية يستمر التفاوت بينهم بشكل كبير.
وأكد العربي أن بعض الفئات لا يشملها القانون منها المعلمين والأطباء والقضاة وكذلك هيئة النقل العام واتحاد الإذاعة والتليفزيون وقطاع الأعمال العام ، فالقانون يطبق على الجهات التي كانت مخاطبة بالقانون ٤٧ لسنة ١٩٧٨ .
وقال د. هاني قدري دميان وزير المالية أن الأجور كانت عام ١٩٨٢ نحو 1.5 مليار جنيه وأصبحت الآن ٢١٨ مليار جنيه ، مما يعكس الزيادة الكبيرة في أجور الموظف العام ، مشيرا إلى أن الحكومة اهتمت بالفئات المهمشة من خلال مجالات الإسكان منخفض التكاليف والمخصص له ١٣ مليار جنيه ، إضافة للمعاشات التضامنية بقيمة ١٠ مليارات جنيه ، و أن هذه الأموال تأتي من خلال إعادة ترتيب الأولويات للموارد المحدودة جدا ، وأكد على أنه رغم قدراتنا المحدودة إلا أن القانون سيرسخ مبدأ من جد وجد من خلال نظم إثابة موجهة لمن ينتج أكثر وأيضا للحصول على الحوافز .
كانت بعض الفئات قد قامت بعمل وقفات احتجاجية ضد القانون ومنها هيئة النقل العام و الأطباء ، كما قدمت النقابة العامة للعاملين بالبنوك والتأمينات، مذكرة لرئاسة الجمهورية، للمطالبة باستثناء العاملين بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعي وصندوق العاملين بقطاع الأعمال العام والخاص من قانون الخدمة المدنية.
من جهتها نفت غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي خضوع هيئة التأمينات الاجتماعية لقانون الخدمة المدنية الجديد ، وأكدت أن الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي مستقلة طبقاً لحكم المادة 17 من الدستور ، وكذا نص المادة 11 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 حيث تقضي بأن مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي هو السلطة العليا المهيمنة على شئونها وتصريف أمورها، وله إصدار القرارات واللوائح الداخلية المتعلقة بالشئون المالية والإدارية والفنية للهيئة وشئون العاملين وذلك دون التقيد بالقواعد والنظم الحكومية.
كما أكد جلال مصطفى سعيد محافظ القاهرة أن هيئة النقل العام بالقاهرة ليست مخاطبة بالتعديلات المقترحة لقانون الخدمة المدنية والذي ينطبق على الجهات الحكومية التي ينظمها القانون 47 لسنة 1972 ، موضحا أن هيئة النقل العام هيئة اقتصادية خدمية لا ينطبق عليها هذا القانون .
وأوضح الدكتور أشرف العربي وزير التخطيط إن قانون الخدمة المدنية القديم، استمر 37 عامًا وتم إجراء 12 تعديلاً لمواده، إلا أن القانون الجديد صدر بشكل نهائي في مارس الماضي، بعد أن استجابت الحكومة من خلاله لأكثر من 90% من الملاحظات الواردة حول القانون عبر المناقشات والحوار المجتمعي مع كافة موظفي الدولة ، مؤكدا أن التعيينات في الحكومة ستكون بنظام المسابقات ، وستعلن عنها الحكومة في شهري يناير ويوليو ، وسيكون الاختيار للكفاءات ، ولا يوجد استثناء وذلك للقضاء على الوساطة والمحسوبية إلا فى التعيين برئاسة الجمهورية، ورئاسة الوزراء، بسبب طبيعتهما السيادية، بينما تطبق عليهما باقى مواد القانون.
وأوضح أن القانون الجديد يعمل بنظام ٣٦٠ درجة ، حيث يعطي ولأول مرة الحق للموظف العام في أن يقيم نفسه ويقيم مديره في حين أن القانون ٤٧ المعمول به كان يقصر التقييم على المدير فقط ، كما أن المواطن في قانون الخدمة المدنية يستطيع أن يقيم الخدمة المؤداة له ، مما يساهم في انعكاس ذلك بشكل إيجابي على جودة العمل ،فيضمن أفضل نظم تقييم الأداء للموظف، ويربط الحافز المقدم له بالأداء، لافتاً إلى أنه رغم تذمر المواطنين من أداء الموظف الحكومي إلا أن الـ 6.5 مليون موظف كانوا يحصلون على امتياز وفقا للقانون القديم .
وأشار إلى أن قانون الخدمة المدنية الجديد يعطى الفرصة للموظف مرتين لتحسين أدائه قبل أن يتم الخصم من أجره المكمل، ويقلل الفوارق غير المبررة بالمرتبات داخل الجهاز الإداري للدولة.
وأشار وزير التخطيط إلى ان القانون لا يسمح بفصل الموظفين بشكل تعسفي، فالقانون ينص على أن الموظف إذا حصل على تقدير ضعيف سنتين يسمح بنقله في السنة الثالثة وخصم نصف راتبه في السنة الرابعة والعرض على الموارد البشرية في السنة الخامسة للنظر في فصله عكس القانون الحالي الذي يتيح فصل القانون بعد الحصول على تقييم ضعيف لمدة عامين ، وأضاف أن المادة ٤٠ من القانون تهدف إلى تقليل الفوارق المالية غير المبررة بين الهيئات والجهات المختلفة بأن يصبح الأجر المكمل قيمة مطلقة وليس نسبة لتقليل الفوارق بين الهيئات المختلفة ، وهو أمر كان يعاني منه الموظفين سابقا بوجود فوارق مالية كبيرة بين جهة واُخرى .. مؤكدا ان نظام الترقية في القانون يتيح للموظف الترقية والعلاوة التشجيعية كل ٣ سنوات بنسبة ٢،٥ ٪ من الأجر الوظيفي مما يعد دافعا لتشجيع الشباب.
وبين العربي أن قانون الخدمة المدنية الجديد يعطى للموظفة إجازة وضع أربعة أشهر مدفوعة الأجر بدلا من ثلاثة أشهر ، ،أنه وفقا للقانون الجديد يحق للموظف طلب الاستبدال المبكر للمعاش مع إعطائه الدرجة الوظيفية الأعلى بشكل اختياري.